الفصل التاسع

1.1K 56 7
                                    

رفعت هزان نظرها الى الأعلى فرأت ياغيز و الحرس يقفون هناك و جينك ينزل باتجاهها مسرعا مستعينا بالحبل ..سألها بقلق بمجرد اقترابه منها" هزان..هل انت بخير؟ كيف حدث ذلك؟ لم افهم لوهلة ما جرى..هل اصابك مكروه؟ طمئنيني لو سمحت" بقيت هزان صامتة للحظات..هي نفسها لم تكن تعلم ما جرى..و لا كيف حدث كل هذا..سحبت نفسا عميقا ثم ردت" لقد انقطع الحبل فجأة..و كنت أشعر بأنني أهوي الى الأسفل..كنت واثقة بأنني سارتطم بسرعة و سأموت..لكن ذلك لم يحدث..انها معجزة حقا..ها انا اقف أمامك على ساقي..دون خدش حتى..عقلي لا يستوعب ما حدث" امسك جينك يديها المرتجفتين و قال" الحمد لله ..المهم انك بخير..لو اصابك مكروه لم اكن اعلم ماذا كان سيحدث لي" جرى الحرس بعد وقت و معهم ياغيز نحو هزان بعد ان نزلوا من القمة..اسرع ياغيز نحو هزان يسالها" هل انت بخير سيدتي؟ هل اصابك مكروه؟" هزت هزان برأسها و اجابت" انا بخير..لا تقلق..لكنني لم افهم ما جرى..و كأن يدا انتشلتني من الموت المحقق..كنت اقع و كنت واثقة بأنني سأتحطم و اموت بمجرد ارتطام جسدي بالارض لكن هذا لم يحدث..تخيل..ها أنا اقف أمامك..على ساقي..انها معجزة الهية ربما" تجهم وجه ياغيز و تمتم بصوت مبحوح" أنا آسف سيدتي..الخطأ خطئي..لم يكن يجب أن اسمح لك بالقيام بهذا الهراء..ماذا لو اصابك مكروه لا سمح الله؟ كيف كنت سأنظر في وجه سيادة الوزير؟" ربتت هزان على كتفه و قالت" ياغيز..لا تلم نفسك..لم يكن بيدك شيء لتفعله..انا من اصرت على القيام بهذا التحدي و انا من كادت تدفع ثمن تهورها" هز ياغيز برأسه و قال" هذا لا يعفيني من المسؤولية سيدتي..لقد تابعنا ما يحدث من القمة بعجز و قلة حيلة..و لولا لطف الله لكنت..لا سمح الله..المهم انك بخير..و الآن لنعد الى القصر لو سمحت..لا داعي للقيام بتحديات غبية أخرى" رمق جينك ياغيز بنظرة باردة و قال لهزان" هزان..آسف..لم اكن اقصد أذيتك..كنت فقط احاول جعلك تعيشين المغامرات التي حدثتني عنها البارحة..لم اكن اعلم بأن هذا سيحدث..اعذريني هزان..انا مدين لك باعتذار..ارجو ان تقبلي اعتذاري" ابتسمت هزان و قالت" لا داعي للاعتذار جينك..انت لم تجبرني على شيء..انا من اردت القيام بهذا..لنعد الآن الى القصر..و سنفكر في مغامرات أخرى لاحقا" اقترب منها ياغيز و همس" سيكون ذلك على جثتي..لن اسمح لك بالمخاطرة بحياتك مرة أخرى" نظرت اليه هزان و قالت" سنرى" ثم ركبت سيارة جينك و عادوا معا الى القصر ..

