الفصل السادس و العشرون

1K 37 0
                                    

رفعت هزان عيونها نحو ياغيز و تأملت تفاصيله الساحرة و همست بصوت مرتعش" شكرا لك..لقد انقذت حياتي من جديد" ربت ياغيز على شعرها بحنان و هو يقول" لا داعي لشكري..أنا أحمي روحي عندما أحميك..هزان..انت حياتي و حبيبتي و كل ما أملك" أخفت هزان وجهها في صدره دون ان تقول شيئا..تجمع حولهم بعض العاملين و الأساتذة و الطلبة و راحوا يسألون عن حال هزان فأجابهم ياغيز بدلا عنها" انها بخير..لكنها خافت قليلا..شكرا لسؤالكم ..عن اذنكم" و تحرك بها نحو السيارة و هو يطوق خصرها و يربت على رأسها الموضوع على كتفه..فتح لها باب السيارة و ساعدها على الركوب ثم التف من الناحية الأخرى و ركب بجانبها ثم انطلق مسرعا..كان يقود و هو يسترق النظر نحوها بين الفينة و الأخرى..كانت شاردة بنظراتها و كأنها تستعيد في عقلها ما حصل منذ قليل..ياغيز كان يسير خلفها و كان بامكانه أن يرى ما لم تتمكن هي من رؤيته..فتدخل بسرعة و انقذها..لا يوجد ما يثير شكها هذه المرة..انه تصرف طبيعي من حارس شخصي لا هم له سوى حماية مخدومه..لذلك لا داعي لتضخيم الأمور..وضعت هزان رأسها على كتف ياغيز و تشبثت بياقة قميصه بكل قوتها..طبع هو قبلة رقيقة على جبينها و هو يهمس" هل اصبحت أفضل حال الآن؟" هزت برأسها و اجابت" نعم..طالما أنا هنا..أنا بخير..أشعر بأنني أنتمي الى هنا ..ياغيز..أنا آسفة" قطب جبينه و سأل" على ماذا تتأسفين؟" ردت بصوت مختنق" لا شيء..أردت فقط أن أعتذر منك..و لا تسألني لماذا"...

