25

74 7 6
                                    

لم يشأ العودة إلى المنزل... كان يعلم جيدا أنها تعمدت ذلك... كان بإمكانها إختيار حمام غرفتها، لكنها وضعت مرآتها السخيفة أمامه...
نظراتها إليه تغضبه أكثر... كانت صدمتها واضحة...
بقي داخل سيارته أمام أسوار بيت قديم متهالك... ذلك البيت الذي قضى فيه سنوات طفولته، أصبح خرابا مثلها... مهجورا كروح ذلك الطفل الذي تخلى عنه بين جدران ذلك المنزل... كذلك الطفل الذي لازال حبيس تلك الغرف المظلمة ولم ير النور بعد...

 كذلك الطفل الذي لازال حبيس تلك الغرف المظلمة ولم ير النور بعد

اوووه! هذه الصورة لا تتبع إرشادات المحتوى الخاصة بنا. لمتابعة النشر، يرجى إزالتها أو تحميل صورة أخرى.

أمضت يومها تنتظر عودته... غادر باري ولم يبقى غيرها بالبيت... شعرت بالخوف خاصة مع أصوات الرياح خارجا... لا تريد الإتصال به، فهي لم تخطيء بحقه... وجدت نفسها تتصل بوالدتها... ملجأها الوحيد في هذا العالم...
- ألم تشتاقي لإبنتك؟
- حبيبتي! سعدت بسماع صوتك. طبعا أشتاق منذ أول يوم! كيف حالك؟ وحال زوجك؟
- بخير، كل شيء بخير...
- لم أتصل حتى لا أزعجكما بشهر العسل..
إبتسمت بسخرية وهي تقضم ظفر إبهامها كعادتها كلما تتوتر... تعلم جيدا ذكاء والدتها و أنها قادرة على كشفها بكلمة واحدة "أجل، لا يوجد إزعاج! حبا بالله أمي!"
- هل زوجك جيد معك؟
- إنه رائع! لا أشعر بمرور الوقت معه
- جيد، جيد جدا! أين هو؟ هل يمكنني مكالمته؟
إرتبكت ... بقيت عيناها تجولان داخل المنزل الفارغ... مخيف فعلا... "لقد خرج من أجل شيء ضروري وسيعود بعد قليل"
- حسنا، أبلغيه سلامي.
- تمام.
- زوريني فور عودتك من شهر العسل.
- أكيد! تصبحين على خير.
- أحبك، أراكي عما قريب.
رمت هاتفها و جلست تراجع كل شيء في عقلها... كيف يمكنها التواصل معه؟ جعله يتكلم؟ محاولة فهمه؟ كيف تجد طريقا إليه؟ لا يمكنها قضاء كل حياتها مع شخص مثله! لا يتكلم، لا يتفاعل، لا يتجاوب! لأول مرة شعرت أنها تسرعت بالزواج منه... بدأت تخاف من المجهول...
ذهبت لتنام و قد أحكمت إغلاق كل المنافذ... جافاها النعاس... سمعت صوت محرك السيارة خارجا... أطلت من نافذتها... إنه هو! الساعة رابعة فجرا! سمعت خطواته خارج غرفتها، ثم عم السكون... شعرت بالأمان لوجوده... إستسلمت للنوم أخيرا.

إنها العاشرة صباحا! بقي باري يراقب الساعة إلى أن سمعها تغادر غرفتها...
كان الأرق واضحا على وجهها... ليلة مليئة بالكوابيس... لم تعرف كم مرة إستيقظت مرعوبة... كم مرة أرادت اللجوء إليه هربا من صوت العاصفة الليلية.... لكنها تراجعت...
أخبرها باري أنه خرج باكرا... لقد عاد إلى عمله...
لا تعرف لماذا لم تستغرب الأمر ... ربما توقعت ذلك... سألته منذ متى يعرف ريان؟
- منذ أن إشترى هذا البيت.
- منذ متى؟
- عندما كان عمره 26 تقريبا....
- منذ 13 عاما،
- ربما...
أدارت رأسها بالمكان قائلة "كيف يمكن لشخص أن يعيش وحيدا بمكان شاسع مثل هذا؟"
إبتسم باري ثم جلس إلى الطاولة "ريان بدأ عمله بالشركة مباشرة بعد تخرجه... كان بعمر ال24 حينها"
كانت الدهشة واضحة على وجهها "صغير جدا على تحمل كل تلك المسؤولية وحده!"
- لا لم يكن وحده بالبداية... ساعده العجوز
- العجوز؟
- نعم... ثم إبتسم وهو يلوح بيده "بالحقيقة كان محامي والدته... لم تكن تثق بغيره، وللأمانة الرجل جدير بالثقة والإحترام" قال ذلك وهو يلوح بسبابته أمام لارا كأنه ينبهها لشيء..
أومأت برأسها إيجابا... فهمت أن العجوز ليس مجرد موظف أو محامي... بل صندوق أسرار العائلة... فهمت الآن لماذا يعمل بالشركة لحد الآن رغم مجاوزته سن التقاعد... ربما الوحيد الذي يثق به زوجها...
أكملت قهوتها و عقلها يدور... زوجها يرهق تفكيرها... البيت أصبح يخنقها... خرجت لعلها تجد نفسها وسط الثلوج... خرجت هروبا من جدران البيت و من ريان ... بقيت تتمشى بالشوارع وهي تحاول فهم ما يحصل... هذه ليست حياة زوجية لإثنان سيتقاسمان كل شيء! هذه ليست بداية جيدة لحياة مشتركة... و أزلية! توقفت وهي تفكر ... "أزلية..."

"

اوووه! هذه الصورة لا تتبع إرشادات المحتوى الخاصة بنا. لمتابعة النشر، يرجى إزالتها أو تحميل صورة أخرى.
يد القدرحيث تعيش القصص. اكتشف الآن