42

61 4 17
                                    

عاد لبيته هذه المرة... إتصل بباري ليعلمه بعودته...
صهره رفض تركه وحيدا وهو يراه بتلك الحالة... رؤية لارا أتت بنتيجة عكسية... كان يتوقع أنه سيتحسن، لكنه عاد مكسورا أكثر...
إتصل بزوجته ليخبرها أنه أجل كل مواعيده، و أنه سيلازم شقيقها لفترة... حزنت إيلين أكثر وهي تتلقى تلك الأخبار من زوجها... هل ستقف بمكانها هكذا؟
بقي ريان شارد الذهن طيلة اليوم... عقله مشوش للغاية... خلد إلى النوم متأخرا...
إلتفت ناحية النافذة أين لمح ذلك الجسر الصغير قابعا أمامه... يذكره بحوارهما الأول حول الجسور... كيف إختارت هذه الهدية لتمد له طرف الطريق... حمل المجسم الحجري بين يديه وهو يلامسه بكل حسرة... نور القمر كان منعكسا عليه لينيره... كأنه يخبره أن الطريق سينير ذات يوم...
إبتسم بسخرية وهو يتذكر كيف أهدته إياه... مدت يدها له، و قبل ذلك... لكن كل منهما ظل واقفا بطرفه... كأن الجسر منطقة محرمة... لم يستطع أي منهما الوصول إلى الطرف الآخر، ولا حتى قطع نصف المسافة...
أرجع الجسر لمكانه وهو يعلم أنه بقي في مكانه ينتظرها... في حين أنها غادرت طرفها... و رحلت... و رغم كل شيء، بقي في مكانه، ينتظر عودتها... حتى و إن لم تعبر إلى طرفه، يكفيه رؤيتها ولو من بعيد... غالبه النعاس رغم كل حزنه و آلامه... رغم دموعه التي لا تتوقف...

مرت الأيام بغرابة هذه المرة

اوووه! هذه الصورة لا تتبع إرشادات المحتوى الخاصة بنا. لمتابعة النشر، يرجى إزالتها أو تحميل صورة أخرى.

مرت الأيام بغرابة هذه المرة... لم تعد تشعر بالوقت... كانت تخشى العودة إلى وطنها بعد غياب دام لأكثر من عام، و لكنها الآن تشتاق لكل شيء... تشتاق للعودة، لأصدقائها، لبيتها و لأهلها...
إنتهت المهمة أخيرا بحفل تدشين ثان و بحفل وداع...
ودعت جميع من عملت معهم أو تعرفت عليهم بذلك المكان...
حزمت حقائبها و عادت مع ميغان... شكرتها كثيرا على كل شيء و تعاهدتا على الإتصال دائما... تنفست الصعداء وهي تخرج من المطار أخيرا... تستنشق هواء وطنها و قد ربحت صديقة جديدة، تجربة رائعة، أناس لطفاء... و ربحت نفسها خاصة!
إنطلقت من جديد بطاقة هائلة... وصلت للبيت أخيرا...
نزلت مسرعة لتعانق والدتها و جدها... الفراق كان طويلا... جمال اللقاء أنساهم كل شيء رغم الشوق...
أمضت الطول بيومه تروي لهم مغامراتها وسط ضحكاتهم تارة و دهشتهم تارة أخرى...
إلتقت بصديقاتها بعد يوم... مضى الوقت سريعا...
إستيقظت باكرا كعادتها... إنتظرت لتناول الفطور معهما و تجهزت للمغادرة..
- إلى أين؟ سألتها والدتها
- إلى البيت... أجابتها ببساطة...
لاحظت تبادل النظرات الغريبة بين والدتها و جدها... لكنها لم تبالي.
- لم أخبره بعودتي، يجب أن أراه...
إقتربت منها والدتها و سحبتها بلطف من يدها. أجلستها على الطاولة و جدها يحاول الهروب بعينيه بعيدا عن نظرات التساؤل بعينيها...
عادت والدتها بعد قليل و بيدها مغلف كبير... نظرة ملؤها الإنتصار و الأسى بنفس الوقت تغزو محياها...

جلست إلى جانبها و يدها على كتف إبنتها كأنها تدعمها قائلة: " تعلمين جيدا أننا نحبك، و أننا سنبقى معك دائما و نساندك

اوووه! هذه الصورة لا تتبع إرشادات المحتوى الخاصة بنا. لمتابعة النشر، يرجى إزالتها أو تحميل صورة أخرى.

جلست إلى جانبها و يدها على كتف إبنتها كأنها تدعمها قائلة: " تعلمين جيدا أننا نحبك، و أننا سنبقى معك دائما و نساندك..."
- ماذا هناك؟ سألتها بتوتر...
ترددت والدتها قليلا قبل أن تضع المغلف أمامها قائلة "لقد وصلنا هذا منذ شهر..."
فتحت لارا المغلف بعصبية... تجمدت مكانها وهي تقرأ... أوراق الطلاق...
لم تفهم شيئا... "ماهذا الآن؟!" سألت والدتها بحيرة... عانقتها هذه الأخيرة وهي تقول:" لا تهتمي... لقد طلب الطلاق... ستتحصلين على حريتك أخيرا!"
بقيت لارا شاردة قليلا قبل أن تبتعد عن والدتها... أخذت المغلف و خرجت مسرعة...
وجدت نفسها واقفة أمام بيته... لم تجرؤ على الإقتراب أكثر... بقيت عيناها تشاهدان السور المرتفع كأنه يزجرها لتغادر... بقيت واقفة وبيدها ورقة تنتظر إمضاءها...
غادرت المكان و هي محتارة... لم تعد تفهم شيئا... لأول مرة تقف عاجزة...
دخلت بيتها مسرعة... رمت المغلف على الطاولة و خرجت إلى الشرفة... كان كلام والدتها خانقا وهي تشجعها على المضي قدما... تجاهلتها و بقيت تشاهد غروب الشمس... ذلك الغروب الذي يعلن نهاية يوم آخر... و فصل آخر من حياتها...
- هل تريدين الطلاق؟ سألها جدها بلطف...
إلتفتت إليه... لم تنتبه لوجوده ولم تسمع صوت عكازه وهو يقترب منها... إبتسمت و عادت لتراقب الغروب "لا أدري..."
- كان الأمر جنونيا... أنتم هكذا يا شباب... تتصرفون بجنون دائما"
ضحكت بألم واضح... كانت عيناها تدمعان بصمت...
إبتسم جدها و طلب منها أن تمد يدها... مدتها فوضع مفاتيح بكفها قائلا :" هكذا قرار يحتاج التريث... والدتك لن تتركك تأخذين القرار المناسب... ستأثر عليك... " ثم أكمل هامسا "والدتك مجنونة فعلا!" إنفجرت لارا ضحكا و هي تبكي بنفس الوقت... عانقها جدها و هو يربت على ظهرها مواسيا "لا تخافي يا صغيرتي... سيمر كل شيء... كوني قوية و إختاري ما ترينه مناسبا"
أومأت رأسها المندس بين أضلعه موافقة... وقفت بعد دقائق و قد حسمت رأيها...
سأذهب... و سأختار طريقي...

 و سأختار طريقي

اوووه! هذه الصورة لا تتبع إرشادات المحتوى الخاصة بنا. لمتابعة النشر، يرجى إزالتها أو تحميل صورة أخرى.
يد القدرحيث تعيش القصص. اكتشف الآن