الفصل السابع

39 3 107
                                    

كان يجلس ميلارد في مقعده في صمت ينتظر منها أن تذكر تفاصيل التحدي الذي تتحدث عنه وفي داخله قلقٌ وتوتر لأنه مدركٌ أن لا خير قد يأتي من ديما ،
نظرت ديما إليه بابتسامة على وجهها وقالت: لا تقلق هكذا يا ميلارد سيكون تحديًا سهلًا ولطيفًا
فرد عليها: طالما أنكِ تبتسمين هكذا فلن يأتي خيرٌ منكِ
فأجابته: انت تظلمني هكذا ، سأخبرك ما هو التحدي لتعلم أني صادقة
فقال هو: هيا اسرعي وكفِ عن المماطلة
فردت ديما: حسنًا التحدي عبارة عن أن يقوم كلٌ منا بطبخةٍ ستكون من إختيارك انت لتعلم أني شخصٌ طيبٌ ولطيف وسيكون الحكم هو روبرت في من ستكون طبخته هي الأفضل دون ان نخبره انه تحدي لكي يقيم بالعدل
فأجابها ميلارد: ولكني لا استطيع الطبخ من الأساس
فقالت هي: حتى انا لا استطيع الطبخ ولكن يمكننا معرفة الوصفة والطهي من أي فيديو على الانترنت
نظر إليها بشكٍ وهو يقول: ولماذا قد تقدمين تحديًا نزيهًا كهذا وأنتِ ليس لديك اي خبرةٍ في الطهي
فردت هي: لأنني شخصٌ نزيهٌ بالطبع كما انك ستدرك مدى مصداقيتي عندما ندخل المطبخ وسأحكي لك موقفًا يجعلك تتأكد من مصداقيتي
فأجاب ميلارد: هل ستلعبين دور شهرزاد الآن وستحكين لي قصصًا حتى أنام ولا انتحر؟
فقالت ديما: اصمت ايه الطفل بالحجم العائلي واستمع لما سأحكيه انا يا ذا الخيال الواسع ، ذات مرةٍ نزلت امي إلى العمل واخبرتني ان انتبه إلى الدجاجة التي قد كانت على النار وقتها وكانت الدجاجة مطهوةً بالفعل ولكنها كانت تحتاج إلى ان تنضج اكثر فقالت فقط اطفئيها قبل ان تنزلي من البيت ، ونزلت من المنزل ونسيت أن أطفأ النار على الدجاجة وعندما عدت وجدت البيت يحترق والجيران كلهم يقفون في المنزل ويخمدون ناره وكان يومٌ ضبابيًا وغابرًا أحمد الله انه قد مضى على خير ، ومن يومها منعوني من الدخول للمطبخ

نظر ميلارد إلى ديما في دهشة وبدأت تتعالى ضحكاته شيئًا فشيئًا وقال: هل تريدين أن تحرقينا مطبخنا نحن أيضًا أم ماذا؟ ولكن إن كان هذا هو حالك فأنا اقبل التحدي فقط سأذهب وأستحم من الحليب الذي سكبتيهِ عليَّ وأتيكِ
وقام من مكانها متجهًا إلى الحمام الموجود بغرفته ولكنها ردت عليه: لن احرق مطبخكم بل سأحرقك انت يا ميلارد ، الآن تضحك وأنا لم اراك تقهقه هكذا منذ عرفتك
فالتفت لها وقال: لأنني لا أضحك من الأساس ، هذه أول مرةٍ أضحك منذ زمنٍ طويل بسببك
ثم لف وجهه وذهب إلى وجهته وهي واجمةٌ في مكانها تفكر أهذا مدحٌ أم سخريةٌ أم ماذا ، قررت ديما أن تذهب للمطبخ تستكشف ما به من طعام يمكن إعداد وجبة غداءٍ به ، وعندما دخلت إلى المطبخ احست انها قد دخلت إلى صالة منزلهم ، كان مطبخًا من كبيرًا يوجد به احدث الأجهزة وأفضلها والثلاجة فيه كانت عملاقة ، ففتحتها ووجدت فيها سوقًا كاملًا ليس فقط بعض الأطعمة فوقفت وهي مذهولة
وقالت: ما شاء الله روبرت يستطيع شرائي انا ورؤى والطبيبة دانيا وحتى المهندسة وئام التي قد قابلتها في طريقي ، ولكن على الرغم من كل هذا الأبله ميلارد يريد قتل نفسه ولا يريد الحياة
فسمعت صوت ميلارد من خلفها يقول: أرأيتي أن المال غير قادر على جلب كل شيء
فردت عليه: هو قادرٌ ولكنك لا تستخدمه بالطريقة الصحيحة ، ولا تنسى أني هنا لأنك تدفع لي المال وأنا التي ستجعلك تتفاءل يا ميلارد
اتكأ على الجدار وهو ينظر لها بنظرةٍ ليست نظرة استنكارٍ او تقليل ولكنها نظرة حزنٍ ويأس وقال: اتمنى هذا أكثر منكِ حتى

