الفصل الرابع و العشرون

1K 43 2
                                    

قال ياغيز بصوته الجهوري" هذا انا ياغيز..لا تخافي" اقترب منها و وضع يده على كتفها فوقفت بسرعة و ارتمت بين ذراعيه و هي تقول بصوت مرتعش" انا خائفة..لقد انقطعت الكهرباء فجأة..و لم أعد أرى شيئا..من الجيد أنك أتيت" مرر ياغيز يده على خصلات شعرها ببطء و همس" لا تخافي..انا هنا..معك" تعلقت هزان به و دفنت رأسها في صدره و تمتمت" انا بخير الآن..ما دمت انت معي..ارجوك ياغيز..ابقى معي و لا تتركني أبدا..عدني بذلك" قطب ياغيز جبينه و حدث نفسه قائلا" ليتك انت تعدينني بأنك لن تتركيني بعد أن تعلمي بحقيقتي" ثم قبل جبينها بحنان و قال" أعدك..لن أتركك أبدا" تشبثت هزان بقميص ياغيز و شدته نحوها بقوة ..قال" تعالي..سأضعك في سريرك" تمتمت معترضة" لكن كان لدي عمل..ايعقل الا تعود الكهرباء سريعا؟" اجاب" دعك من العمل الآن..نامي و ارتاحي و ستنهين عملك في الغد" و كأنه كان يؤخر معرفتها للحقيقة يوما آخرا بعد..هو من قطع الكهرباء بعد أن رأى بحثها عنه و عن شبيهيه في الانترنات..كان قريبا منها لكنها لم تره..كل ليلة يتسلق الشجرة المقابلة لنافذتها و يتسلل الى غرفتها و يتأملها خلال نومها ..هو لا ينام أبدا..هذه سمة خاصة بمصاصي الدماء..لذلك يقضي اغلب ليله في مراقبتها أثناء نومها..و الليلة..انتظر خلودها الى النوم لكنها لم تفعل..و انصب الرعب في قلبه و هو يراها تنقر تلك الكلمات على لوحة مفاتيح الحاسوب..لم يجد أمامه حلا آخرا سوى قطع الكهرباء..و عاد اليها بسرعته الفائقة لأنه يعلم جيدا بأنها تخاف الظلام..وضعها ياغيز بلطف في سريرها و هم بالابتعاد لكنها لم تسمح له..همست و هي تمسك بياقة قميصه" لا تذهب..ابقى معي..أريد أن أنام بين أحضانك..لو سمحت" اعترض قائلا" لكن..هزان..ماذا لو.." قاطعته" ارجوك..لا ترفض" استلقى ياغيز بجانبها على السرير فاقتربت منه هزان و لفت يدها حول جسده و وضعت رأسها على صدره ..كان ياغيز يحاول ألا يفكر في رائحتها التي تتسلل كالسم الى اعماقه و تؤذيه بشدة..تستثيره و تحاول ايقاظ ذلك الشيطان النائم..مرر اصابعه على خصلات شعرها بحنان فتعلقت هي به أكثر فأكثر..و ما هي الا لحظات حتى سمع صوت تنفسها الهادئ و شعر بثقل رأسها على صدره..لقد نامت بسلام و طمأنينة دون ان تدرك بأنها تشعر بالأمان بين احضان اكثر شخص يجب أن تخشى على نفسها منه..

نامت هزان بهدوء طفل صغير ينام بين احضان شخص يحبه و يثق به..بقيت يدها متشبثة بياقة قميصه و كأنها تخشى أن يتركها و يذهب أما هو فظل يراقبها طوال الليل..يتأمل ملامحها و يطبع تفاصيل وجهها في مخيلته و في عقله..يلعن ضعفه و انهزامه امامها ألف مرة..و يلعن حقيقته البشعة و التي قد تحرمه من هذه المراة البريئة التي تحبه بكل سذاجتها و طيبتها و صفاء نيتها..ما ان انبلج الصبح حتى وضع رأسها بهدوء على الوسادة و اختفى مسرعا من غرفتها..بعد حوالي الساعة..استيقظت هزان و هي تشعر براحة غريبة..لقد نامت ملئ أجفانها لأنه كان معها و بقربها..ابتسمت و هي تتمطى بسعادة في سريرها..نظرت الى مكانه الخالي و تحسست الملاءة بأصابعها و كأنها تتلمس جسده الذي احتواها ليلة البارحة بحنان..أسرعت تغادر سريرها..تأخذ حمامها و ترتدي ملابسها و تنزل الى الأسفل..تناولت فطورها على عجل ..قبلت أباها و ذهبت الى السيارة حيث كان ياغيز بانتظارها..ركبت بجانبه و اقتربت منه لتقبل خده لكنه تراجع و هو يقول بعصبية" هزان..ماذا تفعلين؟ سيرانا أحدهم" عبست هزان و ردت" أردت فقط أن أشكرك من أجل ليلة البارحة" انطلق ياغيز مسرعا بالسيارة و هو يقول" ارجوك هزان..انتبهي الى تصرفاتك خاصة أمام أبيك و الحرس الآخرين..أنا أمامهم حارسك الشخصي فقط..لا أريد لأحد أن يتحدث عني و عنك..لو سمحت" رفعت هزان يديها باستسلام و قالت" تمام..تمام..لا تغضب" ..بعد دقائق..وصلا الى الجامعة و قبل ان ينزل ياغيز لكي يفتح لها باب السيارة سألته و هي تلامس وجهه بدلال" هل استطيع تقبيلك الآن؟" نظر اليها بعجز و قلة حيلة فضحكت و اقتربت منه و هي تطبع على خده قبلة رقيقة..

