- هل لاحظت تغيرها؟ إلتفتت له محتارة وهي تودع إبنتها... رفع حاجبيه و تنهد بعمق... كان واضحا أن حفيدته تشكو من خطب ما... مد يديه على الأريكة و أجابها حتى لا يثير قلقها "ربما حامل!" - لا! لو كانت كذلك لأخبرتني! - أتركي التفكير السلبي يا إبنتي! ها قد رأيناها بصحة جيدة ولا تشكو من شيء! - لا! لا أعرف كيف أشرح لك! لارا منطفئة! كأن قوتها قد خبت... كأنها شخص غريب... ألم تلاحظ نظراتها الغريبة؟ صمتها و كلامها القليل؟ لو لم أكن أعرف إبنتي جيدا لقلت أنها تتعاطى شيئا ما! - أنت تبالغين! الفتاة جميلة وهادئة... ربما متعبة.. - ربما... وضعت يدها على صدرها لعلها تطمئن قلبها الحائر...
اوووه! هذه الصورة لا تتبع إرشادات المحتوى الخاصة بنا. لمتابعة النشر، يرجى إزالتها أو تحميل صورة أخرى.
لا أحد قد يفهمك أكثر من عائلتك... شقيق أو أب أو أم... لا أحد يستطيع النظر داخل عينيك و قراءة روحك أكثر منهم... لكن لارا إنسحبت من عالمهم... لم تكن على دراية بالأمواج التي حملتها بعيدا عنهم... كانت تبحر وحيدة في ظلمات ذلك البحر الأسود وهي تحاول اللحاق بريان... كان يجذبها لعالمه دون أن تدري... كل محاولتها للإقتراب منه... جعتلها تنسحب لعالم لا تعرفه... في حين بقي هو مكانه، ينتظر وصولها بلهفة لإنقاذه... لم يرشدها للطريق الصحيح، فظلت طريقها... و طال إنتظاره... حل الربيع أخيرا... قرر مفاجأتها لعل مزاجها يتحسن... سافرا طويلا إلى أن وصلا أمام بيت على الشاطئ... مر وقت طويل منذ أن رأت البحر آخر مرة... لاحظ سكينتها وهي تجلس على الصخور لساعات... كأنها تخاطب البحر... كأنه يستمع لها... تمسك بتلك الصدفة بقوة وعيناها تلاحقان الأمواج... أحيانا تضعها على أذنها كأنها تستمع لكلامها وتبتسم... لأول مرة تشعر بالإرتياح... ولأول مرة يراها بتلك الحالة العجيبة من السلام والهدوء... مع الوقت تلاشت تلك النظرات الباردة الغريبة... عادت لتبتسم ولتنظر إليه بلطف... كان يقف بجانبها صامتا كعادته، كأنه يحرسها من البحر... أسبوعين فقط. هذه مدة عطلتهما... لاتريد العودة إلى المدينة، ولا إلى ذلك البيت! يمكنه تركها هنا إلى الأبد! صحيح أنه إستأجر هذا البيت الصغير من أجلها، لكنها عشقت البحر و ملمس الصخور و مغازلة الرمال لقدميها... شعر بالرضا وهي تهتم بالبيت وتطبخ (بدون إزعاج باري)... مر الأسبوع الأول بسرعة... عادت لنفسها قليلا... بدأت تستجمع نفسها... مر يومان... شعرت بإقتراب موعد العودة... الأمر يحزنها ويوترها... هربت إلى الشاطيء لعله ينقذها... لاحظ ريان هروبها منه... أو هكذا كان يخيل له... لم يكن يدرك أنها تحاول إيجاد نفسها... أنها تحاول سحب نفسها من عالمه، من بحره الراكد والعميق... - سنعود غدا... نظرت إليه بحزن و كأنها تستجديه... وقف إلى جانبها على الشرفة وهو يشاهد إنعكاس القمر على الأمواج المتثاقلة... - أجل... أدارت رأسها إلى البحر كأنها تريد معانقته... يدها على الصدفة في عنقها كأنها تحميها من زمجرة البحر... - أين قلادتي؟ سألها بنبرة لم تفهمها