نظرت إلى ملامحه وقررت تغيير الأجواء بسرعة وقالت: هيا أسرع لكي تختار الطبخة التي سأفوز عليك فيها
فرد هو: يبدو اننا سنتنافس من سيحرق طبخته أكثر من الأخر
فأجابت: اتمنى أن لا يتسمم روبرت ، المسكين عليه أن يختار الأقل سوءً من الأسوء
فقال ميلارد: لأول مرةٍ اتفق معكِ في شيءٍ ما
ثم صمت لبرهةٍ وتابع كلامه قائلًا: ما رأيك أن نطبخ شيئًا بالمعكرونة؟ مثلًا المعكرونة بالبشاميل
نظرت له وهي ترمش عدة مرات وقد فتحت عينيها في صدمة: أتختار أصعب أنواع المعكرونة لشخصين لا يستطيعان الطهو؟
فرد هو: أي أن الاختيار لا يعجبكِ؟
فأجابت: أجل لا يعجبني
فقال وهو يبتسم في مكر واستفزاز: حسنًا سيكون التحدي هو طبق المعكرونة بالبشاميل
فنظرت هل له بقرف وقالت: سأنفذ ما تقول ولكن أتدرى لماذا؟ لكي افوز عليك في اختيارك الصعب هذا فأجعلك تنفذ كل ما اريد وانا مرتاحة البال
رد عليها ميلارد وهو يبتسم في تحدي: حسنًا سنرى في هذا الشأن
وكل واحدٍ فيهم يثق بفوزه لأعلى درجة ليس وكأنما لم يدخلوا المطبخ من قبل من الأساس .

فتح كلاهما جواله على فيديو من فيديوهات الطبخ وكانت ديما أبرع من ميلارد قليلًا لأنها كانت تعرف كيفية سلق المعكرونة ولكن هذا لا يمنع أنها كانت فاشلة في باقي الأشياء ، أما ميلارد فكان يتخبط في الأواني ويوقع ما بيده من أكياسٍ وطعام ، وعندما أتى ليفتح أكياس المعكرونة تناثرت المعكرونة في كل مكان إلا الإناء الذي يريد  وضعها فيه ،
فقررت ديما مساعدته في فتح الأكياس وهي تقول: طفلي بالحجم العائلي يبدو انك ستنتقل إلى الحجم الاقتصادي بعد سكب المعكرونة في كل مكانٍ هكذا ، اعطني اعطني هذه الأكياس دعني افتحها وأسكبها لك وأكمل انت الباقي
نظر لها ميلارد ومد لها الأكياس وهو يقول: طيبة قلبكِ وخفة دمكِ هذان يحرجانني يا أنسة نعيمة
تركت ما في يدها والتفت له وفي يدها السكين وهي تقول: لم أسمعك أنسة من قلت؟
تراجع هو للخلف في خوف وهو يقول: أنسة ديما أنسة ديما قلت أنسة ديما
فأخفضت هي السكين وهي تقول: أهاا حسبت أنك قد أخطأت في اسمي ولكن يبدو ان الخطأ في سمعي
فرد هو: لا أبداً لا تقلقي لا يمكنني أن أخطأ في اسمكِ أبدًا
فالتفت هي لتكمل ما كانت تفعل واعطته ظهرها ووقف هو يصنع حركاتٍ بلهاء وراء ظهرها من شدة غيظه منه ، وعندما التفت له مجددًا تصرف بشكلٍ طبيعيٍ بسرعة لكي لا تنتبه له
نظرت إليه ديما وهي تقول: لقد سكبت لك المعكرونة في الإناء أكمل انت الباقي فلن أساعدك في أي شيءٍ اخر
ولكنها شمت رائحة شيءٍ ما يحترق ووجدت على وجه ميلارد ابتسامة لا تطمأن فنظرت إلى إناءٍ كانت تضع فيه لحمًا مفرومًا على النار وكانت النيران مشتعلةٍ به وبدأ يتحول إلى اللون الأسود فصرخت وركضت تجاهه وأغلقت النار فورًا ، ونظرت إلى ذلك المجنون الذي يبتسم وهي تدرك أنه فعل ذلك ليس ليفوز فحسب لا بل لأنها لا يبالي اذا مات كلاهما في حريق ، فلم ترد أن تظهر إدراكها لهذا لكي لا تجعله يزيد من تلك الأفعال الغبية ،
وبدأت تكلم نفسها بصوتٍ عالٍ وهي تقول: إنني لم اترك شيئًا في العالم إلا وقد احرقته حتى نفسي قد احرقتها اكثر من مرة يا الله سامحني واتمنى من روبرت أن يسامحني كذلك على هذا اللحم الذي ذهب هدرًا