دخلت هزان الى المدرج و حيت طلابها قائلة" صباح الخير..كيف حالكم؟ ماذا فعلتم؟ هل وجدتم معلومات كافية عن الأساطير؟" اجاب احدهم" نعم استاذتي..لكن هناك بعض المواضيع كان تجميع معلومات حولها شائكا و دقيقا" اضافت طالبة أخرى" و انا ايضا استاذتي..لم اجد أي كتاب يتحدث عن مصاصي الدماء مثلا..لكنني استطعت تجميع بعض المعلومات حولهم" قالت هزان بحماس" هذا جيد..لنبدأ تشارك معلوماتنا اذا" و راحت تتباحث مع طلابها قصص تلك الأساطير و مرجعياتها التاريخية و الكتب و الأفلام التي وثقتها..سألت بعد وقت" و الآن..من يستطيع أن يعدد لي مواصفات مصاص الدماء و خاصياته؟" رفع احد الطلبة يده و اجاب" من المعروف عنهم يا استاذتي انهم يجيدون التخفي جيدا بين البشر..لكنهم لا يحتملون رؤية الدماء..سواء كانت بشرية او حيوانية..يفقدون السيطرة على انفسهم..يتغير لون عيونهم و تظهر أنيابهم..انهم مخيفون حقا سيدتي" ابتسمت هزان و قالت" هون عليك..انها مجرد أساطير..ايي..هل من صفات أخرى؟" ردت احدى الطالبات" معروف عنهم ايضا بأنهم ذوو جاذبية كبيرة..ينجحون بسهولة في التأثير علينا نحن البشر و لا نستطيع مقاومة سحرهم..الى أن يحصلوا على غايتهم و هي دماءنا" قال احدهم" ياك..هذا مقرف" واصلت الفتاة" يعرف عنهم ايضا بأنهم يتمتعون بقوة خارقة..و بسرعة فائقة..يفوقون لمح البصر سرعة..لا ينامون..و لا ياكلون طعام البشر..يكرهون الشمس و لا يظهرون فيها..يحبذون الطقس الغائم و الممطر ..يحبون الظلام ايضا..يجيدون قراءة الأفكار و سماع ما يفكر به البشر..هذا كل ما استطعت جمعه عنهم استاذتي" سألت هزان" هل من معلومات اضافية؟" اجاب طالب" نعم سيدتي..يستطيعون الشعور بالخطر قبل وقوعه..سواء كان الخطر المحدق بهم او الكوارث الطبيعية التي تحصل بصورة مباغتة و مفاجئة..لديهم قواعد لا يسمح لهم بخرقها او تجاوزها..اجسادهم باردة دائما و لا يموتون الا اذا رمت أجسادهم في النار..يكبرون لمئات السنين لكنهم يظلون في العمر الذي تحولوا فيه لأول مرة...لا يشيخون مثل البشر و لا يتغير مظهرهم..لذلك يغيرون مكان تواجدهم من سنة الى أخرى لكي لا يلحظ البشر بقاءهم على نفس الحال..لقد تعبت كثيرا في جمع هذه المعلومات..بعضها من الانترنات و البعض الآخر من الأفلام مثل فيلم الشفق على سبيل المثال" هزت هزان برأسها و قالت" نعم..لقد شاهدته عندما كنت في أمريكا..احسنتم يا شباب..لقد جمعتم معلومات وافية و ضافية" لم تنهي هزان كلامها لأن عقلها توقف فجأة و هي تستعيد في ذهنها بعض التصرفات الغريبة التي رأتها من ياغيز..أغمضت عيونها بشدة و تمتمت بصوت خافت و مخنوق" اولماز..مستحيل"...

حب من عالم آخر حيث تعيش القصص. اكتشف الآن