الفصل السادس و الخمسون

1.1K 37 4
                                    

وقف ياغيز و قال" الآن صرت تعرفين كل شيء..و صرت تتذكرين كل شيء..صار كل شيء واضحا أمامك..الخطر الذي ينتظرنا ليس بالأمر الهين..لا نستطيع مواجهة المجلس اذا علموا بأنك مازلت على قيد الحياة..و بأنني مازلت لم.." و صمت و أتبع صمته بتنهيدة عميقة ..فقالت هزان و هي تلفه من الخلف بيديها" أنك مازلت لم تحولني..و ماذا تنتظر لكي تفعل؟ أنا موافقة على ذلك..و لا حل أمامك سوى أن تفعل ذلك..المجلس لن يتخذ أي قرار بحقنا اذا أصبحت واحدة منكم" التفت ياغيز اليها و رد و قد قطب جبينه" هزان..الأمر ليس بهذه البساطة..أنت لا تدركين حجم الخسائر التي ستتكبدينها اذا أصبحت مصاصة دماء..أنت لا تستوعبين أنك ستفقدين حياتك الطبيعية و .." قاطعته هزان بإصرار" المهم بالنسبة إلي ألا أخسرك..أنت فقط المهم و الباقي لا يهمني و لا يعنيني" هز ياغيز رأسه بعنف و هو يردد" لا..لا..لن أفعل ذلك..لا أستطيع..لن أحولك..لن أؤذيك بهذه الطريقة..أبدا..حتى و لو كلفني ذلك حياتي" همت هزان أن تجيبه لكن دخول جينك و سناء منعها..اقترب منها جينك و سألها" هزان..كيف تشعرين الآن؟ هل أنت بخير؟" ابتسمت هزان و أجابت"انا بخير..لا تقلق..و بالمناسبة..لقد استعدت ذاكرتي و أصبحت أعرف حقيقتك أنت أيضا..أيها الذئب الحنون" ابتسم جينك و رد" جيد..لن اضطر الى التخفي كلما تحولت..و لا تخافي..سأحملك على ظهري و اتجول بك هنا و هناك..ما رأيك؟" اجابت" فكرة رائعة..لكن أعتقد بأن عشيرتك لن تقبل بأن تتجول مع مصاصة دماء" تجهم وجه جينك و صاح بها" ماذا؟ مصاصة دماء؟ متى؟ و كيف؟ ياغيز..هل قبلت بأن تحولها؟ أنت تعلم جيدا بأنك ستفتح حربا بيننا اذا فعلت ذلك..لا..مستحيل..لن أسمح لك بأن تؤذيها بهذه الطريقة..لن اسمح لك" و هم بالتهجم على ياغيز لكن هزان وقفت أمامه و منعته و هي تقول بعصبية" لا..ياغيز..لم يقبل..و مصر على أنه لن يفعلها..أنا هي المصرة على ذلك..و أنا لن أتوقف قبل أن أتحول..و لا واحد فيكم يستطيع منعي..هل فهمتم؟ لا أنت و لا هو و لا كل الكون"..