نظر لها ميلارد باستغراب وهو يقول: الثلاجة ممتلئةً باللحوم وغيرها فلماذا تحزنين؟
فردت عليه في غضب: بالطبع ستقول ذلك لأنك ألا تدري أن هناك أشخاصٌ يموتون جوعًا كل يوم ، وهناك أشخاصٌ لم يتذوقوا هذا اللحم أبدًا في حياتهم لكي نرميه هكذا بعدم اهتمام وكأنما نرمي قمامةً لا يهتم بها أحدًا
صمت ميلارد قليلًا يفكر في كلامها وقد شعر بتأنيب ضميرٍ شديد ، وتمنى لو كان نبهها على اللحم قبل أن يحترق بدلًا من فعله الاحمق هذا
فقال: لقد كنت مخطئًا ، كان يجب أن انبهكِ
نظرت له هي في استغراب فلم تتوقع أن يعترف بخطائه هكذا فورًا
ولكنها قالت: جميعنا نخطأ المهم أن نتعلم من اخطائنا ، انتبه إلى معكرونته حتى لا تحترق هي الأخرى
وذهبت لتعد لحمًا غير الذي احترق من جديد ، وكانت معكرونة ميلارد قد انتهت فأخذها ليصفيها من الماء ويبدأ إعداد اللحم هو الأخر .
كان كلاهما قد انتهى تقريبًا تبقى فقط ان يدخلا المعكرونة للفرن ، ولكن ميلارد قد جلب خمس بيضات وسكبهم على المعكرونة حتى ان بعض قشر البيض قد وقع أيضًا على المعكرونة ، ولف وجهه ليجلب ملعقة فوجد ديما تنظر له بعينين مفتوحتين وهي ترش توابلًا  ما على المعكرونة لكنها لم تكن منتبهةً لما تحمل بسبب صدمتها من فعل ميلارد ، فنظر ميلارد للطعام بيدها ثم أعاد النظر إليها وقال: هل تنوين قتل أخي؟ لقد سكبتي علبةَ الشطة كلها على المعكرونة
فنظرت هي إلى الإناء في يدها وصرخت قائلة: يااا وييليي لقد خرب كل شيءٍ بسبب أفعالك الخرقاء ، يا هذا من يضع خمس بيضاتٍ غير مطبوخاتٍ على المعكرونة هكذا ؟ هل تريد أن تجلب لأخوك أمراض العالم كلها؟ حسبي الله ونعم الوكيل فيك

وكان رد ميلارد هو أن امسك صينية المعكرونة ورماها على الأرض ليزيد المطبخ فوضى أكثر من الفوضى الذي هو عليها ، والتفت إليها وقال: وجهكِ يجلب النحس للغاية
فشهقت هي وحملت السكين من جديد ولكنها هذه المرة بدأت تركض ورائه وهو يركض ويصرخ قائلًا: اهدأي يا ديما لقد كنت اقول للمرأة بالفيديو بالجوال وليس لكِ ، انا اسف انا اسف لقد اخطأت اعتذر
وهي تصرخ هي الأخرى: سأصنع منك لحمًا مفرومًا يا ميلارد فقط تعال إلى هنا تعال ، تعالى تعالى يا حبيبي تعالى
وبسبب جسد ميلارد الضعيف فكانت طاقته محدودة وتعب بسرعة ولم ينتبه وهو يركض فتزحلق ووقع على الأرض ، فتوقفت هي عندما رأته قد وقع هكذا قالت: لما كل هذه الدراما من البداية اذا كنت ستتدحرج مثل كيس البطاطس وتقع أرضًا يا لك من أبلهٍ حقًا قم هيا قم لنصنع طعامًا اخر بدل الذي قد خرب ، فقام ميلارد وهو يتألم ولكنه ذهب وراء ديما مسرعًا لكي لا تحوله إلى شرائح بطاطسٍ مقلية ، وبدأ كلاهما يحضران الطعام من جديد .

وصل روبرت إلى المنزل ودخل وهو متحمسٍ لرؤية كيف قضى أخيه يومه ولكنه لم يجده جالسًا بالصالة كعادته وسمع أصوات حركةٍ بالمطبخ ، فاتجه إلى المطبخ وجد ميلارد يقطع طعامًا من صينيةٍ أمامه وكذلك ديما تفعل ، فتحدث قائلًا وهو مندهشٌ جدًا من رؤية اخيه بالمطبخ لأول مرة: ما الذي تفعلونه يا رفاق
فرد ميلارد: كما ترى نحضر الطعام للغداء ونريد منك تجربة طعامنا وتخبرنا من الأفضل
ابتسم روبرت وقال: حسنًا دعونا نرى ، هل أساعدكم في شيء
فقالت ديما: لا لقد انتهينا سنجلب الطعام لك فحسب
واحضروا الطعام لروبرت الذي بدأ يتناول الطعام وهو يضحك من افعال كليهما ولكن في نفس الوقت من سعادته ان اخيه قد قام بصنع شيءٍ جديد في حياته ، وبعدما تناول من كل طبقٍ معلقة كان قد حدد من الفائز منهم بالفعل .


    صوب هاوية الهوىحيث تعيش القصص. اكتشف الآن