الفصل الثالث

67.3K 3.7K 822
                                    

جبران العشق
الفصل الثالث
¤¤¤¤¤¤
بين أحضان والدتها ارتمت كطفلة صغيرة سرقوا حلواها ففرت راكضة تشكو لوالدتها ما فعله صبية الجيران تجلس جوار والدتها علي أريكة بسيطة أقدامها عالية رأسها يستقر بين أحضان والدتها تبكيان الشوق معا .. سكن قلب وتر داخل يعانق قلب والدتها يتعرف عليه للمرة الأولي بعد غياب طال عمرا ... بعد دقائق طواااال ابتعدت وتر عن والدتها تنظر لها عن كثب تتفرس النظر لقسمات وجهها تحرك لسانها يسألها دون وعي :
- ليه ، ليه بعدتي عني وسبتيني السنين دي كلها ، ليه ما فكرتيش ولا مرة واحدة تيجي تسألي عليا أو تشوفيني ، أنتي بتكرهيني

انهمرت الدموع من عيني فتحية تغرق وجهها رفعت كفيها المرتجفين تحاوط بهما وجه ابنتها جسدها بالكامل يرتجف بعنف حركت رأسها بالنفي بعنف تتمتم بحرقة :
- اوعي تقولي كدة يا وتر ربنا وحده يعلم أنا اتكويت ببعدك واتحرق قلبي بنار فراقك ، بس منه لله أبوكي شيطان ما فيش في قلبه رحمة ، هو السبب ، هو اللي بعدني عنك غصب

حركت وتر رأسها بالنفي بعنف والدها ليس كذلك أبدا ليس لها أبدا أدني حق بأن تتحدث عن والدها بذلك الشكل البشع ، أبيها الصدر الحاني ، الملجأ الأول لها منذ أن كانت طفلة لم تري منه قسوة قط كيف يكون كما تقول هي ... احتدت نظرات عينيها تقاطعها في حدة :
- ما تقوليش علي بابا كدة ، بابا دا أطيب وأحن انسان في الدنيا أنا واثقة أن اللي حصل شئ كبير منعه أنه ياخدني معاه ، بابا عمره ما سابني ، عكسك !

ارتسمت ابتسامة مريرة كالعلقم علي ثغر فتحية وطيف ما حدث قديما يمر أمام عينيها بشكل سريع ، نظرت لعيني ابنتها لتري صورة حية من عيني سفيان تتجسد داخل حدقتي ابنتها للحظات شعرت بالخوف منه كما كانت تشعر بالذعر حين تراه ، أنزلت يدها من علي وجه ابنتها تتمتم بابتسامة تقطر ألما :
- هتصدقيني لو حكتلك ، هتصدقيني لو قولتلك أن ابوكي عكس اللي أنتي فكراه وأنه مش ملاك زي ما انتي فاكرة بالعكس دا أسوء من الشيطان ، حتي الشيطان يخجل أنه يعمل اللي ابوكي كان ولسه بيعمله

انقبض قلب وتر غضبا احتدت عينيها تحرك رأسها بالنفي بعنف نفر عرق صدغها ينبض بقوة لتردف في ضيق :
- أنا عايزة اعرف أنتي سبتيني وما سألتيش عني ليه ، مش عايزة أعرف اي حاجة عن بابا عشان اي حاجة هتحاولي تشوهي بيها صورته عشان تبرري ليه سبيتي مش هصدقها

ابتسمت فتحية في مرارة تومأ بالإيجاب ربتت علي كتف ابنتها بخفة تتمتم بنبرة حزينة حانية :
- يبقي مالوش لازمة تعرفي الحكاية لأنك كدة كدة مش هتصدقيها ، تعالي أنا مجهزالك أوضة من ساعة ما سيدة قالتلي أنك جاية

نظرت لوالدتها لتري دموع الأخيرة تتساقط بحسرة ، هل يعقل أن والدها هو المخطئ هو الشرير ، نفت الفكرة من رأسها سريعا قامت تجذب حقيبتها الكبيرة تنقلهم تباعا هي ووالدتها إلي داخل الغرفة ، وضعت الحقيبة الأخيرة لتقف تنظر للغرفة التي من المفترض أنها ستمكث فيها بداءًا من الآن .. غرفتها القديمة تكبرها بنسبة تزيد عن تسعين بالمئة ، غرفة صغيرة ، فراش متوسط الحجم ودولاب ببابين فقط ، أين غرفة ثيابها التي كانت تمتلئ بما تريد من ملابس وحلي ، شرفة صغيرة لها باب من الخشب المضلع ، توجهت إلي الشرفة تدفع بابها بخفة ، تهدلت قسمات وجهها كانت تظنها أوسع قليلا غرفى صغيرة في الطول والعرض معا ، تملئها رائحة النعناع المزروع في أصص صغيرة معلقة علي جوانب الشرفة .. وجهت عينيها للشارع لتري ذلك الجبران يتوجه إلي عمارتهم ! ، قطبت ما بين حاجبيها تفكر لما هو قادم إليهم ! ذلك الشخص نظراته حادة مخيفة طريقة حديثه ، وقفته ، ابتسامته كل ما يتعلق به يصيح بأنه شخص غير مريح به شئ خبيث مخيف غامض ... اجفلت علي دقات علي باب المنزل ها هو جاء ... تقدمت بخفة من باب غرفتها تفتح جزء صغير تنظر منه لما يحدث خارجا رأت والدتها تُسرع إلي باب الشقة ، فتحت الباب لتبتسم في اتساع ما أن رأته ترحب به بحرارة :
اتفضل يا معلم جبران اتفضل بيتك ومطرحك :
افسحت له المجال ليبتسم خطي إلي داخل المنزل يحمحم بخشونة ليردف بصوته الاجش :
- يا رب يا ستار
اقتربت فتحية منه تصطحبه إلي غرفة الجلوس ، التقطت منشفة صغيرة ملقاة ملقاة علي أحدي الارائك تنفض الغبار عن مقعد قريب منه تتمتم مبتسمة في ابتهاج :
- اتفضل اقعد يا معلم ... بيتك ومطرحك يا سيد المعلمين
لاحت ابتسامة ثقة صغيرة علي شفتيه يلتف بعينيه في المكان يبحث عنها لا أثر لها هل انشقت الأرض وابتلعتها عاد ينظر لفتحية ربت بكفه علي صدره بخفة يغمغم مبتسما :
- تسلميى وتعيشي يا فتحية ... أخبارك ايه وأخبار فرشة الخضار
ابتسمت تتمتم مبتهجة من زيارته :
- رضا يا معلم الحمد لله ، كله من خيرك

جبران العشقحيث تعيش القصص. اكتشف الآن