إتصل بمساعده و أخبره أنه سيتغيب لأمر خارج عن نطاق سيطرته...
قاد طويلا إلى أن وصل أخيرا للمدينة المجاورة. ضغط الجرس و نظر إلى كاميرا المراقبة...بقي ينتظر أمام الباب قليلا قبل أن يسمع صوت المفاتيح...
فتحت تلك الشقراء أخيرا و إرتمت عليه تضمه لها بقوة "إشتقت إليك كثيرا!"
إبتسم و دخل متثاقلا... جلست إلى جانبه تسأله إن كان جوعانا أو يريد شيئا ما... لكنه رمى برأسه على كتفها "أريد فقط أن أرتاح..."
- لم أرك منذ أشهر...
- مشاغل العمل.
إبتعدت عنه قليلا ومسكت رأسه بيديها ... عيناه متورمتان... واضح أنه كان يبكي... علا الحزن محياها و هي تضمه بقوة "لا تحزن... أنا هنا، بجانبك"
ضمها بقوة كأنه يبحث عن ملجإ... لكنها خذلته ذات مرة...
توسد فخذيها وهي تداعب شعره... طلب منها تلك الأغنية ... تلعثمت وهي تعلم أنه يحزن أكثر لسماعها... لكنها غنتها بصوت خافت ومتقطع... أغنية حزينة أصبحت تكره سماعها وتحاول نسيانها...
- بطنك؟ سألها بإستغراب وهو يعتدل في جلسته
إرتبكت كأنها تحاول إخفاء بطنها وراء الوسادة... "أجل، أنا حامل"
- ستكملين حملك هذه المرة؟
- أجل، أجابت على مضض
- لن تجهضي كما فعلت سابقا؟
هزت رأسها بالنفي و هي تحاول إخفاء دموعها
- لماذا لم تخبريني؟
- كنت أريد إجهاضه هو أيضا
- لكنك أجهضت قبله أربع مرات! ألا يكفي؟!
- لقد حصل ما حصل...
- ومالذي تغير الآن؟ سألها بإستغراب
- أحيانا يجب ترك الأمور تذهب كما هو مقدر لها.
طأطأ رأسه "فعلا..."
حاولت الإبتسام و رفعت رأسه بيدها "كيف حالك أنت؟ ماهذه الحالة التي أتيتني بها منذ قليل؟"
أعاد رأسه على كتفها "متعب كثيرا لا غير"
خيم الصمت في المكان... بقيا يسندان رأسيهما على بعضهما البعض...
- فتاة أم صبي؟
- لا أعرف... لم أشأ معرفة جنس الجنين
- ستكونين رائعة...
- لا أريدها بنتا... أخاف أن تشبهني..
رفع رأسه و إبتسم " لتشبهك، جميلة كوالدتها و جدتها"
إبتسمت بمرارة... ثم قالت "هل هناك أخبار؟"
- هناك فتاة..
- حقا؟ كيف هي!؟ أين تعمل؟
- لا تتسرعي... ربما مجرد سراب...
مد يده كأنه يحاول إمساك الهواء بين أصابعه...
بقيت تنظر إليه ثم أكملت "لقد زرته"
تجاهلها فأكملت "إنه لا يتذكر شيئا الزهايمر إشتد عليه كثيرا... لكنه أحيانا يتذكرك، يسأل عنك"
توقف عن إصطياد إنعكاس الضوء و أجابها ببطؤ "لينسى كل شيء... لا أريد سؤاله عني... "ثم إلتفت إليها "لا أريد سماع أي شيء عنه!"
- لكنه والدك!
وقف و إتجه ناحية الباب ... لحقته وهي تنظر إليه بحزن وقلق "يوما ما سيموت..."
- يكفي ! لقد مات منذ وقت طويل فعلا!
لاحظ دموعها وهو يرتدي معطفه... مسح عيونها بأصابعه وقبلها من رأسها مودعا "إهتمي لصحتك جيدا و أخبري زوجك أن يراقبك كثيرا"
إبتسمت وسط دموعها وأجابته " لا تخف، يراقبني كثيرا خوفا من إجهاضه... يريد الطفل بشدة"
- جيد... على الأقل سأذهب مطمئنا.
عانقته وهو يغادر ثم قبلت خده قائلة "أريده أن يكون صبيا ... ليشبه خاله كثيرا"
إبتسم بألم، لا يريده أن يشبهه... فهو مشوه كثيرا...
- لتكن شقراء كوالدتها أفضل.. أجابها مازحا ثم ودعها بعد أن وعدها بزيارة قريبة...
شقيقة وحيدة بعيدة عنه... لكنها الوحيدة القادرة على فهمه... إنطلق بسيارته مبتعدا وهي تراقبه من وراء نافذتها... إبتسمت بمرارة وهي تفكر في تلك الفتاة التي أحبها... تخشى عليه من الألم... هل ستدرك تلك الفتاة حجم مسؤوليتها إن قبلت يوما بحب ريان؟ أسدلت الستارة و عادت لمكانها تدعو من أجل أخيها الوحيد...
أنت تقرأ
يد القدر
Romanceالقدر قد يخبئ لنا حياة جديدة، عندما تتقاطع طرقنا مع أناس ربما يحملوننا بعيدا عن أنفسنا...