♥️ الفصل الخامس والثلاثون ♥️

6.7K 285 44
                                    

         _ ٣٥_
_ مزيد من الدماء! _

بعد مرور 3 أشهر ...
فــي (موسكو) ...

اندفعت تسدد له لكمة قوية لكنه تفاداها بسهولة لترفع قدمها تحاول ركله الا ان امسك بها ثم دفعها لتسقط ارضاً ، شحذت قوتها لتنهض فجأة مسددة لكمة الي معدته لكنها لم تؤثر به وهو يسحب ذراعها ويديرها لتصدم بصدره العاري وهي تلهث بعنف وهو يهمس بجوار اذنها وانفاسه تضرب عنقها الناعم  :

- انا بتوقع حركتك بسهولة ... متمشيش علي نمط معين ومتسبيليش فرصة اعرف ضربتك الجاية !

استمعت له بحرص ثم لكمت معدته بمرفقها فجأة مما اتاح لها الفرصة للانفلات من بين يديه ثم التفتت تركله علي حين غره تتمتم بلهاث :

- طب اتوقعت دي ؟

ابتسم بدهشة دامت لثواني قبل ان يندفع نحوها يهاجمها بضربات بكاد استطاعت مجاراته وصدها بصعوبة ليلف قدمه حولها مما عرقل حركتها وجعلها تسقط ارضاً بقوة ، رمقته بغيظ وهي تلتقط انفاسها الهاربة وصدرها يعلو ويهبط..

- كلامك مع عدوك بيدل علي ترددك ... ولما تكون رقبة عدوك تحت رجلك وتتردي تبقي نهايتك !..

هتف بجدية ثم القي لها زجاجة مياه وراح يجلس ارضاً بجوارها يمدحها بشبه ابتسامة :

- ادائك اتحسن كتير عن الاول انتِ فاضلك شوية وهتغلبيني !

تجرعت القليل من الماء ثم سكبت المتبقي علي وجهها لتغمرها المياه مانحة إياها شعوراً بالارتياح ... تنفست بعمق فلم تعد تشعر ذلك الشعور المقيت بالضعف فمنذ تلك الليلة التي صارحها بها انها ضعيفة تحتاج لمن يرعاها وهي اعتزمت تغيير ذلك لذا اصرت ان تجعله يعلمها كيف تقاتل وتدافع عن نفسها حتي انها تعلمت القليل من الروسية لتستطيع التحدث مع الخدم دون وجوده ومن جهته لم يمانع بل ادهشتها سعادته ليعلمها فنون الدفاع عن النفس...حينها انتابها الحزن لظنها انه لم يعد يتحمل ضعفها لكن كعادته يفهمها بلا حاجة للحديث فطمأن قلبها انه فقط سعيد انه سيكون مطمئن عليها في غيابه...

عادت من شرودها اللحظى وهي ترمقه بابتسامة جانبية تقول مشاكسة :

- يعني مش هتضايق لو غلبتك ؟

اقترب قليلاً وعيناه تتركز علي شفتيها هامساً بصدق :

- انا بكره الخسارة ومحدش غلبني قبل كده بس انتِ غير ... انا مش بس مستعد تغلبيني .. انا مستعد اموت علي ايدك وانا راضي يا ليلو !!..

لمست كلماته الصادقة اوتار قلبها بعنفوان لتتمدد ابتسامة ناعمة علي شفتيها بلا وعي هامسة بنفس نبرته :

- وليلو متقدرتش تعيش من غير عمر لحظة واحدة !..

اقترب ببطء منساقاً بلا وعي متأثراً بسحر اللحظة وما كاد يلامس شفتيها حتي قاطعه رنين هاتفه ...

تقلصت ملامح وجهه بغضب تفاقم حين وصله صوت ضحكاتها المكتومة ، فتح عيناه يطالعها بحاجب مرفوع متمتماً بتوعد  :

- بتضحكي ؟ طيب ..

تفاجأت به ينهض ويرفعها بين ذراعيه بخفه وكأنها لا تزن شيئاً صاعداً بها الي غرفتهم بالأعلي ، ابتسمت بدهشة قائلة :

- طب التليفون بيرن افرض حد مهم يا عمر ؟

اجاب بلامبالاة :

- في داهية !..

