راحت هزان تروي ما حدث لجينك الذي ظل جالسا بقربها يسمعها و يحاول تهدأتها..قال جينك بعد وقت" هذا هو عالم السياسة..مليء بالأعداء و الكارهين..أبي أيضا تعرض لمحاولة اغتيال و تسببت في اصابته في ساقه و موت جميع مرافقينه..لندعو الله ان يحميهم و يحفظهم لنا..و انت..لا تحزني جنم..سيكون بخير" فتح امين عيونه و تحرك في فراشه فأسرعت هزان نحوه و اخذت تقبل جبينه و يديه و هي تقول" أبي العزيز..كيف تشعر الآن؟ هل انت بخير؟" غمغم الرجل بصوت ضعيف" انا بخير يا ابنتي..لا تقلقي" اقترب منه جينك و اطمأن عليه..قالت هزان بحماس" بما انك استيقظت فسأعد لك حساء يعيد لك عافيتك..سأعده بنفسي" ثم نظرت الى جينك و قالت" ابقى معه لو سمحت..سأعود سريعا" و خرجت تجري على الدرج و نزلت الى المطبخ..كان قد حل المساء و عم الظلام الكون..وقفت هزان أمام طاولة المطبخ و أخذت تقطع البصل و الطماطم لكي تبدأ تحضير الحساء الذي تجيد اعداده..كانت منهمكة فيما تفعله عندما دخل ياغيز و سألها مباشرة" هزان..كيف اصبح السيد أمين؟" فاجأها ياغيز بدخوله المفاجئ و بسؤاله فجرحت دون قصد اصبعها..كانت تقف و ظهرها لياغيز الذي واصل كلامه" لقد اتصلت بأكاديمية الحراس الشخصيين و طلبت حارسين جديدين..لا تقلقي جنم..سيكون كل شيء تحت السيطرة" التفتت اليه هزان و هي ترفع اصبعها المجروح في وجهه و قالت" ياغيز..جنم..هلا اعطيتني لاصقة من الدرج لكي اضعها على اصبعي..لقد جرحته و انا اقطع البصل" جمد ياغيز في مكانه و هو يرى قطرات الدماء التي كانت تنزل من اصبع هزان..حاول جاهدا السيطرة على نفسه لكنه لم ينجح..رائحة دمها أيقظت ذلك الوحش النائم في اعماقه..تغير لون عيونه و بدت أنيابه لكنه سارع الى اخفاءها بيده و خرج مسرعا من المطبخ..حملقت هزان في ذلك المشهد الرهيب الذي رأته..عقلها لا يكاد يستوعب ما حصل..جرت خلفه و لحقت به و هي تصيح" ياغيز..التفت و انظر الي..هل هذا أنت فعلا؟ أرجوك ياغيز..انظر الي و لا تهرب مني..أريد أن أرى حقيقتك..تعبت من الشك و من التفكير..انظر الي..و لا تهرب..هيا..كن شجاعا و دعني أراك على حقيقتك" وقف ياغيز و التفت اليها و هو ما يزال على حاله تلك..نظر اليها و قال" انظري هزان..هذا انا..و هذه حقيقتي..لن أخفيها عنك بعد الآن"..
صعقت هزان من منظر ياغيز و شكله المخيف..شهقت بصوت مخنوق و أخذت تتراجع الى الخلف و هي تردد " اولماز..هذا مستحيل..ماهذا يالله؟ هل هذا معقول؟ لا أكاد أصدق..هل هذا أنت فعلا ياغيز؟ هل هذه حقيقتك؟ هل انت هو هذا المسخ المخيف؟ هل انت هو هذا الوحش المرعب؟ ..لا..مستحيل..مستحيل أن تكون انت ذلك الرجل الذي أحببته..مستحيل ان تكون انت من أمنته على نفسي و على عائلتي..لا بد أن هذا كابوس مزعج و سأستيقظ منه لا محالة..هيا اذهب انت من هنا و أعد لي حبيبي ياغيز..هيا ارحل من هنا..لا أريد أن اراك ثانية..اذهب و لا تعد" و اخذت تهز يديها و تومئ له بأن ينصرف ..حملق فيها ياغيز بعيون مكسورة و حزينة ثم تقدم نحوها و قد عاد الى هيأته الطبيعية..قال بنبرة حزينة" أنا آسف هزان..تلك هي حقيقتي التي كنت اخفيها عنك و أحاول جاهدا الا تظهر أمامك..تلك هي حقيقتي التي أجبرتني على الهرب منك و على صد كل محاولاتك للتقرب مني..تلك هي حقيقتي التي لم اخترها و لا ذنب لي فيها..تلك هي حقيقتي اللعينة و التي لن استطيع تغييرها مهما فعلت..لقد فعلت كل شيء لكي ابعدك عني و اكرهك في و امنعك من الوقوع في حبي..فعلت كل شيء..صددتك و عاملتك ببرود..مثلت انني على علاقة مع هوليا و اوهمتك بأنها حامل مني لكي اضع بيني و بينك حاجزا لا يمكن تخطيه..لكنني فشلت..و هزمتني..غلبتني..و جعلتني انسى كل شيء الا حبك لي..جعلتني أستسلم و أرمي اسلحتي و اعترف لك بحب خبأته في قلبي منذ زمن بعيد..