11

85 11 2
                                    

إستيقظت والدتها على صوت في المطبخ... لعل صحة إبنتها تعكرت في هذا الوقت الباكر من الصباح!
وجدتها تتناول إفطارها وهي تدندن بصوتها المبحوح..
- ما كل هذا؟ عصير جبن بيض خبز بسكوت قهوة ! ليس من عادتك ؟
وضعت يدها على جبينها... حرارتها مرتفعة قليلا ولكن ليس بدرجة مخيفة!
أجابتها وفمها ممتليء "لقد جعت جعت !"
جلست والدتها أمامها وهي تنظر إليها بإستغراب، كأنها تراها لأول مرة...
أكملت إفطارها و سارعت لغرفتها..
- إلى أين بهذا الوقت؟ تشنجت وهي تراها تستعد للخروج بهذا الطقس البارد.
- إلى العمل، سئمت البيت..
- لن تذهبي إلى أي مكان! لازلت مريضة! ماهذا الآن؟!
-ماذا؟
- حب العمل الفجائي هذا؟! كنت أركض وراءك من مكان لآخر حتى أقنعك بإيجاد عمل!
قبلتها من خدها وخرجت مسرعة "سأتأخر، أراك في المساء"
نظرت والدتها إلى الساعة... خرجت قبل الوقت المعتاد بنصف ساعة!
"أي تأخر هذا؟ لقد جنت الفتاة!"

 خرجت قبل الوقت المعتاد بنصف ساعة!"أي تأخر هذا؟ لقد جنت الفتاة!"

اوووه! هذه الصورة لا تتبع إرشادات المحتوى الخاصة بنا. لمتابعة النشر، يرجى إزالتها أو تحميل صورة أخرى.

خرج من المصعد و إلتفت لمكتبها... تفاجأ به مفتوحا و الإنارة تتسلل من بابه... هل يعقل أن يكون أحدهم قد خلع بابه؟
بخطوات صامتة إقترب من المكتب، لكن سعالها الحاد والجاف جعلاه يتريث...
رفعت رأسها لتجده أمامها... إبتسمت بشحوب وهي تحييه لكنه بقي واقفا كصنم أمامها!
بقيت تنظر إليه تنتظر رد التحية... عاد لوعيه و نظراته الثاقبة تلومها على غيابها، على حضورها...
- لا زلت مريضة، لماذا أتيت؟
- العمل سيتراكم و...
- لقد تم توزيعه بين زملاءك.. لا تنسي أننا نعمل كفريق.
وقفت لتجادله لكنه إستوقفها رافعا يده ليكمل حديثه :" إجازتك المرضية لم تنتهي بعد. ثم إن حضورك مخالف لقوانين العمل. من ناحية أخرى قد يشتد مرضك!"
إبتسمت وهي ترى إهتمامه بها لكنه أكمل قائلا "ثم أنك قد تنشرين العدوى و تتسببين بغياب الكثير من زملاءك"
تغيرت ملامحها فجأة... عبست كطفلة ...
- ستغادرين حالا، تجهزي!
- إلى أين؟ أجابته بنبرة متوترة
- سنعيدك إلى البيت.. أدار ظهره وهو يهم بالإنصراف
- ومن قال أنني أريد العودة؟
إلتفت إليها مندهشا من عنادها :"لارا، هذا أمر وليس طلب!"
الإنزعاج واضحا عليها و هي تقف جنبه بالمصعد...
لم يعرها إنتباهه لكنها قالت بصوت خافت "شكرا على الهدية"
لم تتغير ملامح وجهه الباردة، إكتفى فقط بهز رأسه قليلا... خرجت وراءه مسرعة و صدى سعالها يتردد في موقف السيارات... وقفا أمام سيارته فسألته بلؤم "أي من السائقين سيأتي؟"
إلتفت إليها... ضاقت عيناه قليلا لكنه فهم إثر ذلك مغزاها... برم شفتيه و فتح لها الباب الخلفي.. راقبها وهي تنزوي داخل السيارة و نظراتها الغريبة لا تفارقها... إنتظرت جلوسه جانبها... ستجد الفرصة المناسبة لتفهمه أنها ليست غبية كما يعتقد... لا يمكنه الٱستهزاء بها.
لكنه أغلق وراءها الباب و جلس مكان السائق... أدار المحرك و إنطلق... كان يريد قضاء بعض الوقت معها... جعل السائق ينصرف لعله يجد فرصة للحديث معها، ليتعرف أكثر عليها... لكنها فضلت السكوت... كان واضحا أنها غير مهتمة...
بقي صامتا طيلة الطريق... تحاول النظر إليه لكنه أدار المرآة الكاشفة بعيدا عنه... لا يهم، ربما لا يريد رؤيتها... أرخت رأسها على المقعد وبقيت تشاهد آثار قطرات المطر على النافذة... أغمضت عينيها و إستمتعت بصوت المطر يشتد...
إستيقظت! لقد نامت فعلا! تبا! تشعر بالخجل منه... لكنه في مكانه لا يلتفت...
إعتدلت في مكانها لترى أنهما أمام بيتها والمطر قد توقف... نظرت لساعتها! مرت ساعتان !! هل بقي كل هذه المدة جالسا في مكانه حتى لا يوقظها؟
سمعها وهي تحاول فتح الباب للهروب منه... ضغط على قفل الحماية من أمامه حتى يسمح لها بالنزول و ترجل إثرها...
إلتفت إليها و إبتسم... لاحظ لباسها و شكلها لأول مرة منذ الصباح "تبدين قبيحة!"
- ماذا؟ هل هذا ما خطر على بالك الآن؟
نبرة الإحتجاج أضحكته، فأشار لوجهها بحركة دائرية مستفزة "لونك شاحب، عيونك كالضفدع!"
توقفت مكانها "أنا بخير، لنعد إلى الشركة"
حاول مجادلتها لكنها عنيدة ... جدا !