ثم تغيرت نظرته لأخرى عابثة وهو ينظر اليها متمتماً بمكر :

- ثم ان مفيش حاجة تقدر تشغلني عنك يا قلب عمر !..

عضت شفتيها وهي تدفن وجهها المتورد بخجل بصدره العريض الذي لم يفشل ولو لمرة ان يحتويها .. تختبأ به كقطة ناعمة .. وهي بالفعل قطته المدللة ... عالمه الأخر.. القطعة المتبقية من انسانيته ...

هي استثناءه الوحيد ... كل قوانينه الصارمة تتحطم امام ابتسامتها ... أخطاءها تغفر مع ترقرق اول عبرة من عينيها ... يحجبها عن عالمه الاخر يبني سداً غيري مرئي لكن ماذا ان تصدع السد وبدأت شقوقه بالظهور ؟!..
_______________
تملل بانزعاج حين تواصل رنين الهاتف بلا توقف ، زفر بضيق ثم نهض بأعين مغلقة يسحب هاتفه ويتجه نحو الشرفة بخطواتٍ شبه متزنة ثم اجاب بالروسية بصوتٍ اجش :

- ما اللعنة ؟؟

اتاه صوت الطرف الاخر بنبرة مرتعبة :

- اعتذر ان ازعجتك سيدي... فقط اردت اخبارك اننا حصلنا علي معلومات عن صفقة الاسلحة الجديدة الذي سيقوم بها وليام انطونيو !..

سحب نفساً عميقاً وهو يمسح وجهه الناعس يجيبه بنبرته الحادة :

- ثم ؟

حمحم قائلاً بخفوت :

- ماذا تريد ان نفعل بذلك الجاسوس الذي يعمل لدي وليام .. لقد اخبرنا انهم يشكون به ولن يستطيع جلب معلومات اخرى !

اجابه آمراً ببساطة :

- وماذا تنتظر ؟ اقتله فلم يعد مفيداً لنا علي اي حال.. 

لم ينتظر " عُمر " رده بل اغلق الهاتف وما كاد يلتفت عائداً للداخل حتي وجد صغيرته تقف امامه ... للحظات سقط قلبه بين قدميه لكن سرعاً ما استعاد ثباته حين تذكر انها لا تعلم الكثير عن الروسية وبالتأكيد لم تفهم كلماته ، اقترب قليلاً يدقق بها ليجدها تطالعه بأعين شبه مغلقة ، ابعد خصلاتها المنسابة علي وجهها يضعها خلف اذنها متمتماً بنبرته الحانية التي تخصها :

- ايه الي صحاكي .. ولا صوت التليفون قلقك ؟

ابعدت كفه لتفتح ذراعيه وتدس نفسها بداخل احضانه كطفلة صغيرة تغمغم بنعاس :

- حلمت بكابوس وصحيت ملقتش جمبي..

- حقك عليا.. كنت برد علي مكالمة مهمة ومعرفش ان الكابوس هيجيلك اول ما اقوم..

مازحها بحنان لكنها لم تجيبه وهي غالباً مازالت نائمة ولا تعي ما تفعله ، ابتسم رغماً عنه متنهداً بيأس من تلك الطفلة التي تدعي انها تعدت العشرون عاماً ليرفعها برفق فيجعلها تحاوط خصره بساقيها وهي تدفن رأسها بعنقه بين النوم واليقظة ، سار بها نحو فراشهم بهدوء ثم وضعها برفقٍ وحل ذراعيها عن عنقه بصعوبة ، سحب غطاءً رقيق ودثرها به بعناية ثم مال مقبلاً جبينها قبلة دافئة حنون ثم التقط قبلة خاطفة من شفتيها الناعمة ، ابتعد ليلمح ابتسامتها البسيطة اثناء نومها ليجلس جوارها يراقبها متذكراً في طفولتها حين اعتاد ان يحملها كل يوم من امام التلفاز ليضعها بفراشها مقبلاً جبينها...