تمتم ياغيز بصوت حنون" تمام جنم..لا داعي للاعتذار..يحق لك ان تفعلي ما تشاءين دون تقديم تبرير او اعتذار" تعلقت به هزان اكثر فأكثر و هي تدفن وجهها في عنقه و تهمس بصوت ملتهب يحاكي انفاسها الحارة التي احرقت بشرة ياغيز الباردة" أحبك ياغيز" رد هو بصوت مرتعش" ان كنت لا تريدين أن نتعرض لحادث و تتسببي بموتنا فتوقفي عما تفعلينه" رفعت عيونها نحوه و قالت بنبرة جادة" أوقف السيارة" حملق فيها و سأل" حقا؟ هل انت جادة؟" هزت برأسها و ردت باصرار" نعم..أنا جادة..أوقف السيارة حالا" اوقف ياغيز السيارة و فورا انتقلت هزان لتجلس على ساقيه..قال بصوت مرتبك" هزان..ماذا تفعلين؟" لم تجبه..بل قربت وجهها من وجهه و الصقت شفاهها بشفاهه..لم يستطع مقاومتها و لا ابعادها..كل ما فيه كان ضعيفا و مهزوما أمامها..تحرق برودة جسده و تحوله الى رماد بمجرد لمسة او قبلة منها..لفت هزان يدها حول عنقه و وهبت له شفاهها يفعل بهما ما يشاء..طوق هو خصرها بذراعيه و قربها منه اكثر و هو يلتهم شفاهها و يمتص رحيقهما العذب الذي لا يشبه غيره..عيون مغمضة..انفاس متسارعة..أجساد متلاصقة..دقات قلب تصل الى السماء..دماء تغلي في العروق..و سيارة تحولت الى لهيب مشتعل في عز الشتاء البارد..جال ياغيز بلسانه في اركان فمها باحثا عن لسانها الذي التقى به و رقص معه..سيل جارف من القبلات المحمومة تبادلاه طوال دقائق سحبت الهواء من رئتيهما و جعلتهما ينسيان انهما متوقفان على جانب الطريق..ابعد ياغيز رأسه عن هزان و همس بصوت مبحوح" انت تفقدينني صوابي هزان..صرت أخشى أن أفقد السيطرة على نفسي أمامك..تهزمينني و تتغلبين علي بمجرد ان تقتربي مني..آااااه من رائحتك هذه" و زرع وجهه في عنقها يسحب رائحتها عميقا الى داخله ثم اضاف" رائحتك هذه تخدرني و تتحكم بكل جوارحي..اعشقك هزان..أحبك..أجن بك" وضعت هي جبينها على جبينه و قالت" و أنا أيضا ياغيز..و أنا أيضا مجنونة بك..و لا أستطيع أن اتخيل حياتي من دونك" اختطف قبلة سريعة من شفتيها و قال و هو يغمزها" هلا نزلتي عني لو سمحتي..لا تريدين ان ننفضح و نحن في الطريق العام..أليس كذلك؟" احمر وجهها خجلا و قد انتبهت لنفسها و هي تجلس على ساقيه و تضع نفسها تحت رحمته و هما في سيارة وسط الطريق العام..همست" آسفة..انا.." قاطعها هو بأن وضع اصبعه على شفتيها و قال" الم اخبرك سابقا..لا تعتذري..لقد كان ما فعلته منذ قليل رائعا..سنكرره مرة اخرى..لكن في المكان المناسب" و غمزها بخفة فتحركت من فوقه و عادت للجلوس في مقعدها و هي تحاول اخفاء اضطرابها و خجلها من نفسها..أوقف ياغيز السيارة في المرآب بعد دقائق و نظر الى هزان التي لم تبعد رأسها عن كتفه و لو للحظة واحدة..طبع على جبينها قبلة رقيقة و قال" جنم..لقد وصلنا" تمتمت و هي ترفض أن تفتح عيونها" لا يهمني..أريد أن أبقى هنا" لف ياغيز ذراعه حولها و ضمها اليه بقوة و هو يهمس" حياتي..هذا مكانك الدائم أساسا..و هذه حقيقة لن تتغير أبدا..هيا للنزل قبل أن ينتبه الموجودون الى وصولنا و تأخرنا في الدخول الى القصر" قبلت هزان عنقه و تحركت مبتعدة عنه..و ما ان نزلا من السيارة حتى سمعا جلبة و ضجة عالية..نظرت هزان الى ياغيز و سألت" ماذا يحدث؟" رد و هو يجري نحو الداخل" سنرى..تعالي" ركضا نحو الداخل فاعترضتهما نيفين بوجه شاحب و جسد مرتعد..سألتها هزان" مالذي يجري؟" ردت الخادمة بصوت مرتعش" السيد أمين..انه..مصاب..لقد..تعرض..لطلق ناري..انها محاولة اغتيال" حملقت هزان فيها لوهلة ثم جرت نحو غرفة والدها و عيونها لا تكاد ترى الطريق أمامها..نظر ياغيز الى نيفين و سأل" و المرافقة؟ مراد و الشباب..كيف سمحوا لهذا بالحدوث؟" بكت الخادمة بحرقة و هي تجيب بكلمات متعثرة" لقد..مات..مراد..هو من ..كان..مع..السيد أمين..مع الأسف..لقد خسرناه..الطبيب في الأعلى..يعالج السيد أمين..لندعو الله ألا يصيبه مكروه" شعر ياغيز بالحزن على فراق مراد..لقد كان يعتبره رفيقا له..و كان يحب أن يمضي الوقت معه و هو يمازحه و يلقي نكاته الثقيلة..لقد رحل الآن..و لن يكون قادرا على رؤيته من جديد..صعد على الدرج بخطوات ثقيلة و ما ان وصل الى غرفة أمين حتى رأى عبر الباب الموارب الطبيب و هو يضمد جراح أمين و يعالج اصابته التي و من حسن حظه كانت في كتفه الأيمن..وقفت هزان خارج الغرفة و هي تبكي و تتمتم بالدعاء بألا يصيب والدها مكروه..اقترب منها ياغيز و ضمها بقوة اليه و هو يقول" لا تقلقي جنم..لن يصيبه مكروه" اخفت هزان وجهها في صدر ياغيز و هي تبكي بكاء مكتوما ..و ما ان خرج الطبيب حتى اندفعت نحوه و سألته" دكتور..كيف حال ابي؟ هل هو بخير؟" اجاب" نعم..انه بخير..الاصابة كانت خفيفة ..استطعت اخراج الرصاصة..سيتحسن سريعا..المهم ان يرتاح..الحارس الذي كان معه و الذي عاينته و تأكدت من موته فور قدومي حمى السيد أمين بجسده..العملية حدثت هنا بقرب المنزل..يستحسن ان تزيدوا الحرس و ترفعوا نسبة الحذر..حمدا لله على سلامته"...

