13

92 9 2
                                    

تتالت الأيام وكل منهما يختلس النظر إلى الآخر... هي تعتقد أنه لا يهتم لوجودها... وهو مقتنع أنها لا تريده...
لمحها بجانب آلة القهوة تراقب خيوط المطر المنهمر على النافذة... وقف بجانبها يشاهد الغيوم من وراء البلور المبلل... لم تلتفت إليه... وهو كذلك...

بقيا كذلك لوقت طويل

اوووه! هذه الصورة لا تتبع إرشادات المحتوى الخاصة بنا. لمتابعة النشر، يرجى إزالتها أو تحميل صورة أخرى.

بقيا كذلك لوقت طويل... كلاهما يستمع إلى صمت الآخر... كلاهما يخاطب المطر داخله... ليتكلم! لتتكلم!
- تشربين القهوة كثيرا.
إلتفتت إليه، نظرته كانت أبوية جدا.. إبتسمت وهزت رأسها موافقة... يرى أنها تفضل الصمت، فيزيح بوجهه و يعود لمراقبة المطر...
- تشبهك نوعا ما...
- كيف؟ سألها مستغربا..
لا تتجرأ على النظر إليه... قلبها يتسارع وعاصفة داخلها، لكنه لا يرى ذلك... لا يرى غير هدوء غريب وجميل... أجابته ببساطة: " قهوة غامضة بسوادها... تشعر بالعمق و أنت تنظر إلى الفنجان... كأنه لا قاع له... تتحرك كموج هاديء كأنها تخفي عواصف بداخلها... إن تركتها تبرد لم تعد تنفع.. أصبحت سيئة وتغير طعمها... لكنها رغم كل شيء قوية جدا... قوية برائحتها، بنكهتها، بخيوط الدخان كأنها روح تتسلل لروحك، كأنها أنفاسها تخترقك وتمتزج بنفسك... قد تجعلك مدمنا عليها رغم طعمها المر... السكر و باقي الإضافات يشوهون طعمها الأصيل و جمالها... من الأفضل أن تشربها مرة ... هكذا، كما هي... من يحب القهوة فعلا لا يشربها إلا هكذا، دافئة ومرة"
إلتفت إليها مندهشا... ربما أساء الفهم ! هل تصفه فعلا أم ماذا؟ في حين إنتبهت هي لنفسها، لكن متأخرا جدا هذه المرة! شعرت بخجل شديد و حاولت الهروب منه لكنه إستوقفها "هل تحبينها؟"
لم تجرأ على الإلتفات، كأسها يرتعش بين يديها... تشعر أنها خرقاء! توقفت قليلا ثم أكملت طريقها إلى مكتبها دون أن تجيبه ولا أن تلتفت ورائها حتى... تاركة إياه داخل دوامة وهو يراها تغلق باب مكتبها حتى تحمي نفسها من إعترافها السخيف في نظرها...
لم يعد لمكتبه... بقي بمكانه وهو يحاول فهم كلامها... تبا هل هذا إعتراف أم ماذا؟ يلتفت لمكتبها، لازال مغلقا... أخذ كوب قهوة و إنصرف... لأول مرة يشعر أنها مختلفة... لأول مرة يراقب موجها و يستنشق رائحتها... تبا هل تقصده أم تقصد القهوة؟! هي لا تحبه لكن كلامها كان غريبا! هذه الفتاة ستصيبه بالجنون...
كانت فعلا ستصاب بالجنون... بقيت تلوم نفسها داخل مكتبها... تمسك رأسها بيدها وهي تحاول نسيان الأمر و العودة لعملها... لا يمكنها التركيز... نصف ساعة مرت كأنها دهر... فجأة فتح الباب ودخل بدون إستئذان... لأول مرة لا يمكنه تحمل الإنتظار... لا يمكنه البقاء بدون جواب "هل كنت تقصدين القهوة أم ماذا؟"
وقفت بسرعة، سؤاله فاجأها... لاحظ إرتباكها وهي تحاول الهروب منه، من نظراته... قلبها يدق بسرعة هذه المرة... تشعر أنه بإمكانه سماعه رغم وجود المكتب بينهما... إلتفت ليديها.. بدأت بفرك أصابعها... إبتسم، لقد حصل على الجواب...
- لا تهتمي، أريد الملف على طاولتي غدا..
- آها! حسنا... ستجده مساءا، لكنني قصدت القهوة..
إبتسم بلؤم زاد من توترها "أعلم"
عاد لمكتبه تاركا إياها في دوامة... لقد حان دورها الآن في دخول دائرة الحيرة...

 لقد حان دورها الآن في دخول دائرة الحيرة

اوووه! هذه الصورة لا تتبع إرشادات المحتوى الخاصة بنا. لمتابعة النشر، يرجى إزالتها أو تحميل صورة أخرى.
يد القدرحيث تعيش القصص. اكتشف الآن