كيف يمكن لمرأة واحدة ان تحمل ادوارٍ عدة ؟؟
حنانها الغير معهود يشعره انه طفل يحتاج لاحتوائها ...  براءتها وعفويتها المميزة لم تفشل يوماً في التلاعب علي اوتار ابوته ... دلالها ورقتها تجعله لا يري نساء بالعالم سواها ..
باختصار هي له كل العالم وهو لها كل دنياها !
________________
السقوط انواع ... فالبعض يسقط بصمت مسلماً لمصيره والبعض يصرخ بهلع ساعياً للنجاة ... والبعض الآخر يجد سلوانه في سحب الاخرين معه الي الهاوية !..

اخذ نفساً عميقاً مدعماً بتلك السموم التي باتت تقضي عليه يوم بعد اليوم  وتضيق عليه الخناق ، زفر بهدوء وعيناه تشرد بعيداً في ذلك الصبي الصغير الذي بدأ ينسل من بين قبضته انتبه علي صوت صديقه متمتماً بضيق :

- بردو مبيردش ... الواد باينه مش عايز يعرفنا تاني ففكك منه بقي يا علي !

نهض " علي " واتجه نحوه بشئ من الغضب قائلاً بحده مخيفة رغم صغر سنه :

- ميخصكش ... قولتلك انا عايز الواد ده يمشي في سكتنا يبقي هيمشي في سكتنا خلصانة !..

حاول الفتي اقناعه بضيق :

- يا علي وانت يهمك في ايه ؟ الواد غلبان وابن ناس نضيفة ملوش في اللبش ده وبصراحة كده صعبان عليا الي بنعمله فيه ده !!..

رمقه بنظرة حادة رافقت قوله الساخر :

- ومن امتي الحنية دي يا عمنا ...

ثم تابع بلهجة اهدأ ليحاول استمالته لما يخطط له :

- وبعدين يعني انا مش قصدي أذيه انا بس عايزه يسترجل بدل الجو بتاع بابي ومامي ده !

زفر الفتي متمتماً باستسلام :

- طب يا سيدي عايزني اعمل ايه ؟ مهو من ساعة ما بدأت ابعتله الفيديوهات الـ *** وهو قطع معانا خالص

التمعت عيناه بخبث متمتماً :

- انا اتفقت مع صحابي الي في ثانوي هنتجمع في الخرابة الي ورا المدبح ونسهر للصبح ونعلي المزاج اتصرف وخليه يجي !!..

انكمشت ملامحه بقلق مرردداً :

- بس .. بس مش شايف انها هتبقي تقيلة عليه السهرة دي شوية ده لسه عيل يعني ..

- لا متخافش ... انا هأكد عليهم انها ليلة خفيفة والواد صغير مش هنشد عليه !

هتف بتفكير :

- بس الواد اهله مش هيوافقوا يسهر للصبح وحتي هو مش هيرضي  !

تأفف " علي " قائلاً بضيق :

- يا عم متخترع اي حاجة هي صعبة !

غمغم علي مضض :

- طيب هكلمه واشوف ...

رفع هاتفه لينتقي رقمه ليتصل به وانتظر حتي اجاب فهتف بمرح :

- ايه يا عم عاش من شافك ... المهم واحد صاحبنا كان تعبان بقاله فترة فقلنا ناخده نخرجه يفك ويغير جو شوية ايه رأيك يا ريان تيجي معانا ... ؟!!!
________________
ظلمة الليل تعني وقت الاستسلام والتحليق في سماء احلامنا بحرية ... لكن البعض يعتبرونه اشارة لبدء أعمالهم !..

اشتدت برودة الطقس ورياحه العاصفة والسكون يعم المكان ، تنهدت عاملة الاستقبال برتابة وهي تعبث بهاتفها بلا هدف فالمشفى في هذا التوقيت تكون هادئة للغاية خاصة في هذا الطقس.. اغمضت عيناها وكادت تغفو في موضعها الا انها انتفضت علي صراخ امرأة افزعها ، هبت واقفة تنظر حولها لتفاجئ برجل يدلف الي المشفى حاملاً امرأة شقراء تصرخ وتنوح بهستيرية :

- لا... لا ... لم يعد بإمكاني التحمل اكثر !!

عقدت عاملة الاستقبال حاجبيها ليصيح الرجل بهلع :

- ارجوكم ساعدوني امرأتي تلد ولم تتوقف عن الصراخ منذ ساعات !!

