9

94 9 4
                                    

الأحد.
مريضة جدا، لكن لحسن حظها جارتهم الطبيبة إهتمت بها جيدا و إعتنت بها.
الإثنين.
خرج من المصعد و تقدم خطوات نحو مكتبه. أدار المفتاح ثم أمال رأسه يمينا ناحية آخر الرواق أين مكتبها... بقي طيلة اليوم يراقب مكتبها المغلق... إستغرب من غيابها فهي مواظبة جدا ومنظبطة بعملها!
الثلاثاء... لم تأت أيضا.
هل يعقل أنها تركت العمل؟ ربما إنزعجت مما حدث يوم السبت! لكنها لم ترسل إستقالتها!
توجه إلى مكتب العجوز ليسأله عن المتغيبين.. إستغرب من سؤاله! فليس من عادته أن يهتم بالحاضر والغائب، كما أن هذا الأمر ليس من مشمولاته!
نظر إليه بحدة "ماذا؟ ألا تعلم من غاب عن العمل؟"
- بلى، السيد ج. لديه إجازة أبوة لمدة شهر بدأت منذ يوم الجمعة؛ السيد م. إبنته تعرضت لكسر يدها بالمدرسة و أخذ 3 أيام إبتداءا من اليوم، والسيدة لارا بعثت شهادة طبية لمدة 9 أيام. هذا في فريقنا، بالنسبة للفريق..."
قاطعه قائلا "ثلاثة غائبين مرة واحدة! حسنا إصرف منحة الولادة للسيد ج. و إبعثوا هدية لبيتهم"
- بالنسبة للمنحة لقد تم، لكن الهدية هل نبعثها اليوم؟
- بل حالا !
- إمممم... حسنا
- بخصوص إبنة السيد م. ...
- لا داعي، مصاريف العلاج لعائلات موظفينا مذكورة ببند العقد.
- حسنا، و بخصوص لارا، فليذهب أحد زملاءها لتفقدها.
إندهش العجوز لكنه إبتسم بلؤم "هل نحن متعودون على تفقد موظفينا المرضى في بيوتهم يا سيدي؟"
فهم ريان تلميحاته... نظر إليه كأنه ينبهه ويحذره مما يجول في خاطره "لا تسمح لخيالك أن يأخذك  بعيدا!"

 نظر إليه كأنه ينبهه ويحذره مما يجول في خاطره "لا تسمح لخيالك أن يأخذك  بعيدا!"

اوووه! هذه الصورة لا تتبع إرشادات المحتوى الخاصة بنا. لمتابعة النشر، يرجى إزالتها أو تحميل صورة أخرى.

غادر المكتب بعصبية وهو يخبره أن يهتم بعمله...
إبتسم العجوز بلؤم و عاد لأوراقه وهو يقول بصوت خافت "لنرى إلى أين سيقودني خيالي" ثم إنفجر ضاحكا.

مساءا، رن جرس بابها... سارعت والدتها بفتحه وهي تعرف أن صديقات إبنتها لن يتركنها ترتاح! يومان وهن الثلاثة هنا...
لكن هذه المرة وجه غير مألوف... شابة بوجه جميل و بضحكة صيفية أمام الباب.

 شابة بوجه جميل و بضحكة صيفية أمام الباب

اوووه! هذه الصورة لا تتبع إرشادات المحتوى الخاصة بنا. لمتابعة النشر، يرجى إزالتها أو تحميل صورة أخرى.

