الفصل الثامن

40 3 79
                                    

كان ديما وميلارد يقفان في توتر وكلٌ منهما ينظر للآخر في قلق ، فأحست ديما أنها قد اتخذت قرارًا خاطئًا باقتراح هذا التحدي على ميلارد وهي ترى انها لا يجب أن تدخل المطبخ من الأساس ، وكذلك كان يفكر ميلارد بأنه لن يتخلص من ديما أبدًا بهذا الشكل فهو سيجلب لأخيه تسمم من أول ملعقة ، وبعد تذوق روبرت لكلا الطبقين وقبل أن يتحدث وصله اتصالٌ من شخصٍ ما ، فأجاب على الهاتف وملامحه توحي بالسعادة فقال: أهلًا أهلًا ويا مرحبًا فانيتاس أين كل تلك الغيبة يا رجل؟
وسكت ليستمع لما يقول المتصل ، ثم رد عليه قائلًا أأنتَ جاد يتكون بمصر غدًا؟ لا أصدق ما تسمعه أذناي
وعندما أجابه الاخر على الجوال رد: أجل بالفعل طال غيابك عنا ولم نراك منذ كنا ببريطانيا سننتظرك على أحر من الجمر
وبعدما رد عليه المتصل قال: حسنًا نراك غدًا بالشركة إذًا إلى اللقاء القريب أن شاء الله
نظر ميلارد إلى روبرت وهو يقول: أهذا فانيتاس حقًا يا روبرت؟ أهو قادمٌ إلى مصر؟
فأجاب روبرت: أجل لقد أخبرني أنه في المطار بالفعل في طريقه إلى التوجه إلى مصر لكي يأتي لزيارتنا ، وقال انها ستكون زيارةً طويلة حتى نشبع من رؤيته .

صاحت ديما: فنتوس؟ ما هذا الاسم الغريب العجيب ثم انك قد لعبت بأعصابنا هيا أخبرنا من هو صاحب طبق الطعام الأفضل يا سيد روبرت
فأجابها روبرت: أهم شيءٍ أنك لا تنسين قول كلمة سيد قبل مناداتي على الرغم من أنكِ قد تكونين تسبينني في نفس الجملة ، نادني روبرت فحسب سيكون هذا أفضل
فردت هي: حسنًا يا روبرت أخبرنا من الفائز رجاءً
فقال ميلارد مقاطعًا: أنا لم انتبه إلّا الآن إلى هذا ، لماذا تنادين روبرت بسيد روبرت وتناديني أنا بالطفل والأبله و الأحمق وبدون سيد ولا أي شيء
فأجابت ديما: اللهم ألهمني الصبر قبل أن اجن من هذان الأخان ، هل ترى أنك محط احترامٍ يا ميلارد؟ إنك ابله وكل ما أقوله ينطبق عليك
فقال روبرت موقفًا لهم قبل أن يبدأوا شجارًا أخر: هيا يا رفاق ألّا تريدون أن تعرفوا من الفائز
فالتفتوا إليه وقال في صوتٍ واحد: ممن هو الفائز؟
فأشار روبرت على الطبق التي كانت قد أعدته ديما ليعلن أنها الفائزة ، فبدأت تقفز ديما فرحًا وتصرخ وهي تقول: لقد فزت فزت فزت هااهااهاه يا ميلارد أترى لقد فزت عليك وكسبت التحدي ، أيه الخاسر أيه الخاسر الآن ستنفذ ما أطلبه منك في صمتٍ ودون اعتراض
فنظر ميلارد إلى ديما بغيظ وغضبٍ من خسارته فأمسك طبقها ورماه على الأرض ، وأمسك طبقه وكاد أن يرميه هو الأخر ولكنه وجد صفعةً تعترض طريقه ، فنظر إلى صاحبة الصفعة وهو غير مصدوم فلم يعد لديه القدرة على الصدمة من كفوفها بعد الآن ، والتي هي بدورها بعد أن صفعته أخذت الطبق من يديه ووضعته بكل هدوء وهي تقول: هل تظن نفسك الرجل الأخضر يا هذا؟ والآن ستتحول وتصرخ هالك يحطم وكلنا سننظر إليك في خوف؟ هذا ما يحدث في الأفلام فقط يا عزيزي أما هنا في أرض الواقع ستنال الكفوف والركلات
أما روبرت فكان يقف في مكانه مندهشًا من كل ما يحدث منذ البداية وهو يقول في نفسه أن هذا يومًا أخر لا يستطيع التوقف فيه عن الاندهاش ، أو بالأصح هو لا يتوقف عن الاندهاش منذ أن ظهرت ديما .