حملق جينك في هزان و صاح بها بعصبية" لا بد أنك جننت..هل تظنينه أمرا جميلا و رائعا أن تفقدي انسانيتك و أن تصبحي مجرد وحش يعيش في الظلام و يتغذى على الدماء؟ هل تعتبرينه مجرد مزحة أم تحدي أم مغامرة من مغامراتك المجنونة؟ أرجوك هزان..تعقلي..و لا تفعلي هذا بنفسك و بنا..أنت تعلمين جيدا بأنك غالية على قلوبنا أنا و ياغيز..و لن نسمح لك بأن تؤذي نفسك و تؤذينا بهذه الطريقة..و ان كنت تفعلين هذا من أجل ياغيز فيجب أن تفكري بحل آخر يجعلكما تكونان معا الى الأبد" هزت هزان برأسها و ردت" لا يوجد حل آخر..لقد فكرنا بكل شيء لكن لا حل سوى أن أتحول و أصبح مثله..و أنا لن أجازف بخسارته من جديد بعد أن التقينا..حاول أن تتفهمني جينك..أنت أقرب صديق الى قلبي و.." ركل جينك الكرسي الذي كان أمامه و قال بغضب" اللعنة على هذا الوضع..لم أعد قادرا على التحمل..سأخرج..و أرجو ألا يلحق بي أحد..دعوني لوحدي" و خرج مسرعا و وجهه يكاد يتميز من الغضب..تابعته سناء بعيون حزينة ثم نظرت الى هزان و ياغيز و قالت" سأذهب خلفه..نحن نفهم بعضنا جيدا و ننتمي الى نفس العشيرة..سأحاول أن أهدئه قليلا..اعتنوا بنفسيكما جيدا..عن اذنكما" و ذهبت خلف جينك..نظرت هزان الى ياغيز الواقف بجانب النافذة و وجهه متجهم و حزين..اقتربت منه و لامست وجهه بأصابعها و همست" حبيبي..لا تحزن..و لا تفكر كثيرا بالأمر..أنا لست قاصرا و أستطيع تقرير مصيري بنفسي..أعرف جيدا ماذا أريد و ما أرغب أن أكون عليه..ياغيز..أنت كل حياتي..و أنا لن أسمح لك بأن تعرض نفسك للخطر من أجلي من جديد..المجلس لن يتجاوز عن كذبة موتي و لن يغفرها لنا إلا إذا حولتني..عندها سأحكي لهم قصة فقداني للذاكرة و بأنك فعلت ما يقع على عاتقك فور أن وجدتني و حولتني..صدقني..هذا هو الحل الوحيد" مرر ياغيز اصابعه خلال خصلات شعره و تأفف بضيق ثم رد" هزان..ليس سهلا علي أن أتسبب في أذيتك بهذه الطريقة..ليتني لم ألتقي بك و لم يرتبط أحدنا بالآخر الى هذه الدرجة ..ليتك لم تقعي في حبي بهذا الشكل الجنوني الذي يجعلك تتخلين عن كل شيء لأجلي..هذا كثير..حقا..هذا كثير" رمقته هزان بنظرة غاضبة و صاحت به" توقف عن هذا ياغيز..لو سمحت..توقف عن قول هذه الليت التي لن تغير في الأمر شيئا..أنا هنا..و أنت كذلك..نحن معا..نحن واحد..و كل ما أبتغيه أن نكون معا..و ألا نفترق أبدا..أستطيع تفهم خوفك علي..لكنه صار يخنقني و يضايقني..ان كنت لن تحولني..فسأتجاوزك و أذهب لوحدي الى المجلس..و سيحولونني..شئت هذا أم أبيت" و تركته واقفا و صعدت الى غرفتها في الطابق العلوي..

ارتمى ياغيز على الأريكة و هو يضع رأسه بين يديه..رن هاتفه الذي فتحه قبل قليل فأجاب" نعم هوليا" ردت بحماس" ياغيز..لو تعلم ما حصل اليوم..و من رأيت..هزان.." قاطعها" أعلم..لقد التقيت بها" سألت بقلق" كيف حدث ذلك؟ أين كنت أنت؟ ماذا ستفعل الآن؟ هل ستخبرني بالحقيقة؟ و المجلس؟ هل ستحولها؟" رد" هوليا..توقفي عن طرح الأسئلة..لا أعلم..أنا نفسي لا أعلم..المهم ألا تخبري أحدا بأنك رأيت هزان..و خاصة الزعيم كمال و الآخرين..أرجوك هوليا..فلننتظر الى أن نجد حلا لهذا الأمر..اياك أن تخبري أحدا..اتفقنا؟" قالت" حسنا..كما تريد..لن أخبر أحدا..لكن لا تنسى..يجب أن نلتقي..و يجب أن نتحدث..أريد أن أعرف كل شيء..لو سمحت" قال" حسنا..تصبحين على خير هوليا" و أنهى المكالمة..كان الليل قد حل و الظلام لف المكان..في الغابة..كان جينك قد تحول الى ذئب بسبب الغضب و راح يركض بأقصى سرعة ..تبعته سناء التي تحولت هي الأخرى و ركضت بجانبه..رمقها بنظرات غاضبة و طلب منها أن تذهب و تدعه لوحده لكنها لم تفعل..بل أصرت على البقاء معه الى أن يهدأ..في غرفتها..جلست هزان على حافة السرير و قد سالت دموعها على خدها..لقد انكسر قلبها بسبب كلام ياغيز..تعلم جيدا أنه يخاف عليها و أنه لا يريد لها أن تتحول..لكن آلمها كثيرا أن يتمنى بأنه لم يقابلها و أنهما لم يعشقا احدهما الآخر..و هي التي تشعر بأنها ولدت من جديد بسبب وقوعها في حبه و التعلق به الى هذه الدرجة..سمعت طرقات على الباب فرفعت رأسها و قالت" ادخل" أطل ياغيز برأسه و همس" هل أستطيع الدخول؟" أومأت برأسها فدخل و جلس بجانبها و أمسك يدها..نظر الى عيونها الدامعة و قال بصوت مبحوح" هزان..أنا آسف..لم أقصد أن أقول ذلك..لكنني مرعوب من أن يصيبك مكروه بسببي..سيكون ذلك أكثر من قدرتي على التحمل..سامحيني حياتي" صمتت هزان و لم تجبه فسأل" أمازلت غاضبة مني؟ كيف أراضيك؟" رفعت هزان عيونها نحوه و وضعت جبينها على جبينه ثم تمتمت بصوت خافت" اجعلني أنسى ما قلته منذ قليل..عندها فقط ستراضيني و سأسامحك"..

حب من عالم آخر حيث تعيش القصص. اكتشف الآن