الفصل السادس والعشرون

19 2 119
                                    

كان الطريق طويلًا للغاية بالنسبة إلى ديما وكان الهدوء سيد الموقف ولكن يبدو انه الهدوء الذي يسبق العاصفة ، حتى وصلت إلى منزلهم وصعدوا جميعًا إلى شقتهم وفور فتحهم للباب والدخول تلقت ديما صفعةً من والدها قبل ان تنطق بحرفٍ واحد ، وفي نفس اللحظة سمعت صوت مزمار سيارةٍ يتعالى اسفل المنزل وهاتفها لا يتوقف عن الرنين ، ففتحت رؤى الشباك وأخبرتها ان روبرت يقف بالأسفل هو وفانيتاس وكان من يرن عليها بالفعل هو روبرت ، فردت عليه وكان هو اول من يتكلم قائلًا: ديما انزلي الآن حالًا نحن في امس الحاجة لكِ
فُزعت ديما من كل تلك الأحداث المجنونة التي تحدث في آنٍ واحد ، وكان من يمسك هاتفها ويرد هو أبيها قائلًا: لماذا تطلبون منها القدوم في وقتٍ مثل هذا وخارج اطار ساعات العمل أيضًا
فرد روبرت قائلًا: سيدي عبد الرحمن في الأساس دور ديما الاعتناء بميلارد وقد جن جنون ميلارد الآن ولن يستطيع ايقافه إلا ديما ، أرجوك دعها تأتي معنا
فرمى عبد الرحمن الهاتف في يد ديما وهو يقول: لن تذهبي إلى اي مكان اخبريه بهذا
وضعت ديما الهاتف على اذنها ولكن لا احد يسمح لها بالحديث حقًا فقد قال لها روبرت أن تفتح سماعة الجوال وفعلت ذلك ، ثم صرخ روبرت بصوتٍ عالٍ قائلًا: ديما هذا ليس فضلًا منكِ إنه واجبكِ وأنا امركِ إن لم تنزلي الآن فسأقوم بطردكِ ، وسأحرص كل الحرص على أن لا يجرؤ أحدهم على توظيفك .

فقالت نهال: دعها تذهب يا عبد الرحمن وإلا ستطرد هي لن تجد وظيفةً براتبٍ مثل هذا
فأغلقت ديما السماعات مجددًا بسرعة وقالت: حسنًا سيد روبرت أنا قادمةٌ إليك
وقامت بغلق الهاتف وهي تهرول إلى الاسفل قائلة: هذا امرٌ ضروري لا استطيع رفضه ، اراكم لاحقًا ربما ابقى هناك واعود بعد أن انتهي من عملي بالشركة
فصاح عبد الرحمن قائلًا: ومن سيسمح لكِ بأن تبيتي خارج المنزل ومع مجموعةٍ من الرجال أيضًا؟!
توقفت من ركضها وهي في منتصف السلم تقريبًا وقالت: سأتصل بوئام ودانيا ليأتوا للمبيت معي فقط حتى يهدأ وضع الشخص الذي تقع مسؤولية حالته على عاتقي
واكملت ركضًا حتى وصلت امام السيارة ، فقال لها روبرت وهو يفتح عينيه بقوة ويبدو عليه الجنون: اركبي السيارة بسرعة الآن
أما فانيتاس فلم يفتح فمه ولكن كان يبدو مظهره وكأنه يكتم الضحكة ركبت ديما السيارة وكذلك فعل روبرت وانطلق بالسيارة ، نظرت ديما بجوارها فوجدت شخصًا يعتدل في جلسته بعد أن كان مستلقيًا بالمقعد وكأنه دودةٌ تختبئ ، ثم اتتها لحظة إدراكٍ أن هذا الشخص هو ميلارد الذي كان منفجرًا في الضحك وكذلك فعل فانيتاس وروبرت ، نظرت له في صدمة وهي لا تزال غير قادرةٍ على فهم الموقف وفهم ضحكهم ، فقالت: ما الذي تفعله هنا ميلارد ألم تكن مريضًا؟! ياللهووول ماذا يجري هنا يا رفاق؟

فكان من يجيبها هو روبرت قائلًا: كل هذا كان مجرد كذبة لنقوم بتهريبك والفتيات ينتظرنَّكِ في القصر
ففهمت ديما وأخيرًا انهم فعلوا ذلك لحمايتها من ردة فعل أهلها فنظرت لهم بتأثرٍ وهي تقول: يا رفاق لم يكن هناك داعٍ إلى كل هذا
فالتفت إليها فانيتاس قائلًا: كيف تقولين هذا وانتِ لا ينقصكِ إلا أن نضعكِ في سجل العائلة؟ عيبٌ عليكِ ، أتعلمين أن الفكرة فكرتي ولا ادري كيف وافق روبرت على تطبيقها
فردت ديما: توقعت أن هذا الجنون لا يأتي سوا منك
وبدأت بالضحك هي الأخرى وعاد روبرت وفانيتاس إلى ضحكهم إلا ان ميلارد كان يبدو عليه العبوس المفاجئ ،وبينما ديما تلتفت لتتحدث معه لاحظت عبوسه ذلك فسألته قائلة: ميلارد هل هناك ما يزعجك؟
لم يرد عليها ولكن عينيه كانت تركز على خدها الذي بدت أثار الصفعة عليه ، فوضعت ديما يدها على خدها ولفت وجهها ، فقال ميلارد: إنني اسفٌ حقًا لقد كنت غبيًا للغاية
فردت عليه قائلة: ليس هناك شيء لتعتذر عليه ، لأنك دومًا ما تكون غبيًا لا شيء جديد
ومن ثم تبسمت لتخفيف الاجواء ولكن ملامح ميلارد ظلت جامدة حتى وصلوا إلى القصر وأخيرًا .

    صوب هاوية الهوىحيث تعيش القصص. اكتشف الآن