بمجرد وصول هزان الى القصر وجدت والدها في انتظارها و كأن قلبه اخبره بأن مكروها كاد أن يصيبها..عانقته بقوة و هي تقول" امسح تعابير القلق هذه عن وجهك يا أبي..أنا بخير..لقد عدت الى المنزل قطعة واحدة..لم تنقص مني لا يد و لا ساق" ربت والدها على ظهرها و رد" ان لم أقلق عليك فعلى من يجب أن أقلق..ليتك تسمعين كلامي يا ابنتي و تبتعدين عن المغامرات الخطرة..هيا..تعالي و اجلسي و اخبريني ..كيف قضيت يومك؟ ماذا حدث؟ اين ذهبتم؟ " جلست هزان و اجلسته بجانبها دون ان تترك يديه ثم قالت" لقد قضيت يوما مميزا ..جينك أخذني الى مضمار السباق و ركبنا سيارات الفيراري السريعة..واااو..لقد كان شعورا رائعا..شعرت بأنني أطير في السماء..و هزمته..اتعلم بابا..لقد تغلبت عليه في كل التحديات التي قمنا بها..ابنتك بطلة يا أبي" نظر ابوها الى ياغيز الذي هرب بعيونه منه ثم سأل هزان" هزان..ماذا تخفين عني؟ لماذا لا يقوى ياغيز على النظر الي؟ لا بد أن امرا سيئا قد حدث..ارجوك..اخبريني" التقت عيون ياغيز بعيون هزان التي ردت" حبيبي..بابا..اهدأ لو سمحت..سأروي لك ما حصل..و لا اعتقد بأنك ستصدقني" و اخذت تروي له ما حدث و مع كل كلمة كانت تنطق بها كانت عيون ابيها تحملق فيها بدهشة ..و ما ان انهت حديثها حتى عانقها ابوها بشدة و قد امتلأت عيونه بالدموع..خرج ياغيز الى الحديقة و اخذ يمشي بلا هدى و كأن دموع امين قد لامست اعماقه و حملته مسؤولية أكبر..رفع رأسه نحو السماء و تنهد بعمق..شعر فجأة بيد توضع على كتفه..التفت ليجد هزان تقف خلفه..قالت" أعلم جيدا ما يدور في رأسك..لماذا لا تريد أن تفهم؟ لا تحمل نفسك مسؤولية ما حدث..انت لم تقصر في حمايتي و في أداء واجبك..و الأهم..أنني بخير..لم يصبني مكروه..ارجوك ياغيز..لا تحمل نفسك أكثر من طاقتها" تراجع ياغيز قليلا الى الخلف و رد" سيدتي..انا اعلم جيدا بأنني قصرت و لم أقم بواجبي..سيكون عليك ان تتطلبي تغيير حارسك الشخصي او سأستقيل انا..هذا افضل" همت هزان ان تجيبه لكن والدها الذي اقترب منهما سبقها بقوله" لن تفعل ذلك ياغيز..ليس لك ذنب فيما حدث..انا اثق بك و متأكد بأنك الشخص الأنسب لحماية ابنتي المتهورة و المجنونة..لست مسؤولا عن تصرفاتها اللامسؤولة..لن اقبل استقالتك و لن اسمح لك بأن تتخلى عنا..هل هذا واضح؟" حاول ياغيز ان يعترض لكن هزان قالت" سمعت ما قاله أبي..لن تتخلص مني بهذه السهولة..سأكون البلاء الدائم على رأسك" ابتسم أمين و مد يده نحو هزان التي رافقته الى الداخل فيما بقي ياغيز واقفا لوحده..رن هاتف ياغيز فابتعد الى اقصى الحديقة و رد قائلا" نعم" تكلم صوت من الجهة المقابلة يقول" ماذا فعلت انت؟ هل جننت؟ كيف تتصرف بهذه الطريقة اللامسؤولة؟" اجاب ياغيز" لا داعي لكل هذا الكلام..لم يراني احد و لم ينتبه احد لما فعلته" قال الطرف المقابل" ياغيز..لا تنسى بأنك تتخفى جيدا و أسست لحياة هادئة و مستقرة..فلا داعي لكي تفسد هذا التوازن و تفضح نفسك..و هذا لا يعنيك انت فقط..بل يعني كل ابناء جلدتك..لا تستطيع المخاطرة بكشف نفسك و كشفنا امام الجميع..هل فهمت؟ اياك ان تكرر هذا الخطأ مرة ثانية..هل هذا واضح؟" رد ياغيز" نعم..فهمت..لا تنتظروني..لن آتي الليلة" و أنهى المكالمة ثم عاد يمشي على مهل الى الداخل..في غرفتها..وقفت هزان بجانب النافذة و هي مغمضة العينين..كانت تحاول ان تبحث في اعماق ذاكرتها عن تفصيل و لو بسيط يتعلق بما حدث..كل ما تتذكره بأنها كانت تسقط من أعلى ..صرخت بأعلى صوتها..ثم ماذا حدث بعد ذلك..يدان باردتين امسكتا بها و منعتا سقوطها..و ليس ذلك فقط..بل و انزلتاها على الأرض بهدوء..انه أمر لا يكاد عقلها يستوعبه..من يكون هذا الشخص الذي حماها و منع سقوطها؟ و كيف فعل هذا بتلك السرعة اللامفهومة و الغير عادية؟ و لماذا اختفى بسرعة كما ظهر بسرعة؟ لماذا لم يظهر امامها لكي تشكره؟ و هل هو شخص حقا أو ربما...او ربما ماذا؟ عناية الهية؟ ربما..معجزة..ربما..لكنها شعرت بتلك اليدين ..يدان احتوتاها بحرص و بحذر..ليتها رأت ما حدث..ليتها فتحت عينيها و رأت ما جرى..لكي لا تبقى على هذه الحال من الحيرة..لكن هذا لم يحدث..هاهي تعجز عن تذكر شيء..و تعجز عن توجيه الشكر لمن يستحقه..

