الفصل الخامس و الأربعون

1.2K 42 6
                                    

رفع ياغيز ذراعها و تأمل بقعة داكنة في جلدها ثم نظر الى كتفها و شاهد بقعة أخرى..تجهم وجهه و همس بصوت حزين" اذا نظرت الى جسدك في المرآة فلن تقولي هذا..بقع داكنة و آثار همجيتي..انا متأكد بأن كل طرف في جسمك يؤلمك..و اياك أن تنكري ذلك" نظرت اليه هزان بعتب و قالت" ياغيز..عن ماذا تتحدث أنت؟ هذه البقع و هذا الألم أمر عادي..حتى لو كنت بشرا طبيعيا لكنت شعرت بنفس الألم..مالم يكن و لن يكون عاديا هو المتعة التي شعرت بها و انا بين يديك..أكاد أجزم بأن هذه أفضل علاقة جسدية يمكن لإمرأة أن تعيشها..أشعر بأنني لست على الأرض..كأنني هناك بين النجوم..ياغيز أنا سعيدة جدا..لماذا لا ترى هذا؟" تامل ياغيز جسدها بقلق و رد" لأنني لا أستطيع سوى رؤية الأذى الذي سببته لك..حتى و لو انكرت ذلك لكنني واثق بأنني آذيتك..أعتذر عن ذلك و أتمنى أن تسامحيني" احاطت هزان وجهه بيديها و طبعت على شفتيه قبلة رقيقة ثم قالت" صدق او لا تصدق..أنا سعيدة بما حدث..و كل الأوهام التي تضعها في رأسك لا اساس لها من الصحة..انت لم تؤذني و لا يمكن أن تؤذيني أبدا..أنا بأمان معك و بين يديك..هل تعتقد بأنني لم الاحظ المجهود الذي قمت به لكي لا أشعر بالألم؟ لقد رأيت ذلك و رأيت ترددك اكثر من مرة..اقسم لك ياغيز بأنني بعد ما حدث بيننا ازددت عشقا لك و تمسكا بك..أريدك و انا بشرية..و اريدك اذا تحولت الى مصاصة دماء..و اعتقد بأنني سأريدك حتى بعد مماتي..ياغيز..انسى كل شيء و لا تفكر سوى في حبنا و في سعادتنا..لم يعد هناك ما يمنعنا عن بعض..صرنا واحدا الآن و لن ينجح أحد في التفريق بيننا..و الآن أريد أن انام بين ذراعيك" هز ياغيز برأسه و جذبها لتضع رأسها على صدره..سحب الملاءة على جسديهما العاريين و قبل جبينها بحنان و هو يكاد يشعر بتألمها الذي تخفيه عنه كلما حركت ذراعها او حركت جسدها..كان واثقا تمام الثقة بأن العلاقة بينهما ستؤذيها لأنه أقوى منها بكثير و جسمه قادر على تحطيم جسمها لكن ما فاجئه فعلا هو قدرته في التحكم في نفسه و محاولاته المتعددة في اخذها بتأني و التمهل معها لكي لا يؤذيها..حبه لها قادر على فعل المعجزات و على جعله يتحكم في حيوانيته حتى و هو في أقصى حالات عصبيته ..

ظل ياغيز يتأمل وجه هزان الملائكي و هي نائمة بين ذراعيه..كانت تبتسم بين الحين و الحين و عيونها مغمضة..لكنها كانت تئن كلما تقلبت يمينا أو شمالا..و كان وجه ياغيز يتجهم كلما سمع أناتها..و ما أن انبلج الصبح حتى لامس ياغيز وجهها بخفة و همس" هزان..حياتي..استيقظي..لقد طلع الصباح..يجب أن تذهبي قبل أن ينتبه أحد" فتحت هزان عيونها على مهل و ابتسمت فور رؤيتها لعيون ياغيز البلورية و هي تتأملها ..همست بصوت مبحوح" صباح النور حبيبي" سألها بقلق" هل نمت جيدا؟ كيف تشعرين؟ هل يؤلمك جسدك؟" قطبت هزان جبينها و ردت" ياغيز..هلا توقفت عن هذا..انا بخير..و لا داعي لهذه الأسئلة المتكررة..اعلم جيدا بأنك قلق علي..لكنني بخير..تمام" همت هزان بالنهوض بعصبية لكنه جذبها من ذراعها و اخذ شفتيها بين شفتيه في قبلة رقيقة..و ما ان رفع رأسه عنها حتى قال" أنا آسف..اعذريني حياتي..كل ما في الأمر أنني سمعتك تئنين أكثر من مرة خلال نومك..و أعرف جيدا بأنني انا السبب" قبلته هزان و ردت" لن اتحدث في الأمر مرة أخرى..أنا أردت ما حدث من كل قلبي..و سعيدة به..و لن أكتفي به و لا منك انت..سيتكرر ما حدث مرة أخرى قبل ان تحولني..لن تستطيع الهرب مني..ضع هذا في عقلك..و الآن ..يجب أن أذهب" و تسللت ببطء من السرير و اخذت ترتدي ثيابها تحت انظار ياغيز التي كانت تلتهمها التهاما..التفتت هزان و نظرت اليه فقال" هزان..أتعلمين بأنك أجمل امرأة رأيتها في حياتي؟ لا اكاد أصدق بأنني اراك أمام عيني بعد طول انتظار..انا اسعد رجل في العالم" اقتربت هزان منه و قالت بسعادة" هذا هو الكلام الذي اريد سماعه منك..احبك" دفن هو وجهه في عنقها و سحب رائحتها الى اعماقه و همس بصوت اجش" و انا اعشقك هزان" نظرت اليه لوهلة ثم فتحت الباب و خرجت..بقي هو في مكانه يفكر فيما يجب أن يفعله لكي ينقذها من جنون رغبتها في ان يحولها..لن يقبل لها هذا..لا يجب أن تنطفئ هذه الشعلة الملتهبة و التي تضج رغبة و حياة..لا يستطيع أن يسمح لنفسه بأن يؤذيها بهذه الطريقة..لكن المشكلة بأن المسألة صارت بين يدي المجلس الأعلى الذي سيراقب ما يجري و سيتابع مسألة تحويلها..لذلك يجب أن يجد طريقة يخدعهم بها و يبعد انظارهم عنه و عنها..