بكت هزان بشدة و هي تقول" الحمد لله..انه بخير..هل سمعت ياغيز؟ انه بخير..لو اصابه مكروه ماذا كان سيحدث لي؟ هل كنت سأبقى بلا أحد؟ يالله..الحمد لله..شكرا لك يا رب" ربت ياغيز على خصلات شعرها بحنان و قال" لا تقلقي..أخبرتك بأنه سيكون بخير..هيا لنطمئن عليه" هزت هزان برأسها و تبعته و هو يفتح الباب و دخلت وراءه..جثت هزان على ركبتيها بجانب والدها و امسكت يده و هي تقول بصوت مرتعش" أبي العزيز..حبيبي..الحمد لله على سلامتك..ارجوك..لا تتركني و تذهب..أنت كل ما تبقى لي في هذه الدنيا" لامس ياغيز كتفها بخفة و همس" تعالي لنخرج..فلنتركه لكي يرتاح" هزت هزان رأسها بالنفي و قالت" لا..لن أذهب..أريد أن أبقى معه" رد" تمام..كما تريدين..انا في غرفتي اذا احتجت الى شيء" و خرج ليدعها لوحدها مع أبيها..التقى في الأسفل بجينك الذي علم بالخبرو أتى للإطمئنان على أمين..تجاوزه دون أن يخاطبه لكنه استوقفه متسائلا" كيف حال العم أمين؟ هل هو بخير؟ أين هزان؟" اجابه ياغيز ببرود" سيادة الوزير بخير..و هزان معه في الأعلى" هم بالتحرك لكنه استوقفه من جديد و هو يهمس بصوت خافت" ألم يحن وقت ذهابك من هنا؟ ألن تختفي قبل أن تكتشف هزان حقيقتك؟ انها ذكية و سريعة البديهة و ستكتشف حقيقتك عاجلا أم آجلا..هل تريد نصيحة؟ اذهب من هنا قبل أن يتأخر الوقت" رمقه ياغيز بنظرة حادة و تكلم من بين أسنانه قائلا" ذهابي من هنا او بقائي هو قرار يخص هزان لوحدها..و لا دخل لك انت فيه..أيها..الذئب" ثم تحرك مبتعدا عنه و هو يكاد يتميز غضبا..تنفس جينك بعمق محاولا السيطرة على غضبه ثم صعد الى غرفة أمين..وجد هزان هناك..ربت على كتفها و هو يقول" حمدا لله على سلامته..لقد علمت للتو..اخبريني..كيف حدث هذا الأمر؟"..

حب من عالم آخر حيث تعيش القصص. اكتشف الآن