صوب هاوية الهوى

الفصل الثلاثون

كان ميلارد وديما يجلسان يحدقان ببعضهما بعد تلك الجملة التي ذكرها ميلارد ، تحاول ديما إخفاء دهشتها وينتظر ميلارد منها ردة فعل ، فتحدثت ديما بعدما تداركت صدمتها قائلة: ولماذا لا تريد لإخوتك وأعز الناس لك الزواج؟
تنهد ميلارد وهو يقول: ربما لن تفهمينني يا ديما ، ولكني اخاف أن ابقى وحدي فبعد زواجهما لن يبقى لي أي احد وسيصبح القصر فارغًا وأنا وحدي أتخبط بين جدرانه ، لقد كان فانيتاس بعيدًا عنا لفترةٍ طويلة ومن ثم تمسك بالبقاء في مصر وأخيرًا عندما عمل بالشركة ولعله يبقى بها بشكلٍ دائمٍ اذا تزوج وئام ، وهذا جيدٌ من وجهة نظري ولكن سيكون بعيدًا عني وكذلك أخي الذي لا أطيق فراقه ، قد أبدو أنانيًا للغاية بالنسبةِ لكِ ولكن روبرت وفانيتاس هما ما تبقى لي من عائلتي
ثم صمت لوهلةٍ وتابع حديثه قائلًا: إن.. إنني أخاف أن أُنسى وأظل وحدي أعاني وأضيع من جديد ، إنني أخاف أن يعود ذاك الشعور نفسه الذي كان يراودني منذ وفاة عائلتي
ثم تنهد وقال والدموع في عينيه: ومنذ فعلت فعلتي تلك بعد وفاتهم
صمتت ديما للحظةٍ تُفكر ليس صدمةً من كلام ميلارد فهي تعرفه وتعرف أن مشاعره ستأخذ هذا المنعطف ، ولكن أي فعلةٍ تلك التي يتحدث عنها؟ ألم يحكي لها كل ما كان يؤذيه من ماضيه؟ ام يبدو أن للقصة جزءٌ مفقود! ، تذكرت فجأة عندما كانت تحاول اقناع ميلارد بالعمل هو وفانيتاس وحكى لها عن ماضيه ولكن كان هناك جزءٌ يزعجه يخص شركة الأزياء "Blue Star" التي كان يعمل بها ، فظنت ديما أنه ربما ما يزعج ميلارد حقًا بجانب وفاة عائلته له علاقة بتلك الشركة التي لا ترتاح لها .

من ثم تحدثت قائلة: لقد سمعتك دون أن أُقاطعك ، والآن دورك لتسمعني دون أن تُقاطع ، اسمع ميلارد لا ارى ان رغبتك أنانية فما مررت به جعلك ترى الأمور من هذا المنظور ، ولكن منظورك خاطئ فلا أظن أبدًا أن روبرت وفانيتاس سيتركونك وحدك بعد زواجهم ، لا أظن من الأساس أنهم سيغادرون القصر بل سيجلبون لك زوجاتهم وستستمرون بالعيش سويًا
فقاطعها قائلًا: بالتأكيد لن توافق وئام وكذلك لن تفعل دانيا على أن يعيشوا في منزل عائلة
فردت هي: أولًا منزلكم قصر وليس منزل ، أي أن كل قسمٍ فيه مقسمٌ إلى جناح ، كما أنه مقسمٌ إلى طوابق فيمكن لكل واحدةٍ أن تعيش هي وزوجها في طابقٍ لهما على راحتهما هما وأطفالهما المستقبليين إن شاء الله ،
وثانيًا: أيضًا هو ليس منزل عائلة كما قلت فلا يعيش فيه احدٌ غيركم أنتم الثلاثة وكل واحدٍ سيعيش بطابق فلا تتوافر فيه الدائرة الاجتماعية المزعجة الموجودة بباقي منازل العائلة ،
ثالثًا وأخيرًا: أنا و وئام ودانيا نحلم أن نعيش في منزلٍ واحدٍ من الأساس أو أن نكون جيرانًا لذا فأعتقد أن دانيا و وئام سيعجبهنَّ الوضع
فتنهد ميلارد وقال: ولكني هكذا سأكون لوحدي أيضًا ، سيجلس كل واحدٍ منهما في طابقٍ مع زوجته وأنا سأجلس في طابقٍ وحدي ، اتناول الطعام وحدي وأشاهد التلفاز وحدي وأتحدث مع نفسي
فقالت ديما: هل كنت تجلس معهما كل الوقت وكل ثانيةٍ وكل لحظةٍ ميلارد؟ ، ثم من قال هذا أساسًا غالبية الوقت نحن بالشركة وعند العودة ستتناولون الطعام معًا جميعًا وتتحدثون سويًا وأنتم تشاهدون التلفاز أو أيًا كان ، ومن ثم سيذهب كل شخصٍ إلى طابقه ستنام انت على كل حال في ذلك الوقت .