بدأت أشعة الشمس تتسلل بين السماء وتنشر خيوط نورها شيئًا فشيئًا معلنةً عن قدوم يومٍ جديد و صباحٍ قد يكون سعيدًا وقد لا يكون سعيد ، وكانتشار خيوط الضوء في السماء بدأ الناس ينتشرون في الأرض يسعى كل شخصٍ منهم وراء مبتغاه ، وفي أحد المنازل المصرية تقف فتاةٌ تستعد للنزول من المنزل وكانت قد ارتدت ثيابها وترتب حجابها فقط ، كانت تبدو عاديةً للغاية لا شيء فيها مميز ملامح وجهها ليست جميلة ولكنها ليست قبيحةً كذلك عيناها بنيتان داكنتان وبشرتها قمحية وقامتها طويلة وليست نحيفةً كذلك ، ملابسها واسعة وحجابها طويل تمسك بيديها اوراق سيرتها الذاتية في نيةٍ منها للبحث عن عملٍ جيد في مجال دراستها ،
لتسمع صوتاً يناديها قائلًا: ديما أما زلتي هنا؟
سعلت قليلاً واخفضت من صوتها وقالت محاولةً إدعاء الرقة: لقد انتهيت يا أمي سأذهب الآن في طريقي .
فأجابتها: حسناً إذا وجدتي عملًا اتصلي بي ولو أني أشك أنكِ قد تجدين شيئاً من الأساس بهذا التخصص الفاشل خاصتكِ .
تجاهلت كلماتها الأخيرة وقالت: حسنًا سأفعل إلى اللقاء .نزلت على سلالم الدرج وهي تكلم نفسها كعادتها وتتذمر من أمها ومن كلماتها المشابهة لكلمات جميع من حولها ، فمنذ أن اصبحت تحاول التصرف بلطافة وانوثة كما يدعون هم وتوقفت عن رفع صوتها او التعبير عن مشاعرها وأفكارها لكي لا يصفوا أفعالها بأنها ليست أفعال فتاة وهم قد وجدوا شيئاً أخر يتشاجرون معها عليه وهو تخصصها التي تخرجت به ، فقد أصرت على دخول كلية العلوم رغم انها حصلت على نسبةٍ عاليةٍ بالثانوية ولكنها رفضت دخول الطب او الصيدلة لأنها لم تحب كِلا المجالين وقد عارضها الجميع ولكنها بقيت على إصرارها واختيار تخصصٍ تراه ذا مستقبل وتهواه بشكلٍ أكبر ، وبالفعل حققت نجاحاً باهراً في تخصصها وحصلت على علاماتٍ عاليةٍ وتخرجت بامتياز من فترةٍ قصيرة ولكنها لم تجد عملًا بعد وبدأت الشماتة والتأنيب على الفور في اختيارها لتخصصٍ لم تجد له عملاً حتى الآن .
بدأت ديما تلف وتدور هنا وهناك باحثةً عن مبتغاها ولكنها كانت تعاني في ايجاد عمل كحالِ أي شخص في بدايةِ مسيرته العملية ، وقادتها قدامها إلى شركةٍ تعمل في صناعة التكنولوجيا وتطويرها كمجال تخصصها ، فقدمت سيرتها الذاتية وجلست في مقابلة العمل وقد كانت تتمتع بلباقةٍ في الكلام نظراً إلى أنها ليست اول مرةٍ تعمل بها ولكنها أول مرةٍ لها بالعمل في مجال تخصصها فكانت تنقصها الخبرة ،
فقال مسئول التوظيف: إن سيرتكِ مثالية وتصلحين للعمل بشركتنا وبجدارة ولكن ينقصكِ أمرٌ مهم وهو الخبرة لذا بشكلٍ مبدئي ستكون ساعات عملكِ عشر ساعاتٍ باليوم و مرتبكِ ١٥٠٠ جنيه حتى تكتسبي الخبرة ولن يكون لديكِ اجازات أول ثلاثة أشهر .
لم تصدق ما تسمعه أذناها فقالت له: لم أسمعك جيداً كم قلت سيكون المرتب ؟فكرر كلامه قائلاً: ألف وخمسمائة جنيه وسيصل إلى ألفين عندما تكتسبي الخبرة .
لتختفي الشخصيةَ اللطيفة التي كانت عليها وتظهر شخصيتها الحقيقية قائلة: أتريدني أن أعمل لمدة عشر ساعاتٍ كل يوم بدون راحة وبدون اجازات وفوق كل هذا سيكون مرتبي ١٥٠٠ جنيه؟! لو جلستُ بالشوارع كل يوم أقول أعطني مما اعطاك الله هذه العشر ساعات لجمعت أضعاف أضعاف هذا المبلغ ، أتراني حمقاء أم بلهاء يا هذا أم هو استعباد فحسب؟
لينظر لها في هلعٍ قليلاً فقد كان يظن أنه يمكن خداعها وسترضى بأي شيءٍ يعرضه عليها ، فقامت من مكانها وسحبت أوراقها ونظرت له بقرفٍ وانصرفت وهي تحدث نفسها كالعادة ، وكانت قد أصبحت مرهقة من التعب والخذلان ولكنها رفضت العودة للمنزل وفضلت الجلوس بأي مكانٍ لترتاح فيه قليلاً قبل العودة لمنزلها ،
أنت تقرأ
صوب هاوية الهوى
Fantasíaفي عالمٍ تحكمهُ المظاهر ويتخفى بين ثناياه الحقد يترعرع الشاب الذي اعتاد على أن يكونَ نجمًا لامعًا محبوبًا يلتف حوله الجميع ، وتنمو فتاة اعتادت ان تكون مرحةً ومفعمةً بالطاقة منذ الصغر ولكن يرى من حولها أن افعالها صبيانية لا تليق بفتاة ، يعيشان بشكلٍ...