الفصل الخامس والثلاثون الجزء 1

37.6K 2.7K 564
                                    

جبران العشق
الفصل الخامس و الثلاثون
الجزء الأول  
¤¤¤¤¤¤
فتح القاضي الأوراق أمامه حمحم يغمغم :
- بعد الإطلاع على الأدلة وشهادات الشهود والمستندات الموثقة حكمت المحكمة حضوريا على المتهم طارق مجدي التهامي بالسجن خمسة عشر عاما والحكم على وليد مجدي التهامي بالأشغال الشاقة المؤبدة
هنا ابتسمت حياة تلتقط أنفاسها تشعر بسعادة لم تشعر به قبلا حركت رأسها تنظر إليه وهو خلف القضبان تلوح له بالوداع
ليكمل القاضي قائلا :
-والحكم على كلا من مجدي التهامي وسفيان صلاح الدالي ب...
- استنى أرجوك يا سيادة القاضي ممكن أقول حاجة قبل ما تحكم
التفت أنظار الجميع إلى الصوت الذي صرخ فجاءة من بين الحضور لتهب روزا من مكانها تشق مكانها تهرول للأمام وقفت في الباحة الصغيرة الفارغة أمام القضاة ترتجف تهبط دموعها بعنف رفع يمناها تشير بسبابتها صوب سفيان تتلعثم باكية :
-أنا عايزة أقول حاجة ، حاجات كتير أوي
بدأ الهمس من هنا وهناك نظر بيجاد صوب جبران كل منهما لا يفهم ما يحدث ، صدح صوت القاضي يطلب من الجميع لتعود القاعة إلى هدوئها من جديد ، نظر القاضي إليها يغمغم بحدة :
-أنتِ عارفة إني ممكن أحبسك باللي عملتيه دا ، عايزة تقولي ايه
نظرت روزا حولها لترى عمر هناك ينظر إليها ينظر إليها مشفقا ليته لم يوافق على اصطحابها للجلسة أقسمت إلا تفعل شيئا ستظل صامتة إلى أن تنتهي الجلسة ولكن ها تحطم ما قالت ، أشارت روزا بيدها صوب سفيان تبكي ترتجف تتلعثم من شدة البكاء :
- ماما فاطمة قالتلي أن اللي بيحلف باسم ربنا لازم يكون صادق لأنه لو كذاب ربنا هيعذبه أوي على كذبه ، والله اللي هقوله دا حصل
أنا كنت عيلة صغيرة كنت في الملجأ ما أعرفش حاجة عن الدنيا لحد ما هو جه خدني من هناك ما كنتش فاهمة حاجة خالص بس كنت مبسوطة عشان هيبقى عندي بيت وعيلة ، لكن دا ما حصلش لقيت نفسي جوا جحيم الشيطان ، هو عمل فيا حاجات وحشة كتير أوي ضربني وعذبني واغتصبني خلاني مسخ أعمل كل اللي يقول عليه غصب عني ، كنت بركع تحت رجليه عشان يسامحنى

انهارت أرضا تبكي بلا توقف تصرخ بحرقة مزقت نياط قلوب الجميع :
-ماحدش عايز يصدقني كلهم بيقولوا عني كلام وحش أوي ، أنا مش وحشة هو اللي خلاني كدة أنا ما كنتش أقدر أقوله لاء ، أنا بسببه مسخ أذيت أقرب الناس ليا ، أرجوك أبوس أيدك ، خدلي حقي منه

