الفصل الثامن عشر

27 2 88
                                    

تبدل وجه كُلًا من ميلارد وفانيتاس عندما سمعا جملة ديما الأخيرة تلك فكان ميلارد يرفع أحد حاجبيه ويضيق عينيه ويلف يديه حوله ويبدو وكأنه في وضع الدفاع ، فهو لا يريد أن يطور أو يغير من نفسه كعادته ولكن بنفس الوقت منزعجٌ من كونه في شيءٍ من الاقتناع لأنها خدعته بتثبيت الفكرة برأسه طوال تلك الفترة بشخص اقنعته بحبه كذلك ، أما فانيتاس فقد كان يفتح عينيه بدهشة واستنكارٍ في نفس الوقت وكان هو من يبادر بالحديث قائلًا: هل تريدين مني أن أترك عملي كعارض أزياء لأعمل بمكتبٍ بين أوراقٍ وحواسيب؟ ، يبدو أنكِ قد جننتِ رسميًا أو أنكِ تقصدين ميلارد فحسب .
التفت ميلارد إلى فانيتاس وبدا على وجهه الانزعاج والضيق وليس من الجملة الأخيرة فقط بل من كل ما قاله فانيتاس ، فنظر له فانيتاس وبدا على ملامحه الإدراك فجأة ويبدو أن كلامه ذكر ميلارد بشيءٍ لم يكن يريد تذكره .

وما كان من ديما إلا أن قامت وبدأت تتمشى أمامهما تروح وتجوب في صمتٍ تام ، وعيون كلاهما تسير تراقب خطاها بانتظار لإجابةٍ مقنعة ، ثم وقفت ديما فجأةً في المنتصف امام كليهما ووضعت يديها حول خصرها وقالت: حسنٌ حسنًٌ يبدو أن لكلاكما وجهة نظرٍ مختلفة تمنعه من أخذ خطوةٍ للأمام لذا فسأقنعكما على انفراد وسأبدأ بميلارد ، لذا فعليك يا فانيتاس أن تصمت تمامًا من فضلك .
فتمتم فانيتاس في همس قائلًا: فانيتاس اصمت فانيتاس دربنا فانيتاس شاهد معنا فانيتاس لا تذهب للشركة فانيتاس أفعل ولا تفعل لقد أصبحت لعبة بين يديها الآن .
نظرت إليه ديما وقالت: على الأقل اللعبة مفيدة أكثر منك ولا تتذمر بهذه الطريقة ، تتحدث وكأنما أقول لك اكنس الصحراء من الرمال وحرك الأهرامات وقم بالمسح من تحتها وأنت كل ما تفعله هو الأكل والنوم واللهو .

خرج من ميلارد صوت ضحكةٍ كان يحاول كتمها أما فانيتاس فقام بالاتكاء على الأريكة للوراء ولف يديه حوله في تذمر ، وتابعت ديما حديثها قائلة: أما أنتَ يا ميلارد أريد منك جوابًا صريحًا لماذا لا تريد العمل؟
صمت ميلارد لفترة واخفض رأسه كعادته إذا تردد في شيءٍ ما وأخذ يفكر فيه ، ثم رفع رأسه بعد مدة ونظر إلى ديما وقال: أنتِ تعلمين أنني كنت عارض أزياءٍ بالماضي أليس كذلك؟
فهزت رأسها بمعنى نعم ،فقام بوضع يديه على وجهه وحركها مكان ندبته وهو يقول: أولا ترين تلك الندبة بوجهي؟
فأجابت: أجل أراها ، وماذا عنها؟
فتنهد هو تنهيدةً طويلة ثم رد قائلًا: لكي تفهميني عليَّ أن أحكي لكِ جزءً من قصتي هذه المرة ، كما تعلمين تربيت في عائلةٍ متحابة ووسط أشخاصٍ يحبوني ويشجعوني على كلما أفعل من أمورٍ جيدة ، وعندما كنت في المرحلة الثانوية كنت أنا وفانيتاس في نفس الصف وفي نفس المرحلة الدراسية ، وكنا نتجمع في منازل بعضنا بعد انتهاء اليوم الدراسي كل يومٍ مرة في منزله ومرة في منزلي ، وكان لدى كلانا هوسٌ غريب بتنسيق الملابس وارتداء ملابسٍ جديدة بطرقٍ مختلفة كل يوم ، فكنا عندما نجتمع بعد المدرسة نخرج الملابس من الخزانة ونبدأ في ارتدائها والمشي في الغرفة كعارضي الأزياء ونتخيل أنفسنا أشخاصًا مشاهير ، ولم يكن الأمر صعبًا علينا فقد كان لدينا عائلةٌ تشجعنا وكانت أجسدانا رشيقة ويبدو علينا أننا شبابٌ بالغون وليس مجرد مراهقين .

    صوب هاوية الهوىحيث تعيش القصص. اكتشف الآن