وخرج عن صمته وقال: أنا لا افهم أي شيء أي تحدي وأي فائز ولماذا كل هذا الغضب يا ميلارد؟
فحكت له ديما عن تحديهم الذي أجرياه وتفاصيله
فقال روبرت: لقد فازت بكل نزاهةٍ وعدل يا أخي وإذا كنت ستغضب هكذا لم يكن عليك أن تجري التحدي منذ البداية ، ثم أنك أن كنت تود رحيلها هكذا فعليك أن تسارع في التحسن والشفاء لكي ترحل هي بسرعة
نظر ميلارد إلى روبرت وهو لا يعجبه أي شيءٍ مما يجري وقال: سأذهب لأنام وارجو منكم ألا تزعجوني ودعها هي ترعاك ما إذا كنت ستقف بصفها هكذا
وذهب مسرعًا إلى غرفته كالثور الهائج قبل أن يتحدث أي احدٍ منهما
فقالت ديما: إني أسفة أني اسبب المشاكل منذ أول يوم ولكني لا أجد طريقةً أخرى فعلًا
فرد عليها روبرت: لا لا تقلقي إنه أخي وانا اعرفه بالتأكيد سينزعج من تغير أسلوبي معه ، ولكن هذا هو الأفضل له لكي نرجعه إلى ما كان عليه ، يمكنك الرحيل الآن يا ديما والعودة إلى منزلك وسينتظرك السائق في الغد في نفس الميعاد
فأجابته هي: حسنًا أراكم غدًا

عادت ديما إلى منزلها وعاد القصر إلى هدوئه المعتاد ، وبعد مدةٍ صعد روبرت ليرى أخيه في غرفته هل هو بخير أم لا وكيف أصبح مزاجه الآن ، ثم طرق الباب ودخل إليه فوجده لم ينم كما توقع ولكنه كان جالسٌ في غرفته يبدو أنه يفكر في شيءٍ ما ،
فوقف أمامه وكاد أن يتحدث ولكن ميلارد قال له: أدري أن هذا لمصلحتي وأنك تحاول بذل الأفضل من أجلِ لذا رجاءً اغلق النور ودعني كي أرتاح
أغلق روبرت النور ولكنه ذهب وجلس بجانب أخيه وبدأ يمسح على شعره في هدوءٍ تام وهو يقول: ليس كل ما يرضينا ويعجبنا فيه خير لنا وليس كل ما نكرهه ونبغضه فيه شرٌ لنا ، إني لا أرضى عليك أن تمسك نسمةُ الهواء العابرة بسوء فإذا رأيتني اصمت عندما تُضرب فتتألم أو تغضب أو حتى تحزن ، فأعلم أني أشعر أني اقبض على جمرٍ يحرقني ويحرق كياني ، ولكن ماذا عسايَّ أفعل وانت أدرك بحالك وبأفعالك
لم يرد ميلارد فهو لم يجد ردًا يستطيع الرد به على أخيه ولكنه اكتفى بقول: أبقى معي حتى النهاية في صحتي وفي مرضي لا أريدك أن ترحل كما فعلوا
فضمه روبرت بقوة وهو يقول: لا بأس عليك أعدك بذلك ، وسأفعل أن شاء الله
ومن ثم انصرف روبرت بعد أن تأكد أن ميلارد قد نام بالفعل وذهب هو الأخر ليرتاح من التعب الذي نال منه ويستعد ليومٍ طويلٍ وحافلٍ بالغد .

بدأت الشمس تنير السماء معلنةً عن قدومِ يومٍ جديد وصباحٍ قد يكون سعيداً وقد لا يكون سعيد ، واستيقظت ديما على اتصال من روبرت يخبرها فيه أن السائق سيوصلها إلى الشركة اليوم لأن ميلارد سيكون هناك يقابل صديقًا لهم ، بدأت ديما تتجهز متوكلةً على ربها ولكنها كانت قلقة قليلًا فيومها الأول مع ميلارد كان غريبًا واضطرت إلى أن تضربه أكثر من مرة ، ويبدو أن هذا لا يعجب روبرت أبدًا ويمسك نفسه بالقوة فكانت تفكر أن تجد حلًا بديلًا يوقف ميلارد ولكنه بنفس ذات الوقت لا يسبب له ألمًا لكي لا يقتلها روبرت إذا نفذ صبره ، وفي تلك الأثناء سمعت صوت صافرة سيارة فنزلت وركبت السيارة المتجهة إلى الشركة ، وكان ميلارد وروبرت في طريقهم هم أيضًا إلى الشركة .

وصلت السيارة التي فيها ميلارد وروبرت في نفس وقت السيارة التي تتواجد بها ديما ونزل كلًا منهم ، ووجدت ميلارد متأنقًا ومتألقًا للغاية هذه المرة وكان يرتدي نظارةً شمسية تغطي ندبة عينيه ولكن لا تزال الندبة واضحةً في خده وكان روبرت متألقًا كعادته ، اتجهت باتجاههما وقالت: صباح الخير ، يبدو أنكم متحمسين للغاية لمقابلة فنتوس
فرد عليها روبرت وهو يضحك: يا فتاة اسمه فانيتاس وليس فنتوس
فأجابت ديما: وكيف انطقه هذا؟ ألا يجوز أن أناديه فيروز فحسب؟
فنظر لها ميلارد وقال: يا لكِ من طفلةٍ بلهاء
فصرخت هي: هاااه لا تسرق كلماتي وتوجهها إليَّ
فتجاهل كلامها وانطلق ماضيًا في طريقه متجهًا لمقابلة ضيفهم وصديقهم القديم ، وتبعه روبرت وديما التي كانت حتى هي متحمسة لرؤية من هذا الشخص الذي تألق ميلارد الكئيب من أجل رؤيته هكذا .

    صوب هاوية الهوىحيث تعيش القصص. اكتشف الآن