سارع اثنان من الممرضين بإحضار سرير نقال ليضعها الرجل برفق وهي تتشبث به صارخة :

- لا تتركني ... لا تتركني ديفيد

عدل " ديفيد " ثيابه التي فسد مظهرها ليميل عليها يطمئنها :

- لا بأس عزيزتي انا هنا بجانبك ... لن اترككِ أبداً !..

هتفت إحدى الممرضات في عجلة :

- سيدي علينا ان ننقلها لغرفة العمليات فوراً

اومأ لها مبتلعاً ريقه بخوف علي زوجته التي خلعت قلبه ببكائها وصراخها وما كاد يبتعد قليلاً ليسمح لهم بأخذها الا انها عادت تسحبه من ياقة عنقه تغمغم بنبرة باكية :

- ديفيد ... عدني ان حدث لي شئ الا تتزوج امرأة اخرى... عدني ارجوووك !

حمحم وهو يتلوى بعنف يحاول تخليص عنقه من قبضتها هامساً من بين اسنانه :

- دعيني اتزوجكِ اولاً ثم لنري بشأن الزواج من اخرى حبيبيتي..

اخذها الممرضون الي غرفة العمليات وهو يطالع اثرها بأعين دامعة بخوف ، خلع نظارته يمسح دموعه تأثراً ليصله صوت عاملة الاستقبال تقول بشفقة :

- هل انت بخير سيدي ؟

اومأ لها بارتباك وهو يعيد ارتداء نظاراته ليقترب قليلاً يتمتم بحرج :

- اجل.. انا بخير...

اعتدلت تقول بنبرة رسمية :

- حسناً سأحتاج لمعرفة اسم زوجتك وبعض المعلومات الشخصية ورسوم الجراحة والغرفة الخاصة بعد الولادة و ...

قاطع ثرثرتها وهو يقترب فجأة حتي اضحي امام وجهها مباشرة ، اتسعت عيناها من جراءته لكنها صعقت حين وجدت سلاح موجه لمعدته وهمسه الحاد اوقف دقاتها لثواني! :

- لنتخطى تلك المقدمات السخيفة واليكِ ما سيحدث .. ستكونين فتاة جيدة وتعطيني كل المعلومات التي اريدها عن مريض يدعي جورج ويزلي وسأترككِ حية او يمكنكِ الصراخ والمقاومة وانا سأجعل رصاصتي تخترق احشائكِ وسأشق عنق اي شخص يحاول مساعدتكِ ... الخيار لكِ !

ازدردت ريقها بصعوبة بالغة وهي تهز رأسها عدة مرات تهمس بنبرة مرتعشة :

- سـ.. سأساعدك !.. 

ابتسم برضا لينظر خلفه يجد ذلك الحارس يرمقه بشك فيمنحه ابتسامة سخيفة ثم يعيد نظره نحو تلك التي تبحث بحاسوبها عما يريده بأنامل مرتجفة ، وضع سلاحه بجيبه ليطمئنها قليلاً وما هي الا بضعة ثواني حتي نطقت بخفوت :

- الغرفة 105 انه هنا منذ بضعة ايام وقد اجرى عملية جراحية بالقلب..

عقد حاجبيه يتساءل بحدة :

- وكم عدد الحراس علي غرفته ؟

اجابت مسرعة :

- هناك اثنين امام الغرفة واثنين بالرواق...

حك ذقنه النامية بتفكير :

- اين غرفة المراقبة وهل بها أحداً الأن ؟

سحبت نفساً عميقاً قبل ان تردف :

- ستجدها بجوار المصعد والمسؤول عن غرفة المراقبة سيعود بعد نصف ساعة ! 

اومأ بتفهم ليمد يده بجيبه يخرج حقنة مخدرة وعلي حين غرة غرزها بعنقها تحت صدمتها ورعبها الواضح وهو يفسر بهمس خافت :

- ستشكرينني علي هذا لاحقاً !..

تركها لتسقط ارضاً فاقدة للوعي محدثة صوت ارتطام بسيط مما لفت نظر الحارس الذي اقترب يصيح بخشونة :

- هَى انت ماذا تفعل ؟!!.

