الظلام بكل مكان... جسدها النحيل مكبلا بقوة غريبة تمنعه عن الحركة... شيء ثقيل يجثم على صدرها... وسط السكون المخيف لا تسمع غير أنفاسها اللاهثة و دقات قلبها المتسارعة...
تفتح عيناها بصعوبة... تبحث عن نقطة ضوء... تلتفت إلى النافذة... كأنه المساء قد حل؟
مدت يدها بصعوبة و أنارت غرفتها... نفس الكابوس كل يوم... تتصبب عرقا ككل يوم... لا تعرف سبب هذه الكوابيس؟ لماذا تراه يتركها تغرق رغم مناجاتها له؟ بقيت عيناها متسمرتان على السقف... بياض شاسع لكنه يهدإ روعها... بقيت على تلك الحالة من السكون و عيناها مثبتتان... كل من يراها يخالها ميتة، لا حياة فيها.... كم مر من الوقت؟ ربما ساعات.... تترك سريرها أخيرا...
كان ينتظر إستيقاظها... يريد بدأ صفحة جديدة معها... لاحظ ذبولها و إنطفائها... مسك هديته بيده وهو يراقب باب غرفتها... كان باري يراقبه مبتسما... ينتظر بلهفة ردة فعلها عند رؤيتها ريان...لكنها نظرت إليه بشحوب... كأنها لم تره... سارع إليها كطفل وبيده الجرو "تفضلي!"
نظرت إليه ببرود... لم تمد يدها ولم ترفعها حتى! توقف باري عن الطبخ وهو يشاهد إندهاش ريان و حزنه... حاول مرة أخرى و رفع الجرو أمامها "ليكن بداية لحياة جديدة!"
لكنها لم ترفع رأسها عن الأرض... تقدم خطوة ناحيتها فتراجعت خطوة إلى الخلف... رفعت رأسها وقالت بإستسلام "أريد الطلاق!"
لم يصدق ما سمعه! بقي مصدوما في مكانه...
نظرت إليه بحزن و تركته... بقي باري مصدوما مثله... يشاهدها كيف تغلق باب الحمام ببطء خلفها... وكيف تجمد ريان بمكانه.
بقي الكابوس مسيطرا على تفكيرها... و كلام ميرا وهي تخبرها أنها تشبهه... ملأت الحوض بالماء و أغرقت رأسها داخله... تريد فقط الإستيقاظ! الخلاص!
بقيت كذلك لفترة قبل أن ترفع رأسها... وجدت نفسها مباشرة أمام تلك المرآة العاكسة المموهة... لا ترى نفسها... لا ترى غير إنكسارا لروحها... شظايا لشكل مشوه! وضعت يدها على المرآة... تلامس سطحها المموج... لا وجود للارا ! لا ترى نفسها! فعلا أصبحت تشبهه! لا تقدر على إيجاد نفسها !
آلمها قلبها بشدة... وضعت يدها على صدرها ... كأنها نوبة قلبية! إنقطعت أنفاسها وهي تتذكر كل شيء! صوت الجرو خارجا وهو ينبح بإستمرار ! نظرات باري المشفقة ونظرات ريان الباردة! حاولت التنفس بصعوبة... الأمر أصبح خانقا أكثر! عيناها تجحظان وهي ترى تشوهها منعكسا على تلك المرآة اللعينة!
صوت تحطمها أرعب كل من ريان و باري! تسابقا إلى الحمام ليجدانها منكمشة على نفسها أرضا و يدها مجروحة... شظايا المرآة بكل مكان وهي تبكي بهستيريا !
حاول ريان الإقتراب منها لكنها دفعته عنها بقوة "لا تلمسني! لا تقترب! إبتعد!" كانت تصرخ برعب واضح!
بقي راكعا أمامها مصدوما... تدارك باري الأمر و أخذ من يدها شظية الزجاج... حاول تهدئتها قليلا قبل أن يخرجها من الحمام....
إنهارت أخيرا... إستسلمت لموجة البكاء وهي متمسكة بباري... خبأت رأسها بين أضلعه كأنه الملجأ الأخير لها... شعرت بالأمان وهو يهدئها بكلماته البسيطة...
بقي ريان واقفا أمامهما... لكن نظرات باري كان تلومه على كل شيء! لم يستطع تحمل الأمر... سارع للخروج...
إسترقت النظر إليه وهو يغادر مسرعا... بكاؤها لا ينقطع... و باري يكتم غيظه وهو يفكر كيف أنه يختار الهروب دائما...
أنت تقرأ
يد القدر
Romanceالقدر قد يخبئ لنا حياة جديدة، عندما تتقاطع طرقنا مع أناس ربما يحملوننا بعيدا عن أنفسنا...