الفصل التاسع و الأربعون

917 34 0
                                    

تأففت هزان بضيق و قالت" و عملي في الجامعة؟ كيف سأتركه و اترك طلابي؟" رد جينك" هزان..انت ميتة في نظر الجميع و أولهم طلابك..هناك جامعة هنا..تستطيعين التقديم فيها عندما انتهي من تجهيز اوراقك الرسمية الجديدة..و التي ستكون بإسم جديد و هوية جديدة..لا تنسي..حمايتك اولوية الأولويات بالنسبة الي" هزت هزان برأسها و قالت" تمام..فهمت..لكن لدي سؤال" قطب جينك جبينه و سأل" و ما هو؟" ردت" هل كان لدي مرافقة عندما كنت في اسطنبول؟ حارس شخصي يعني؟" ابتلع جينك ريقه بصعوبة و رد" نعم..كان لديك حارس شخصي يدعى سليم و مات مع الأسف..قتله الارهابيون..و الآن..أنا حارسك الشخصي و مرافقك" وقفت هزان و قالت" سليم..غريب..لماذا لا اتذكر شيئا عنه..و كأن هناك حلقة ناقصة في ذاكرتي..فراغ أسود يلف شيئا ما..و هذا الشيء يترك في نفسي شعورا غريبا بالحزن و الأسى..لا اعلم ان كنت أستطيع أن اعبر بصورة جيدة عما يحدث في داخلي" مرر جينك اصابعه خلال خصلات شعره و قال" هزان..تعالي معي..سنقضي بعض الوقت الممتع معا..ما رأيك؟" تبعته هزان الى الخارج حيث كانت تنتظرهما دراجتان جميلتان..ابتسمت هزان و امتطت احداهما بحماس و راحت تتسابق مع جينك..في قصر الظلال..حاول كمال و هوليا ان يهدئا ياغيز لكن دون جدوى..كان هائجا و غاضبا و يائسا..هم بالخروج فاعترضت هوليا طريقه و قالت" ياغيز..الى أين انت ذاهب؟ ارجوك ..لا تقم بأي عمل جنوني..و لا تتهور..أرجوك ياغيز" ازاحها ياغيز عن طريقه و رد" هوليا..توقفي عن محاولاتك بأن توقفيني..انتم فعلتم ما تريدون..و انا سأفعل ما أريد..سأسعى الى اطفاء هذه النار التي تأكلني من الداخل..سأغيب لفترة طويلة..لذلك لا تسألوا عني و لا تلاحقوني..سأكون بخير حيث أنا..ما سأفعله لن يؤذيكم و لن يؤثر عليكم..كونوا واثقين من ذلك" وضعت هوليا يدها على ذراعه و قالت" ياغيز..أنت تخيفني..مالذي تنوي فعله؟" لم يجبها ياغيز بل خرج و اغلق الباب وراءه..في جزء معزول من الغابة..معتم و بارد و مظلم..جلس ياغيز تحت الشجرة و قال" لحظات و ينزل الثلج و يتحول هذا الجزء من الغابة الى صقيع و جليد..و سأدفن انا تحت الثلج..لن أموت..و لن أعيش..سأكون متجمدا و معزولا عن العالم..الى متى..لا اعلم..الى أن تحدث معجزة ما..ربما..او الى أن تجد سببا لكي أخرج من هذه العزلة..هزان..حياتي..كوني بخير حيث أنت..كوني سعيدة و بأمان..و الباقي لا يهم"...

اندفن ياغيز تحت الثلج و تكونت طبقة جليدية سميكة فوقه..كانت عيونه مفتوحة و جسمه متجمد..في الطرف الآخر من البلد..كانت هزان تقضي وقتها مع جينك..يتجولان في الجزيرة..يتسوقان معا..يقومان بمغامرات حماسية و جنونية يحاول جينك من خلالها أن يشغل عقل هزان عن التفكير في الماضي و عن طرح تلك الأسئلة المتكررة عن القلادة و عن حارسها الشخصي السابق..كانت تشعر بالسعادة كلما كانت مع جينك تقضي وقتها في القيام بمغامرات و نشاطات مختلفة و مميزة..لكن..كلما انزوت بنفسها لبعض الوقت..في غرفتها أو على سطح المنزل..كانت تشعر بحزن غريب..و تتراءى أمام عيونها كلما اغمضتهما خيالات لشخص يلبس الأسود..و يقف و ظهره لها..و لا تنجح في رؤية وجهه مهما حاولت..كان ذلك الشخص كاللغز بالنسبة اليها..كانت تريد أن تعرف من يكون..و لماذا يسيطر على افكارها بتلك الطريقة الغريبة ..و لماذا تشعر بأنها تنتمي اليه و بأنه محور حياتها..من يكون يا ترى؟ و ما علاقتها به؟ أيعقل بأن يكون مجرد خيال سيطر على عقلها فيما مضى دون ان ترى وجهه؟ لماذا كلما حاولت أن تستقوي على عقلها لكي تتذكره او تراه تعجز عن ذلك و يؤلمها رأسها بطريقة رهيبة و كأنه ممنوع عليها أن تتذكره او أن تراه..لم تكن قادرة على التواصل مع أي شخص من اصدقاءها او معارفها لأن جينك أقنعها بأن أي تواصل معهم سيكشف أمر خطته التي وضعها لحمايتها..صعب عليها ان تكون شخصا ميتا في عيون عائلتها و اصدقاءها و معارفها..و أن تعيش بهوية اخرى و ان تتصرف كأنها شخص آخر لا يشبهها..لكن الوضع الخاص و الغريب الذي وجدت نفسها فيه اجبرها على القبول بكل هذه الظروف و الممنوعات..و لعل اكثر ما يشغل بالها هو هذه القلادة الغريبة التي تضعها حول عنقها..تستغرب وجودها لأنها لا تشبه ذوقها في اختيار الاكسسوارات..و لا تصدق قصة انها اشترتها من محل انتيكا..و لا تقدر أن تنزعها من رقبتها..و كأنها تعطيها شعورا غريبا بالأمان و الاطمئنان و السكينة..و كأنها وجدت هناك لكي تحميها و تبعد عنها كل السوء و الأذى..بقيت أسئلة هزان مجرد أسئلة طيلة عام كامل دون أن تجد لها أجوبة..صارت تدرس الآن في جامعة في رودوس و تعطي محاضرات في التاريخ..جينك لا يفارقها أبدا..و كأنه فعلا مرافقها و حارسها الشخصي. او كانه ظلها..يراقب كل تحركاتها و يتجنب اجابتها عن بعض الأسئلة العالقة..انظمت اليهما ميلدا بعد شهرين بعد ان اخبرها جينك بأن هزان على قيد الحياة و بأنها لا يجب أن تذكر اسم ياغيز أمامها لأسباب لم يشرحها لها..و افهمها بأن تؤيد القصة التي حكاها لهزان و كأنها السبب الحقيقي لخطة موتها..

حب من عالم آخر حيث تعيش القصص. اكتشف الآن