خرجت هزان من غرفة والدها حافية القدمين و هي ترتدي بيجامتها السوداء المكونة من سترة و سروال بقماش حريري جميل..نزلت الدرج و فتحت الباب و خرجت الى الخارج..نظرت الى القمر المتربع في كبد السماء بعيونها الدامعة و الحزينة و قد اتخذت قرارها الجريء..راحت تجري الى الخارج مسرعة ثم انتظرت مرور اول سيارة تأتي من الطرف الآخر للطريق و ارتمت امامها دون تردد..لم يستطع السائق ايقاف السيارة في الوقت المناسب فاصطدم بها و ارتفع جسدها عاليا في الهواء ثم وقعت على الأرض و قد تضرج جسدها بالدماء..نزل السائق على عجلة و تفقد نبضها فشحب وجهه و هو يحس به ضعيفا و بالكاد يسمع..تجمع بعض المارة حوله فطلب منهم مساعدته على حملها و وضعها في السيارة ثم انطلق بها الى المشفى..هناك..فحصها الأطباء مطولا..كان جسدها متضررا بشدة و تعاني من نزيف داخلي لم يقووا على ايقافه و السيطرة عليه..اضافة الى رضوض و جروح في مناطق مختلفة من جسدها..كان وضعها دقيقا و حرجا..أتت زوجة أبيها بعد ان اتصلوا بها من المشفى و سألت الطبيب الذي خرج لتوه من غرفة العمليات قائلة" طمئني دكتور..كيف حالها؟ هل ابنتي بخير؟" طأطأ الطبيب رأسه بحزن و رد" لقد استطعنا ايقاف النزيف و السيطرة عليه..لكن قلبها مازال ضعيفا و جسدها يرفض التجاوب مع العلاج..فلندعو لكي يتقبل جسمها الدواء و أن يستعيد قلبها نبضه الطبيعي و الا..نحن قمنا بما علينا و الباقي على الله..ليشفها الله سريعا..عن اذنك سيدتي" انهارت ميلدا على المقعد و هي تضع رأسها بين يديها..كان اليوم قاسيا جدا عليها و لم تكن لتتصور بأن كل هذا يمكن ان يحدث في ذات اليوم..في العناية المشددة..كانت هزان مرتبطة بالأجهزة التي تظهر نبض قلبها الضعيف و المتذبذب..عيونها مغمضة و مستسلمة لقدر تتمنى ان يجمعها بحبيبها او بأبيها..فإما حياة او موت..انفتح باب العناية و دخل ياغيز..اقترب من هزان و همس بصوت ضعيف" هزان..حبيبتي..حياتي..ماذا فعلت بنفسك؟ انظري..ها أنا هنا..معك..و بجانبك..اشعري بي..اعلم انك تخافين مني و تشمئزين مني ايضا..لكنني وعدتك سابقا بأنني لن أسمح بأن يصيبك أي مكروه..و أنا افي بوعدي دائما..كوني بخير و استيقظي..و لتفعلي ما تريدين..اطرديني من جديد..و ارفضيني..و لن أبقى لدقيقة واحدة..المهم أن تفتحي عيونك و تنظري الي..أحبك يا مجنونة" و انحنى عليها..قبل جبينها بحنان و لامس كل جرح في جسدها و جعله يختفي..وضع يده على قلبها و أغمض عيونه..أعطاها طاقة من جسده و حبا كانت هي في حاجة اليه..أخذ نبض قلبها يرتفع شيئا فشيئا و عاد اللون الأحمر يغزو خديها من جديد..ابعد ياغيز جهاز التنفس و قبلها..
قرب ياغيز شفتيه من شفتي هزان و طبع عليهما قبلة رقيقة كانا في امس الحاجة اليها..منحها نفسا و حياة جديدة و أملا لغد يكون هو موجودا فيه..معها و الى جانبها..كيف..ليس ذلك المهم الآن..بل الأهم هو انها لن تكون لوحدها طالما هو موجود معها..رفع ياغيز رأسه عنها و اختفى في ركن من اركان الغرفة عندما شعر بقدوم الممرضة التي دخلت للتو و تفقدت المؤشرات الحيوية لهزان و خرجت مسرعة لكي تخبر الطبيب بالتحسن العجيب و السريع لحالتها..تقدم ياغيز من جديد نحو هزان بمجرد خروج الممرضة..أمسك يدها و همس" هزان..حياتي..أعلم جيدا بأنك بخير الآن..أنظري..أنا هنا..معك..و الى جانبك..انتظر فقط أن تفتحي عيونك و تستعيدي عافيتك و عندها سأتقبل قرارك مهما كان..الى لقاء قريب حياتي..سأكون في الجوار" و قبل أن يتحرك شعر بأصابعها الرقيقة تضغط على يده..ابتسم و رفع يدها نحو شفاهه و قبلها بحنان ثم اختفى بسرعة قبل ان يدخل الطبيب و الممرضة..حملق الطبيب في وجه هزان و في جسدها و قال بدهشة" ماهذا يا الهي؟ اين اختفت كل تلك الجروح و الندوب التي كانت على جسدها و وجهها؟ هذا امر لا يصدق..و نبض القلب..انه مستقر و اكثر من مستقر ربما..انها تتنفس بصفة طبيعية..انها معجزة الهية فعلا..هذه الفتاة محظوظة حقا" فحصها الطبيب ثم خرج ليطمئن ميلدا و جينك اللذان كانا ينتظران في الخارج..فتحت هزان عيونها على مهل و نظرت حولها لوهلة ثم قالت بصوت ضعيف" ياغيز..أهذا انت؟ أعدت حقا من اجلي؟ هل انت من كان هنا منذ لحظات؟ هل انت من انقذ حياتي و حماني من جديد؟ ارجوك عد الى هنا..أريد أن اراك و اتحدث اليك..اريد ان اعتذر عن كل ما بدر مني سابقا..اريد ان احدثك عن حزني و المي و عن مرارة فقداني لأبي..ياغيز..أنا احتاج اليك كثيرا..لا تتركني و تذهب مرة ثانية..لو سمحت"..
أنت تقرأ
حب من عالم آخر
Lãng mạnقد تصادفكم قصص حب غريبة و مختلفة..و قد تتخيلون حكايا متفردة و نادرة لعشاق يلتقون و يفترقون و قد يجتمعون في النهاية و يكتبون نهاية سعيدة لقصتهما..أما هذه القصة فهي لا تشبه مثيلاتها من القصص..و حكاية الحب هذه لا يمكن لعقولكم أن تستوعبها..لأنها ببساطة...