رن الجرس

اوووه! هذه الصورة لا تتبع إرشادات المحتوى الخاصة بنا. لمتابعة النشر، يرجى إزالتها أو تحميل صورة أخرى.

رن الجرس... فتحت والدتها الباب لتجد شابا طويلا أمامها ماسكا بذراع إبنتها كأنها متهمة!
لم تفهم شيئا و بقي نظرها يجول بينهما وهي تتساءل من هذا؟ ولماذا يمسك بإبنتها هكذا!
أرخى يده ودفع لارا برفق داخل بيتها وهو يقول لوالدتها " نعتذر عن هذا التصرف سيدتي، لكن إبنتك حالها قد ساء بالعمل وترفض العودة للمنزل... أضطررنا لإجبارها... نعتذر مرة أخرى عن هذا السلوك"
بقيت تنظر إليه... صوته بدا مألوفا، ثم إلتفتت إلى إبنتها... بدأت بتوبيخها أمامه و لارا محرجة... هربت إلى غرفتها ووالدتها تلاحقها لتتفقد حالها...
في حين بقي هو أمام الباب... واقفا وهو يرى خوف أمها عليها و إهتمامها الشديد بوحيدتها... صوت لارا وهي تطلب منها التوقف "أمي.... أمي..."
تلك الكلمة التي حرم منها وهو طفل... إنسحب إلى سيارته و غادر مسرعا... عادت لتمطر في السماء و بقلبه... هو ذلك الطفل الصغير الذي حرم من أمه باكرا... دموعه لم تتوقف وهو يرى مجرد خيالات يحاول نسيانها تأتيه من ماضي بعيد...

 دموعه لم تتوقف وهو يرى مجرد خيالات يحاول نسيانها تأتيه من ماضي بعيد

اوووه! هذه الصورة لا تتبع إرشادات المحتوى الخاصة بنا. لمتابعة النشر، يرجى إزالتها أو تحميل صورة أخرى.
يد القدرحيث تعيش القصص. اكتشف الآن