جعلتني اطمع أن تتقبليني بالحال التي أنا عليها و بألا تتوقفي عن حبي بعد ان تعرفي بحقيقتي..جعلتني افضح نفسي و أظهر امامك على حقيقتي لكي انقذك من الشكوك و من التفكير الدائم..نعم هزان..ذلك المسخ الذي رأيته منذ قليل كان وجهي الحقيقي..آسف..لكنني لن استطيع فعل شيء حيال ذلك..انت من طلبت ان تظهر امامك كما انا..و ها انذا فعلت..الخيار لك الآن..اما ان تتقبليني كما انا و .." قاطعته هزان بصوت مرتعش" عن اي تقبل تتحدث انت ياغيز..هل فقدت عقلك؟ ما رايته منذ قليل امر مرعب و مخيف..كيف لي ان اتقبل وحشا يعيش على الدماء؟ كيف لي ان استأمنه على نفسي و على عائلتي؟ من يضمن لي بأنك لن تعضني و تمتص دمائي؟ من يضمن لي بانك لن تقتل ابي او احد الموجودين في القصر؟ لا..هذا هراء..ما قلته لا يتعدى ان يكون مجرد هراء و هذيان..كنت اظن بان مصاصي الدماء مجرد اسطورة مخيفة فقط..لكن ظهر بأنكم موجودون في الحقيقة..مساكين نحن البشر..ماذا نكون بالنسبة اليكم؟ وجبة عشاء ام غداء؟ انتم وحوش قاتلة..و تقبلكم بيننا يعني ان نضع روحنا على كفنا و ان ننتظر موتنا" ..
طأطأ ياغيز رأسه و هو يسمع كلامها القاسي و تمتم بصوت مخنوق" تعرفين جيدا بأنني لن أؤذيك" صاحت به هزان و جسدها يختلج من الغضب و الخوف" و من يضمن لي ذلك؟ من يضمن لي بأنك لن تفقد السيطرة على نفسك و بأنك لن ترغب في امتصاص دمائي؟ من يضمن لي بأنك لن تنسى من أكون عندما تتحول و تعطش الى الدماء؟ لا تؤاخذني..ما تقوله أمر لا يحدث سوى في القصص و الأفلام و الخرافات..لا وجود لهذا الهراء في الحياة الحقيقية..أن أتقبلك و اعيش معك حياة طبيعية ضرب من المستحيل..أعلم بأنك تحملني أنا مسؤولية كل شيء لأنني أنا من تعلقت بك و ركضت خلفك و اغريتك و فعلت كل شيء لكي تقع في حبي..لكنني لم أكن اتصور أن تكون حقيقتك مرعبة الى هذه الدرجة..خيالي لم يتجاوز بأن يعتقد أنك قاتل مأجور او زعيم مافيا..أما أن تكون مصاص دماء ..اوف يالله..كان كل شيء أقوى مني..كنت أنجذب نحوك كالعمياء دون أن أقوى على تخيل حقيقتك..أما الآن فالأمر مختلف..سأعتبر بأنك لم تكن في حياتي من الأساس..و بأنني لم أرك و لم اتعرف عليك..أفضل ما تفعله الآن هو أن ترحل قبل أن ينتبه أحد الموجودين اليك و يبلغ عنك الشرطة أو يفضح أمرك أمام الناس..و لا تخف..لن أروي ما رأيته لأحد..و لن أفضح أمرك و أمر أمثالك..اذهب من هنا و لا تدع عيني تراك مرة أخرى..هيا اذهب" حملق فيها ياغيز لوهلة ثم تكلم بصوت حزين" آسف هزان..لم أكن أقصد أن أخيب أملك و أن أصدمك بهذه الطريقة..سأرحل و لن تريني مرة أخرى..أعدك بذلك..أتمنى أن تعديني انت أيضا بأمر..أنت تنتبهي الى نفسك و ألا تسمحي لأي أحد بأن يؤذيك..و اياك أن تتهوري و تؤذي نفسك لأنني لن أكون هناك لكي أحميك..أريدك أن تتأكدي من أمر واحد فقط..هو أنني أحبك بكل جوارحي..و حبك أقوى مني و أقوى من هذا الوحش الذي يعيش في داخلي..أحبك هزان..تذكري ذلك دائما..كوني سعيدة في حياتك و لتجدي الحب الحقيقي الذي يمنحك السعادة و الطمأنينة..اخبري السيد أمين بأنني استقلت..او تستطيعين ان تقولي بأنني خفت على نفسي و اختفيت بعد ما حدث مع مراد..تستطيعين قول ما تريدين..ستكون هذه آخر مرة ترينني فيها..الوداع هزان..الوداع حبيبتي الغالية" و اختفى بسرعة فائقة لم تسمح لهزان برؤيته و هو يذهب حتى.
أنت تقرأ
حب من عالم آخر
Romanceقد تصادفكم قصص حب غريبة و مختلفة..و قد تتخيلون حكايا متفردة و نادرة لعشاق يلتقون و يفترقون و قد يجتمعون في النهاية و يكتبون نهاية سعيدة لقصتهما..أما هذه القصة فهي لا تشبه مثيلاتها من القصص..و حكاية الحب هذه لا يمكن لعقولكم أن تستوعبها..لأنها ببساطة...