زفر بملل ليسحب قلماً من مكتب الفتاة الملاقاة ارضاً ويلتفت فجأة ويلقيه برمية احترافية اصابت هدفها وهو منتصف عنق الحارس الذي جحظت عيناه والدماء تنبثق من فمه بوجهه الشاحب بإختناق لم يدوم الا بضع ثواني قبل ان يسقط مرتطماً بالأرض متشنجاً عدة تشنجات قبل ان يسكن جسده الي الأبد !..

نظر حوله بأعين ثاقبة ثم عدل من وضع نظاراته ببرود واتجه نحو جثة الحارس وجره من قدميه الي المصعد ، ضغط زر المصعد ليحضر بعد بضع دقائق ، سحب الجثة لداخل المصعد مع حرصه علي جعل سيقانه تمتد لخارج المصعد حتي يصعب اغلاقه وبالتالي يمنع استخدامه لحين انتهاء حاجته ..

دلف الي غرفة المراقبة ليركل الباب ويتجه نحو الداخل ، وقف يفكر لثواني ثم التقط كرسي خشبي وكسر أحد ارجله ليستخدمه كـ عصا .. سحب نفساً عميقاً ورفع العصا وهبط بها علي اجهزة مراقبة الكاميرات محطماً اياها بعنف ... مرت بضع دقائق حتي انتهي لينظر برضا لما صنعت يداه ...

خلع نظارته والقاها بعيداً ثم ازال لحيته المستعيرة تلاها شعره الأسود لتظهر خصلاته الشقراء الطويلة وابتسامته الماكرة اللعوب وذهب ليطمئن علي حبيبته المسكينة التي ... تلد الأن !!..
_______________
بداخل غرفة العمليات ...

تلوت صارخة بهستيرية وهي تنتفض بعنف من فرط الألم الساحق الذي يعصف بها مما جعل صعوبة بالسيطرة عليها حتي صاحت الطبيبة بنفاذ صبر :

- سيدتي ارجوكِ اهدئي ، انتِ تزيدين الأمر سوءاً !..

رفعت جسدها قليلاً تلكم أحد الممرضات بعنف وهي تصرخ بشراسة :

- لم أعد احتمل ... افعلوا شيئاً ارجوكم !!..

سقطت الممرضة فاقدة للوعي اثر لكمتها القوية لينقض عليها باقي الممرضات يمسكن بها جيداً قبل ان تنفلت زمامها مرة اخرى والطبيبة التي تقسم بداخلها ان تعتزل المهنة بعد هذه المرأة التي كادت تثقب اذانهم بصراخها !..

مرت بضع دقائق من صياحها الهيستيري قبل ان ترفع الطبيبة رأسها بملامح مشدوهة لتنطق بعدم استيعاب :

- هذا مستحيل ... لكن ... لكن ليس هناك طفل ... !!!

صدمة قوية ليس لها مثيل صعقت كل الموجودين وكأن علي رؤوسهم الطير حتي المريضة توقفت عن الصراخ وهي تعقد حاجبيها باستغراب ، رفعت نصفها العلوي قليلاً وهي تطالع الطبيبة بدهشة هامسة بخفوت منصدم :

- ماذا !!..

تلجلجت الطبيبة في حديثها وهي لا تجد كلمات تعبر عن هذا الموقف الغريب وهي تتمتم بعدم فهم :

- انا لا ادري كيف ... لكنكِ لستِ حامل .. !!

شهقت تردد خلفها بانكسار :

- لستُ حامل !.. وماذا عن تلك الاشهر التي عانيت بها... وتلك الليالي التي قضيتها ابكي وانوح من ركلة صغيري ... وماذا عن انتفاخ معدتي ؟؟

لم يجيب احد والكل يطالعها بوجه شاحب لا يستوعبون ما يحدث لتجيب هي ذاتها بتفكير :

- اجل تذكرت ... انها مجرد وسادة ... !!

رفعت ثوبها تسحب الوسادة التي سببت الانتفاخ الظاهري ببرود امام اعينهم المتسعة والتي تحولت الي غضب لتبادر الطبيبة بعصبية :

- ما هذا الهراء ؟؟ هل تستهزئين بنا ؟ نحن نقضي يومنا بأكمله ننقذ الارواح وانتِ هنا للمزاح !!...

