إنشغلت في العمل دون أن تلاحظ تسلل ميرا لمكتبها
"هاي، يا فتاة!"
رفعت رأسها متفاجئة ثم أشارت لها بالذهاب للحاق بها... تعودت الإفطار معها بمطعم الشركة كل يوم. الوحيدة التي تخفف عنها ضغوط العمل بمزاحها و أسلوبها المضحك.فجأة مسكت يدها " أوها! ماهذا؟" سألتها بدهشة وحماس..
سحبت لارا يدها في خجل لكن سرعان ما أعادت ميرا سحب يدها وهي تنظر إلى الخاتم "جميل جدا! حقا إنه مميز!"
- شكرا، أجابتها بخجل
-هل إرتبطت؟
أومأت رأسها وهي تحاول الهروب من صديقتها التي إنهالت إثر ذلك بسيل من الأسئلة... حاصرتها من كل مكان... شهقت وهي تسمع أن الخاتم من المدير
- هل جننتي يا فتاة؟
-ماذا؟ لماذا أجن؟ أجابتها بإستنكار
- إنه شرير! شرير يا إبنتي! هل حقا ستتزوجين ذلك الوحش؟
- أرجوكي ميرا! أعلم أنك لا تحبينه لكنه ليس سيئا لتلك الدرجة!
رفعت يديها كأنها تستلسم بغضب وهي تجادلها "ماذا تعرفين عنه؟ ما الذي يجعلك تتزوجين شخصا مثله؟"
شردت لارا للحظة... لا تعرف الكثير عنه، لكنها تشعر أنها تعرفه كثيرا، أكثر من أي كان... رفعت رأسها وهي تستنكر "أعرف مايكفي! ثم إنه شخص جيد. قد لا يظهر ذلك لكنه..."
- هكذا أنتن يا فتيات، تعشقن من هنا، فيصيبكن عمى تام من هناك!
- ميرا أرجوكي! كفى!
- حسنا، لن أتكلم بعد الآن! مررت أصابعها على فمها في حركة إغلاق.
صمتت قليلا ثم سألتها "ماهو موقف والدتك؟"
- لا شيء ... فقط طلبت وقتا أكثر للتعارف.
- أفضل... ستكون فترة الخطوبة كافية للتعارف.
- الزفاف بعد أسبوعين..
-ماذا؟!! شهقت بصوت عال أثار إنتباه الجميع
- صه ! ستفضحيننا!
- ما الذي أعجبك في ذلك الصنم؟! حتى عيناه باردتان كقطعتي جليد!
أغمضت لارا عيناها وهي تتذكر نظراته العاشقة تندفع كشلال يغمرها... "بل عيناه كبئر عميق.." أجابتها بصوت حالم
- واضح ! بئر عميق وقعتي فيه وستغرقين! أهنئك على إختيارك!
شعرت لارا بالإنزعاج من كلام صديقتها، لكنها لا تهتم...
نادرا ما تراه، منشغلا بالعمل و بتجهيزات الزفاف بنفس الوقت... تتصل به ليلا لتسأل عن الجديد... كلامه مقتضبا كالعادة.. يجيبها أن كل شيء يسير كما يجب.
مر الأسبوعان بسرعة رهيبة...
حان الوقت...
كان الحفل جميلا رغم أن أغلب الضيوف من معارفه... موسيقى هادئة و كل شيء يبدو مثاليا للغاية...
بقي يراقب تصرفاتها وهي تقبل والدتها و صديقاتها.. تبدو جميلة جدا... السعادة بادية على وجوه الجميع بإستثناء والدتها... كانت إبتسامتها غريبة جدا...
حان وقت عقد القران... جلست إلى الطاولة بجانبه... تم كل شيء بسرعة... حان دورها للموافقة.. "أجل" قالت بخجل و سعادة في الآن ذاته.
إبتسم وهو يعطيها القلم لتمضي... تسمرت عيناها وهي تقرأ ذلك الشرط ... من يطلب الطلاق يدفع تعويضا بثروة ضخمة للمتضرر.
لم تكن تعلم مسبقا بوجود هذا الشرط الإلزامي! لم يخبرها! رفعت عيناها إليه بدهشة... إبتسم بلطف... بقي القلم في يدها والضيوف بدؤوا يلاحظون إرتباكها. نظرت مباشرة لوالدتها... علمت أن هناك خطب ما بإبنتها... توترت وعيناها لا تفارق أعين إبنتها...إستجمعت لارا نفسها... لا يمكنها أن تتراجع الآن! لا تستطيع أن تتركه وسط الفضيحة... أمضت أخيرا على الورقة...
سارع الجميع بتهنئتهم... لكل من يعرفه لاحظ السعادة في عيونه... في حين بقيت هي تفكر في سبب هذا الشرط الغريب... كانت تنظر إليه بإستنكار و تصطنع الإبتسامة أمام الجميع...
إنتهى الحفل أخيرا... عاد بها لبيته... بقيت شاردة طيلة الطريق بعد أن ضايقته ببكاءها وهي تودع والدتها... لأول مرة في حياتها تفارقها... لكنها مطمئنة لوجود جدها و صديقاتها معها بتلك الليلة...
دخلت لبيته لأول مرة... كل شيء بالألوان أبيض، أسود، رمادي... لا وجود للون آخر بالبيت، مع إضاءة ساطعة... بقي يراقبها وهي تتنقل داخل بيته... كأنه لوحة قد إكتملت بحضورها...سألته عن الحمام... إستغربت من المرآة العاكسة... شوهت شكل وجهها تماما كتلك التي في مكتبه...
أثار الأمر فضولها فبدأت بإستكشاف البيت... لا وجود إلا لمرايا مموهة... بدأ الأمر يخيفها...
غيرت ملابسها و جلست تنتظره... سمعت صوت خطواته متثاقلة خارج الغرفة... نبض قلبها يتسارع من الخوف... لأول مرة تخاف منه، لا تعرف لماذا... ربما بسبب منزله الغريب... ربما بسبب شرط الطلاق ذاك... تقوقعت على نفسها وهو يفتح باب الغرفة...نظرته الثاقبة إخترقتها... أخيرا أصبحت له... ملكه وحده...
أغلق باب الغرفة...
أنت تقرأ
يد القدر
Romanceالقدر قد يخبئ لنا حياة جديدة، عندما تتقاطع طرقنا مع أناس ربما يحملوننا بعيدا عن أنفسنا...