طأطأ ياغيز رأسه و تمتم بنبرة عجز و قلة حيلة" أعلم ذلك..أعلم جيدا بأنها لن تتوقف قبل أن تعرف الحقيقة و قبل أن تستعيد ذاكرتها..انا اشعر بعجز رهيب ..و لا اجد أي حل..هل تستطيع أنت أن تفعل شيئا؟ هل تملك حلا ما؟" جلس جينك تحت الشجرة و رد" الشيء الوحيد الذي أستطيع فعله هو أن اعيدها الى رودوس و أن أمنعها من العودة الى هنا مرة أخرى..أما أن اوقف فضولها و أن امنعها من البحث في الماضي..فهذا مستحيل..نحن نعرفها جيدا..و لا واحد فينا يستطيع منعها..سننتظر فقط..لنرى" صفق ياغيز كفيه و قال" هذا يعني بأننا سنرى نهاية حياتها أمامنا..أنا لن أقبل بذلك..يجب أن نفكر معا في حل" و جلس بجانب جينك الذي كرر اعتذاره من جديد فربت ياغيز على كتفه و ابتسم له..في الصباح..استيقظت هزان على الساعة التاسعة و بحثت في أرجاء المنزل عن جينك لكنها لم تجده بل وجدت ملاحظة تركها لها على الطاولة و كتب فيها" أنا في الشركة..لدي اجتماع مستعجل..سأحاول بألا أتأخر..سأتصل بك..أجيبي..و لا تقومي بأي أمر جنوني..أرجوك..انتبهي لنفسك" ..مع الملاحظة وجدت هزان افطارا جهزه لها جينك قبل أن يغادر..شربت القهوة و غيرت ملابسها و حملت حقيبتها و خرجت..مشت لوقت طويل في الشوارع..اشترت بعض الملابس و حاولت ان تشغل نفسها عن التفكير في الغابة و فيما حدث فيها..حاولت أن توقف فضولها لكي لا تتعرض للخطر و لكي لا توقع جينك في موقف محرج و هو الذي كان طوال الوقت حريصا عليها و على حمايتها..مرت من أمام محل مرطبات فقررت أن تدخل و أن تأكل قطعة مرطبات بنكهة الشوكولاطة اللذيذة..فتحت الباب و دخلت و اقتربت من الفتاة التي كانت تقف بجانب الثلاجة الصغيرة المعروض عليها بعض أنواع الكعك و الحلويات..قالت هزان" مرحبا..لو سمحت..أريد قطعة مرطبات بنكهة الشوكولاطة..سأجلس بجانب النافذة" رفعت الفتاة عيونها و حملقت في وجه هزان لوهلة..شحب وجهها و جحظت عيونها و تمتمت بصوت خافت" مستحيل..غير معقول" زمت هزان شفتيها و سألت بقلق" عفوا؟ هل نعرف بعضنا؟" كانت تلك الفتاة هي هوليا..جمدت في مكانها تتأمل وجه هزان باستغراب و ذهول..انتبهت لنفسها و ردت" هزان..هذه أنا..هوليا..ألا تتذكرينني؟" قطبت هزان جبينها و ردت" اعتذر..لا اتذكرك..هل نعرف بعضنا؟" اقتربت هوليا من هزان و قالت" هزان..هذه أنت..هزان شامكران ابنة الوزير المرحوم أمين؟ أليس كذلك؟" اومأت هزان برأسها بالايجاب فأضافت هوليا" هذه أنا..هوليا..صديقة ياغيز..لا اعتقد بأنك لا تتذكرين ياغيز..اليس كذلك؟" زمت هزان شفتيها و تمتمت" عفوا..من يكون ياغيز؟" اجابت" غير معقول..ياغيز..حارسك الشخصي..و ..حبيبك"...
قادت هوليا هزان الى الطاولة حيث جلستا متقابلتين فسألت هزان بحيرة" ياغيز؟ حبيبي؟لماذا لا اتذكر شيئا عنه؟" ردت هوليا" قد يكون ذلك بسبب الحادث الذي تعرضت له..يبدو لي بأنك فقدت الذاكرة..آسفة ..لا اقصد أن أكون فظة و وقحة..لكن من المفترض أن تكوني ميتة..كل تركيا تعلم بموتك في حادث سير..و رؤيتك هنا ..و على قيد الحياة فاجئتني..الحمد لله أنك بخير..أسعدتني رؤيتك كثيرا" ابتسمت هزان لوهلة ثم عبست من جديد و سألت" هل توجد لديك أية صورة لياغيز؟ أريد أن أرى وجهه لعلني أتذكره" هزت هوليا برأسها و قالت و هي تبتسم" أكيد..أنا و ياغيز أصدقاء قبل أن أتعرف عليك حتى..و انا و أنت أيضا كنا قد قررنا بأن نكون أصدقاء لكن القدر كان أسبق..على العموم..سأريك إياه" ثم سحبت هاتفها من جيبها و بحثت بين صورها و قربت الشاشة من هزان و قالت" هذا هو" اخذت هزان الهاتف منها و راحت تحملق في ذلك الوجه الوسيم ذي العيون البلورية الجميلة..مررت اصابعها على وجهه و تأكدت الآن بأنه هو ذلك الرجل الذي رأته تحت الجليد..و بأنه هو من أنقذها عندما شعر بالخطر المحدق بها..و بأن هذا الوجه هو الذي كان يلاحقها طيلة العام المنقضي..انه هو..حارسها الشخصي..و حبيبها..خفق قلبها بشدة لمجرد رؤية وجهه ..فكيف اذا رأته مباشرة و أمسكت يده و شعرت به؟ لماذا اذا لا تتذكره؟ لماذا لا تجد أي شيء عنه بين صورها و ذكرياتها؟ هل هو أمر مقصود؟ أم ماذا؟ ..واصلت تأمل ملامحه لوهلة ثم اعادت الهاتف لهوليا و قالت" هوليا..لو سمحت..هل تستطيعين أن تحدثيني عن ياغيز و عن علاقتي به؟" وضعت هوليا قطعتي مرطبات امامهما و قالت" أنت و ياغيز عشتما قصة حب جارف..قصة حب تشبه تلك التي نقرأها في القصص..كل واحد منكما كان يحب الآخر بطريقة جنونية و لا عقلية..هو حارس أبيك الشخصي..و بمجرد عودتك الى تركيا ..وظفه أبوك لمرافقتك..فصار حارسك أنت..في اابداية كانت بينكما خلافات..و كنت تستفزينه و تتجادلين معه طوال الوقت..ثم غرق كل واحد منكما في حب الآخر..إلى أن صارت علاقتكما قوية و صارت حياة كل واحد فيكما متعلقة بالآخر..لكن يبدو أن الحادث فرق بينكما..المسكين..يظن بأنك ميتة" سألت هزان" و أين هو الآن؟" ابتلعت هوليا ريقها بصعوبة و بدت مترددة كثيرا قبل أن تجيب" لا اعلم..أظن بأنه مسافر..لم أراه منذ فترة طويلة" سألت هزان من جديد" و كيف أستطيع التواصل معه؟ هل تستطيعين اعطائي رقم هاتفه؟" اعطتها هوليا رقم الهاتف لكنها قالت" هذا الرقم الذي أملكه..لكن اظن بأنه غيره..لقد اتصلت به كثيرا منذ مدة لكنه كان مغلقا طوال الوقت"...