علمت أنها صديقة لارا من العمل... دخلت و هي تمازح صديقتها :"كنت أعلم أنه سيمرضك! لا أحد يعمل معه إلا وتنتقل إليه موجاته السوداء"
نظرت إليها والدتها بدهشة و بعينيها ألف سؤال... في حين إبتسمت لارا بشحوب و رمت صديقتها بوسادة "أنت تبالغين!"
إلتفت إلى والدة لارا و أكملت :" سيدتي أنت لا تعرفين مدير إبنتك! إنه شرير ! أقسم لك أنه شر أسود على هيأة بشر!"
نظرت لارا لوالدتها ضاحكة رغم تعبها :"لا تصدقيها أمي، ميرا فقط تبالغ، تحب أن تمزح هكذا"
هزت كتفيها وذهبت إلى المطبخ لتجلب القهوة ثم تترك الفتاتين تتبادلان أطراف الحديث..
سألتها ميرا كيف مرضت بهذه الشدة، فأخبرتها بما حصل يوم السبت..
- ماذا؟ هل وافقته على العودة سيرا كل تلك المسافة؟ هل جننتي يا فتاة؟
- لم يكن السائق متاحا..
- واضح أنه كان يستهزء بك
- ميرا يكفي أرجوك، أعرف أنك لا تحبينه لكنه ليس بهذا السوء!
رفعت ميرا إصبعين أمام أعين لارا وهي تقول :"لديه سيارتين و سائقين يا فتاة! إن ذهب أحدهما يحل محله الآخر! كما أنه سائق الشركة متاحا أيضا ! أصبحوا ثلاثة يا فتاة" رفعت إصبعها الثالث و أكملت "كما أنه يمتلك سيارات أخرى على ملك الشركة! واضح أنه تعمد تعذيبك يا فتاة! أييي مسكينة أنت!"
سمعت والدتها هذا الكلام وهي تجلب القهوة... رمقت إبنتها بطريقة جعلتها ترتبك...
لم تطل ميرا البقاء، إنصرفت قبل حلول الظلام تاركة صديقتها تحاول إيجاد أجوبة لأسئلتها "هل حقا كان يعاقبها؟ هل كرهها بسبب رفضها كأسه المكسور؟ هل يعاقب الناس بهذه القسوة؟"
دخلت والدتها لتقطع حبل أفكارها "صديقتك لطيفة جدا"
- نعم، إنها الأفضل بين الجميع
- ومديرك واضح أيضا أنه الأحقر من بين الجميع
رفعت عينيها لوالدتها كأنها تريد الدفاع عنه، لكنها لم تقدر ... فلا أعذار قد تخفي حقيقة الأمر...
رن هاتفها، رقم مجهول "أجيبي أنت، لا مزاج لدي بالحديث" (ثم إلتفتت لتنام مخفية رأسها تحت الغطاء و عيونها تدمع من الألم)
في الطرف الآخر من الهاتف كان هو، يريد فقط الإطمئنان عليها... أجابته والدتها أنها ستتحسن قريبا ولكن يجب أن ترتاح لفترة... سألها متى بإمكانها العودة إلى العمل؟ كان مشتاقا فعلا لرؤيتها، لرؤية باب مكتبها مفتوحا... قد أصبح كل شيء حزينا في غيابها...
لكن سؤاله إستفز والدتها، فأجابته بحدة "لن تعود قبل أن تشفى تماما! واضح؟"
إستغرب من نبرة صوتها العالية ثم أخبرها أنه يتمنى لها الشفاء العاجل..
- إسمك من فضلك حتى أخبرها بإتصالك؟
- لا عليك، قولي لها زميلها من العمل.
- إمممم لا علي! واضح أنك تريد إخفاء هويتك يا هذا! لكن لا يهمني، طلب بسيط أيها المجهول الهوية لو سمحت؟
فتح عينيه من هذا الأسلوب الغريب في التحاور لكنه أجابها:
- ماذا ؟
- أخبر مديرك أنه لو تجرأ مرة أخرى على إيذاء إبنتي فسآتي و أقتلع عينيه!
- حسنا سيدتي، فلتأتي وتقتلعي عينيه.
- شكرا إبني، إلى اللقاء.
- إلى اللقاء سيدتي، تشرفت بسماع صوتك.
وقف أمام نافذته يراقب أسراب السحاب وهو يتساءل عن أي أذى تحكي والدتها؟ لم يفعل لها شيئا!يكره أن يبقى عالقا بين الأسئلة... يكره أن تغيب عن ناظريه...

 يكره أن تغيب عن ناظريه

اوووه! هذه الصورة لا تتبع إرشادات المحتوى الخاصة بنا. لمتابعة النشر، يرجى إزالتها أو تحميل صورة أخرى.
يد القدرحيث تعيش القصص. اكتشف الآن