في الصباح..استيقظت هزان على صوت رنين هاتفها..تمطت في فراشها و ردت بصوت ضعيف" نعم" قال جينك" صباح النور هزان..كيف حالك اليوم؟ هل انت بخير؟" اجابت" صباح الخير جينك..انا بخير..و انت؟" قال" انا قلق عليك كثيرا..خاصة بعد ما حدث بالأمس..و أبوك..ماذا قال؟ كيف كان رد فعله؟ لا بد أنه غاضب مني جدا..معه حق..انا.." قاطعته هزان" جينك..توقف..اهدأ..ابي ليس غاضبا منك..لا تقلق..ما حدث حدث و انتهى الأمر..لا داعي للمبالغة..لننسى ذلك لو سمحت" ضحك جينك و قال بنبرة ارتياح" اوووه..الحمد لله..خفت كثيرا من ردة فعل عمي أمين..بصراحة هزان..انا مستمتع كثيرا برفقتك و لا اريد أن أخسر صداقتك..خفت أن يمنعك من لقائي..اييي..ماذا نفعل اليوم؟ هل تريدين قضاء اليوم معي؟" اجابت" اريد ذلك بشدة..لكنني مشغولة اليوم..سأقدم أوراقي للجامعة و أجهز لتعييني..يجب أن أباشر مهنة التدريس بأقصى سرعة..البقاء في المنزل و بلا عمل يخنقني..لنلتقي مرة أخرى" بدت الخيبة واضحة في صوت جينك و هو يقول" تمام..كما تريدين..اتمنى لك التوفيق في عملك" انهت هزان المكالمة و نهضت من سريرها..استحمت و ارتدت فستانا بنيا يصل الى ركبتيها و يزينه حزام ذهبي في المنتصف..اطلقت شعرها القصير و وضعت مساحيقها الداكنة كعادتها..ثم نزلت الى الأسفل حيث كان ياغيز جالسا في المطبخ و امامه فنجان قهوة يبدو أنه لم يلمسه حتى..سمع وقع خطواتها فوقف و التفت نحوها و هو يقول" صباح الخير آنستي" ردت و هي تسحب كرسيها و تجلس" صباح النور..سأتناول فطوري ثم سنذهب معا الى الجامعة..كن جاهزا" اومأ ياغيز برأسه فنظرت اليه و سألت" هل تناولت فطورك؟" رد" نعم..أنا افطر باكرا" نظرت هزان الى فنجانه الممتلئ بالقهوة و زمت شفتيها استغرابا ثم علقت" مع انك لم تشرب قهوتك..الم تعجبك؟ هل تريد شيئا آخرا؟" اجاب" لا..لا اريد..شكرا" هزت هزان كتفيها بلا مبالاة و اخذت تتناول فطورها على مهل فيما بقي ياغيز واقفا يراقبها..

حب من عالم آخر حيث تعيش القصص. اكتشف الآن