رن هاتفها بذلك الوقت المبكر... "إفتحي الباب"
نهضت مسرعة من سريرها وزوجها يسألها ما الذي يحصل؟
"لا تهتم، إنه ريان على الباب، عد إلى النوم!"
إلتفت إلى ساعته... الرابعة فجرا! لحق زوجته مسرعا...
فتحت الباب وزوجها واقفا وراءها... نظر إليهما و إعتذر عن زيارتهما بهذا الوقت... سحبته شقيقته إلى الداخل في حين إكتفى صهره بالإبتسام و أعاد غلق الباب... جلس في سريره ينتظر زوجته التي مالبثت أن عادت لغرفتها "لقد نام" همست وهي تندس داخل فراشها... لاحظت أن زوجها بقي جالسا و عيناه تتساءلان... "حسنا، لم يقل شيئا"
- كعادته... تمتم زوجها...
- ربما هناك مشكلة ما... عد إلى النوم.
- ربما؟ أجابها بسخرية... هل من الطبيعي أن يزورك أخاك بهذا الوقت وتقولين "ربما"؟
- إلى ماذا تلمح؟ إلتفتت إليه بغضب
- أنا لا ألمح إلى شيء يا إيلين! من الواضح أنه هارب كعادته من مشكلة عوض أن يحاول مواجهة الأمر...
- إسمع أرجوك ! لا تتدخل في مشاكل أخي!
قاطعها بنبرة تحدي "أخاكي مريض نفسي! واضح أنه خرب علاقته بزوجته و إلا لما سيأتي هربا إليك طيلة هذه المسافة؟"
- أخي ليس مجنونا! ردت بعنف
- شششش ! إخفضي صوتك ستوقظين الطفل! ثم لم أقل أنه مجنونا، بل مريض نفسي وهناك فرق!
- وماذا تريد حضرتك؟ أنسيت أنك تخليت عنه؟
تحرك بقوة داخل سريره وهو يشير إلى نفسه ردا على إتهامها "هل أنا من تخليت عنه؟ ألم أحاول مساعدته لكنه رفض إكمال العلاج بعد خطبتنا؟"
نظرت إليه مطولا ثم رمت برأسها على الوسادة "كان يثق بك... لم يفكر يوما أنك ستتزوجني"
- "بل قولي لم يفكر يوما أن شقيقته ستحب رجلا و تتخلى عنه... هكذا خيل لأخاك المريض..." قال وهو يشير إلى رأسه بعصبية...
- تعلم أنه لا يمتلك أحدا غيري...
- لا تحاولي تبرير تصرفاته إيلين! كلاكما كنتما تتعالجان عندي..
- لكنه رأى أنه من الخيانة أن طبيبه النفسي يتزوج أخته...
- لأن عقله مريض! شرحت له مرارا وتكرارا ! تظاهر بقبول علاقتنا باديء الأمر... لأكتشف أنه مخادع بعد ذلك!
- أخي إنسان جيد! ليس مخادعا!
- واضح بما أنه إنقطع عن العلاج و قاطعني بعدها! إسمعي!
- خنت ثقته..
- إيلين لن أتشاجر معك بهذا الوقت! تصبحين على خير!... أطفأ النور و إستدار لينام...
- سأتحدث مع زوجته.
إلتفت إليها محذرا "لا تتدخلي... كان من المتوقع أنهما سيصطدمان بالأخير... لم يكن جاهزا للزواج."
- لكنه حزين! ألا ترى ذلك؟
- أعلم، لكن لا يمكنك التدخل بينهما... ما أدراك أنت؟ ربما سبب خلافهما شيء لا يمكنهما البوح به! أو ربما أنهما في حاجة إلى الإبتعاد قليلا عن بعضهما البعض!
- أو ربما أساءت معاملته!
- بربك إيلين! لو قلت العكس لكان أصح! تصبحين على خير!
بقيت تنظر إليه بغضب... تعلم جيدا أن كلامه صائب، لكنه شقيقها الوحيد... كالأم تعلم أن إبنها مخطيء لكنها تستميت في الدفاع عنه...إستيقظ متأخرا على غير عادته... رائحة الطعام منعته من مواصلة النوم... وجد شقيقته تجهز الطاولة... تركت مابيدها وسارعت لإحتضانه قليلا "هل نمت جيدا؟" سألته بصوتها الحنون...
- آااا... أجل. كم الساعة الآن؟
- الواحدة ظهرا! يمكنك الإفطار الآن ثم تناول الغداء لاحقا إن شئت؟
وضع يده على رأسه... الصداع يؤرقه... نام لمدة ساعتين تقريبا...
إكتفى بشرب القهوة و حاول إظهار لا مبالاته... لكن الكسر كان واضحا بعينيه... حاولت شقيقته فهم ما حصل... لكنه لا يجيب...
فهمت أنه لا ينوي العودة حاليا إلى بيته... واضح أن لارا هي السبب!
إستأذنت و ذهبت بعيدا عنه... لاحظ أنها تتحدث مع أحدهم على الهاتف... لحقها خوفا من أن تكلم زوجته... أنهت إتصالها و إلتفتت له "لقد أخبرت العجوز في الشركة أنك مقيم معي حاليا و ستغيب لفترة".
أومأ رأسه ليشكرها ثم ذهب لينعزل داخل غرفته...
مرت أيام وهو على هذه الحال... كان من الواضح أنه يمر بحالة إكتئاب... كل محاولات شقيقته وزوجها باءت بالفشل...
- لا يمكننا مساعدته طالما لا يرغب بمساعدة نفسه! نظر إلى زوجته لعلها تتركه وشأنه... يعلم أن ريان لديه من المشاكل النفسية مايجعل التعامل معه صعبا جدا... الأمر لم يكن هينا عليه عندما أتاه لأول مرة.. كان بأول العشرينات... شاب مضطرب نفسيا... يعاني من إكتئاب حاد ومزمن... ربما حول كل ذلك الغضب داخله إلى حزن دفين... إلى برود مصطنع... لكنه لم يقدر أن يتظاهر بذلك أمام معالجه النفسي... وصلا تقريبا إلى منتصف الطريق... بدأ بكسب ثقته أخيرا... طلب منه أن يعتبره بمثابة أخ أو صديق، وليس كمعالج نفسي...
أنت تقرأ
يد القدر
Romanceالقدر قد يخبئ لنا حياة جديدة، عندما تتقاطع طرقنا مع أناس ربما يحملوننا بعيدا عن أنفسنا...