انهت هزان حمامها و ارتدت فستانا رمادي اللون يلتصق بجسمها و يصل الى ركبتيها..بكتف مغطى و آخر مكشوف و به زركشة بخيوط سوداء على الجانبين..و احتذت حذاءا أسودا بكعب مريح ثم اطلقت شعرها المتموج القصير على كتفيها و رشت من عطرها المفضل ..كانت الابتسامة لا تفارق شفتيها و السعادة بادية على ملامحها..لقد حدث ما ارادته منذ البداية..منذ وقوعها في حبه..أن تكون له و معه..أن يصبحا واحدا و ألا يفترقان أبدا..أن تعيش بحبه و أن تكتمل به و أن تضيء حياتها بوجوده الدائم معها و حولها..لذلك تجازف بكل شيء لكي تكون معه الى الأبد..و لا تتردد و لو للحظة واحدة بأن تتخلى عن حياة لا وجود له فيها..نعم..الى هذه الدرجة تحبه و تعشقه و ترى الدنيا من خلاله..و لا نية لها للتراجع عما تريده و عما تبتغيه و عما تسعى اليه مادام يوصلها اليه و يجمعها به..سمعت صوت جينك يناديها من الأسفل..تذكرت تلك الحقيقة الغريبة التي عرفتها عنه..و تذكرت بأنها غضبت منه و تنتظر أن يراضيها..لجينك مكانة خاصة لديها..كأنه أخ لم تلده أمها..او صديق لا تستطيع التخلي عنه..تحبه محبة الأصدقاء و تخاصمه خصام المراهقين و تتدلل عليه..اطلت من النافذة فرأته واقفا وسط مجموعة كبيرة من باقات الزهور المختلفة الألوان و ينظر اليها باستعطاف راجيا منها ان تسامحه و ان تغفر له اخفاءه لحقيقته عنها..تظاهرت بالغضب و نزلت اليه و قالت ببرود" ماذا تريد؟" اقترب منها و جثى على ركبته و رد" هزان..سامحيني..اغفري لي..لم اكن استطيع ان أصارحك بحقيقتي..الأمر ليس سهلا بالنسبة الي..لكنني لن اؤذيك مهما حدث..كوني واثقة من ذلك" هزت هزان كتفيها بلا مبالاة و قالت" لا يهمني..لقد كذبت علي و اخفيت عني الحقيقة..و أنا غاضبة منك" وقف و سألها" و كيف اراضيك؟ ماذا تريدين مني أن أفعل؟" نظرت اليه و انفجرت ضاحكة بأعلى صوتها و هي تقول" لا شيء..كنت امازحك فقط..اعلم بأنه ليس سهلا عليك أن تخبرني بحقيقتك التي تخفيها عن الجميع..اتفهم الأمر..و لست غاضبة منك..لا استطيع ان اغضب منك..انت صديقي المفضل" تجهم وجه جينك لكنه ابتسم و رد" شكرا لك هزان..انت تعلمين بأنني لا اقوى على اغضابك..فلتبتسمي هكذا دائما و لتكوني سعيدة هذا كل ما أريده" عانقته هزان و تمتمت" اعلم ذلك..هيا تعالى لندخل ..ميلدا ابلا تنتظرنا على الافطار" و تحركا معا تحت انظار ياغيز الذي كان يراقبهما من نافذة غرفته و هو لا يستطيع منع نفسه من الغيرة عليها رغم معرفته الوثيقة بانها تحبه هو فقط و بانها تعتبر جينك مجرد صديق..لكنه غيرته مبررة بسبب تلك الخطة التي يرسمها في عقله..

حب من عالم آخر حيث تعيش القصص. اكتشف الآن