ثم التفتت لاحدي الممرضات تأمرها بصرامة :

- استدعي حراس المشفى فوراً .. !!

- مهلاً !

قالتها برقة ونبرة هادئة للغاية وهي تنهض وتعدل ثيابها وبلحظة اخرجت سلاحها لتطلق النار علي كل الموجودين في معادا الطبيبة بسرعة وخفة وفي أقل من بضع ثواني سقط الجميع ارضاً غارقون بدمائهم ... !!!
زفرت بملل وهي تخلع سترتها وتبقي بثوبها الوردي البسيط ... رباه كم تكره الوردي !

التفتت الي الطبيبة التي انكمشت جانباً برعب ... تقدمت نحوها ببطء لتغمغم الأخيرة بصوتِ متقطع مرتعب :

- مـ.. من انتِ ؟

مطت شفتيها ببرود قائلة بنعومة :

- انا من تجعل امثالكِ يعملون ... فانا أقتل الاشخاص وانتِ تنقذيهم ... لكن تري من سينقذكِ الأن ؟

هبطت دموعها بخوف تتوسلها :

- ارجوكِ لا تفعلي ... لن اخبر احداً فقط اتركيني وشأني !

كلما تقدمت خطوة تتراجعها الاخيرة اضعافاً حتي التصقت بالحائط وهي تحاول اقناعها بالعدول عن قتلها :

- ماذا ستجنين من قتلي ؟ يمكنكِ فعل ما يحلو لكِ واقسم انني ان اخبر احداً بشيء !

انحت ببطء مخيف امامها لتهمس بنفس نبرتها الناعمة وهي تطالعها بعينيها التي تشبه أعين القطط في لونها والصقر في حدتها :

- العالم اصبح سيء للغاية عزيزتي وامثالكِ الضعفاء المثيرين للشفقة لا مكان لهم بيننا ... !!!

قالتها وهي تشهر سلاحها نحو جبينها والاخرى لم تملك سوي اغماض عينيها وتقبل موتها بصمت ... ضغطة واحدة وانتهي كل شيء ...

نهضت بهدوء مقيت تراقب تلك الجثث صنيعها برضا ثم خلعت شعرها المستعير والقته جانباً لتنسدل خصلاتها الحمراء الناعمة بطول ظهرها ، انحنت تعبث بحذائها حتي اخرجت أحمر الشفاه خاصتها والتقطت طبق معدني من معدات الجراحة لتضع احمر شفاهها بإتقان وبرود كالصقيع ...

لوت شفتيها بتفكير فيما ينقصها لتلمح إحدى القتيلات ترتدي حذاءً ذو كعب مرتفع ، ابتسمت حين وجدت ضالتها لتتجه نحوها تنتزع حذاءها وهي تتمتم :

- آسفة ... سأستعير هذا لبعض الوقت !

ارتدت الحذاء لتكتمل طلتها التي لا تهتم لسواها ، امسكت سلاحها وسارت نحو الخارج بثقة وكأنها لم تترك خلفها جثثاً قتلتَ بدمٍ بارد ....

يقال مهما تعمقت في ظلمتك ستجد دوماً طريقك للنجاة ...
لكن هي لم تتعمق وحسب بل اعتنقت ظلمتها وأضحت جزاً لا يتجزأ من شخصيتها ...
لقد عقدت سلاماً مع ظلمتها منذ زمن بعيد...
وفات اوان الانقاذ فقد هلكت ولا مجال للعودة ... !!!
_______________
سارت بخطواتها الناعمة والقوية بآن واحد وصوت كعب حذائها يطرق بأرضية الرواق حتي وصلت الي الغرفة المنشودة بعد ان اتتها رسالة من شريكها الاجرامي " ماركوس " ، ابتسمت حين لمحت جثتين للحراس راقدان جانباً ... رفعت ساقيها تمر فوقهم بحذر حتي لا يتسخ حذائها بدمائهم!. تمايلت في سيرها حتي وصلت الي الغرفة المنشودة ليهتف أحد الحارسين بصرامة وهو يقترب منها :

أسميتُها ليليان ( متوقفة ) حيث تعيش القصص. اكتشف الآن