هنا هب بيجاد واقفا توجه إليها سريعا يرفعها عن الأرض يخفي رأسها بين أحضانه من الجيد أن الجلسة مغلقة ولا وجود للصحافة وغير مسموح باستخدام الهواتف وإلا لكان الأمر ازداد سوءً ؛ وسائل التواصل الاجتماعي باتت بيئة مخيفة هناك تجد الضحية جاني والجاني ضحية المجتمع والضحية نفسها هما السبب فيما اقترفت يداه الجاني ما هو إلا ضحية يجب أن يشفق الجميع عليها يراعوا أنه أرتكب ذلك الخطأ ربما غير قاصدا لم يكن يقصد اغتصابها أو أحبها فقلتها المسكين لأنه لن يتحمل رؤيتها بين أحضان آخر ياله برئ مسكين مظلوم يجب أن يتعاطف الجميع معه أليس كذلك ؟! تحرك بيجاد بشقيقته إلى مقعد بعيد فارغ يجلسها جواره يخفي رأسها بين أحضانه فتمسكت بقميصه تنشد منه الأمان ، حمحم القاضي يردف ما يقول :
- طيب استنادا للادلة وبعد عرض القضية على فضيلة مفتي الديار المصرية تقرر الآتي حكمت المحكمة حضوريا على المتهم مجدي التهامي وسفيان صلاح الدالي بالإعدام شنقا رفعت الجلسة
رفعت الجلسة وتم الحكم على والدها بالموت ، التفتت إليه سريعا لتراه يبتسم في سخرية وكأن ذلك الحكم لم يكن له ، هبطت الدموع من عينيها لا تعرف حتى لما تبكي والدها يستحق الإعدام ألف مرة على ما فعل بها وبالجميع لا يجب أبدا أن تشعر بالشفقة عليه ولكن قلبها يطرق بعنف يؤلمها شعرت بيد جبران تربت على كتفها برفق لتلتفت إليه تغرق رأسها بين أحضانه تبكي ،  يده تسمح على خصلات شعرها إلى أن سمعوا صوت زياد يخبرهم بأن عليهم أن يتحركوا الآن أمام المحكمة حدث ما لم يتوقعه أحد قبل أن يصعد سفيان إلى سيارة الشرطة من جديد طعن الحارس المجاور له بنصلا حاد لا أحد يعلم من أين جاء به ليركض هربا بين جموع الناس في حالة من الهرج يمسك في يده النصل الحاد يطعن حرفيا كل من يعترض طريقه الجميع يهرع خلفه لا يستطيعون إطلاق النيران بسبب تجمع الناس وسفيان الخبيث كام يموه بين التجمعات حتى لا يروه اندفع عناصر الشرطة ومعهم زياد وبيجاد وجبران وعمر الجميع يحاول الإمساك به العجيب في الموضوع أن رجل بعمر سفيان يركض بتلك السرع كما لو كان شابا في بداية عمره ، لمعت عيني سفيان حين رأي سيارة مفتوحة صاحبها نزل منها توا ليندفع إليها دفع الرجل يدخل إلي السيارة ما أن أدار المفتاح انطلقت الرصاصات صوب السيارة البعيدة الصرخات تملئ المكان الجميع يهرع خائفا أما هي فتهرع تركض تبحث عن جبران ، ابتسم سفيان يمسك بالموقود سريعا ما أن أدار محرك السيارة اشتعلت فجاءة دون مقدمات أمسكت النيران بالسيارة تحيط بها وكأنها وحشا ضارٍ يبحث عن طعام فوجده لم يكن يُسمع في تلك اللحظة سوى صرخات سفيان التي انطلقت من داخل السيارة وسط ذهول الجميع ، ربما ذلك كان مقدر أن يحدث ، أن يهرب ألا يستطيع أي منهم الإمساك بهم الى أن يصل إلى السيارة حتي تشتعل به ، بحث جبران بعينيه عن وتر سريعا ليراها انهارت أرضا تنظر إلي النيران المستعرة التي تلتهم والدها وهو بالداخل ، هرع إليها يخفي وجهها بين أحضانه لتبكي بحرقة ، سارعت سيارات المطافي في إطفاء الحريق ورجال الشرطة في إبعاد الناس ولبشاعة المشهد بالداخل لم تخرج جثة سفيان من السيارة بل جاءت سيارة أخرى ودفعت السيارة بجثة سفيان أعلى سطحها يأخذونها بعيدا لتتحرك سيارة الشرطة لتنقل وليد وطارق ومجدي إلى السجن ، ابتلع مجدي لعابه خائفا ينظر لجثة سفيان المحترقة بشكلها المشوه البشع يغمغم في نفسه أن الموت في السجن سيكون أرحم بكثير ، وسفيان يستحق ويزيد ، أما وليد فاقترب من الجزء المربع الصغير المفتوح داخل سيارة الشرطة يبحث عن حياة ليراها تقف هناك تنظر إليه مباشرة تبتسم سعيدة أنها تخلصت منه ، ليرفع يده يلوح لها بالوداع قبل أن تنطلق بهم السيارة بعيدا
أما روزا فضحكت ، سالت دموعها فرحا تضحك بقوة هرعت صوب عمر أمسكت بذراعيه تصيح سعيدة:
-شوفت يا عمر ، شوفت ماما فاطمة كان عندها حق هي قالتلي ربنا هياخدلي حقي ، أهو اتحرق وهو عايش يا عمر

جبران العشقحيث تعيش القصص. اكتشف الآن