سجلت هزان الرقم على هاتفها و اتصلت مباشرة لكن هاتف ياغيز كان مغلقا..ربتت هزان على يد هوليا و قالت" شكرا لك هوليا..لقد أنقذتني من الضياع الذي كنت أعيشه..كان رأسي يضج كثيرا بالأسئلة التي لا أجد لها أجوبة بسبب فقدان جزئي للذاكرة..و أكثر ما كنت أتسائل حوله هو ياغيز..و الحمد لله أنني التقيت بك و بفضلك صرت أعرف بعض الحقائق..شكرا لك من كل قلبي" ابتسمت هوليا و ردت" لا داعي لشكري هزان..بصراحة أنا تفاجئت بشدة عندما رأيتك أمامي على قيد الحياة..و أسعدني ذلك كثيرا..و اعتقد بأن ياغيز كذلك سيسعد للغاية بهذا الخبر..هذا اذا نجحنا في الوصول اليه..أنا شخصيا لا أعلم بمكانه منذ فترة طويلة" قطبت هزان جبينها و سألت" ألا تعرفين أحدا من رفاقه قد يذهب اليه..أو مكانا يقضي فيه وقته؟" صمتت هوليا قليلا ثم اجابت" بصراحة..لا أعلم..سأحاول أن أعثر عليه..و تأكدي بأنني سأحرص على اخباره بأنك مازلت على قيد الحياة..و سأظل على تواصل معك" تبادلتا أرقام الهاتف ثم استأذنت في الذهاب الى المنزل بعد أن انتبهت بأن الوقت قد تأخر..ركبت هزان سيارة تاكسي و عادت الى المنزل و هي سعيدة بأنها نجحت في قطع نصف الطريق نحو الماضي المجهول و تلك الصفحات الممحية من ذاكرتها..حسب كلام هوليا..كانت تعيش قصة حب رائعة و قوية و عميقة مع ياغيز و كانا مرتبطين ببعضهما بشدة..فمالذي فرق بينهما؟ و لماذا يعجز عقلها عن تذكر شيء عن هذه العلاقة؟ و لماذا تنساه هو بالذات دونا عن غيره؟ اتكأت بمرفقها على زجاج نافذة سيارة الأجرة و غرقت في الأفكار..اتصل بها جينك فأعلمته بأنها عائدة الى البيت بعد أن قضت بعض الوقت في التسوق..أخبرها هو بأنه سيتأخر في الشركة و لن يعود قبل المساء ..أنهت هزان المكالمة و نظرت الى السائق و قالت" سأنزل هنا لو سمحت" ..لم تكن قد وصلت الى المنزل..بل اختارت أن تقصد طبيبة نفسية كانت تعرفها منذ زمن لعلها تساعدها على استرجاع ذاكرتها المفقودة..دخلت الى العيادة و جلست تنتظر دورها..ثم سمحت لها السكرتيرة بالدخول..حملقت الطبيبة سناء في هزان و عانقتها بقوة و هي تقول" هزان..كيف حدث هذا؟ لقد كنت أظن بأنك.." ابتسمت هزان و ردت" ميتة..أعلم ذلك..سأروي لك القصة..لكنني التجأت اليك لأنني احتاجك و بشدة..أريدك أن تساعديني..و بسرية تامة..لا أريد أن يعرف أي شخص بهذا..لو سمحت" هزت سناء برأسها و أشارت لهزان بالجلوس و طلبت منها ان تحكي لها بالتفصيل ما حدث معها و ما يؤرقها و ما تريد مساعدتها فيه..
أنت تقرأ
حب من عالم آخر
Lãng mạnقد تصادفكم قصص حب غريبة و مختلفة..و قد تتخيلون حكايا متفردة و نادرة لعشاق يلتقون و يفترقون و قد يجتمعون في النهاية و يكتبون نهاية سعيدة لقصتهما..أما هذه القصة فهي لا تشبه مثيلاتها من القصص..و حكاية الحب هذه لا يمكن لعقولكم أن تستوعبها..لأنها ببساطة...