الفصل الواحد والأربعون

19 2 237
                                    


وقف كلاود وهو يحاول عدم إبداء ردة فعل عنيفة أو عصبية لكي تمر هذه الخطبة على خير ، ووقف فانيتاس كذلك بسرعة وهو يمسك عدة مناديل يمسح بها سروال أبيه الذي قد تلطخ سرواله الرمادي باللون البرتقالي الخاص بعصير المانجا التي كانت تحمله ولاء ، وكذلك قام خليل من مكانه وهو يعتذر لكلاود عما حدث له من ابنته ، فعاد كلاود للجلوس مجددًا بعد ما مسح ما يمكن مسحه من العصير وهو يقول: لا بأس لم يحدث شيء دعونا فقط نرى عروسنا .
فقامت خديجة من مكانها وذهبت لمناداة وئام التي كانت تراقب كل ما يحدث في غرفتها وتصيح في صمت للدخول لهم ، فخرجت وئام وهي ترتدي فستانًا بسيطًا ورقيقًا باللون الأخضر الفستقي مزخرفٌ من جانبه السفلي الأيسر ببعض الازهار الوردية وكان حجابها بنفس لون الأزهار كذلك فبدت غايةً في الجمال وغايةً في الرقة كعادتها ، وعندما وجدها فانيتاس بطلتها تلك أمامه عاد للوقوف من جديد وهو منبهرٌ بجمالها نظرت هي الأخرى إليه كان يرتدي بدلةً باللون بنطالاً وقميصًا باللون الأسود يعلوهما جاكيتًا باللون الأحمر المخملي وأعاد شعره للخلف ، فابتسم هو فور ما نظرت إليه واخفضت هي رأسها بخجلٍ وسلمت على عائلة فانيتاس وجلست .

فقالت ماريا: الآن أدرك لماذا كان فانيتاس الفتى الذي كان لا يريد الزواج متشبثًا بكِ لهذه الدرجة فجمالكِ يستحق التشبث به حقًا .
ابتسمت وئام بخجلٍ شديدٍ وهي تقول: ليس هناك جمالٌ يعلو على جمالكِ يا خالتي ، تبدين أصغر من فانيتاس من الأساس .
فضحك كلاود وهو يقول: أليس كذلك؟ ذلك الفتى يبدو عجوزًا بالفعل ، أنتِ تفوقينه جمالًا أكثر بكثيرٍ يا ابنتي .
نظر له فانيتاس بصدمةٍ وعينيه متسعتين بينما كان روبرت وميلارد يحاولان إمساك ضحكتهما بصعوبة ، فقال خليل موجهًا كلامه لكلاود: كلك ذوق ، وبما أن ابنتنا وابنكم يعرفون بعضهما بالفعل فأنا أقترح أن نقيم الخطوبة في أقرب وقت وفيها يتعرف الاثنين على بعضهما أكثر لنرى هل سيتوافقان معًا أم لا .
فقال كلاود: إن هذا هو رأيي أنا أيضًا ، لذا فلتتفضل وتخبرنا بشروطكم وطلباتكم .
فنظر خليل إلى فانيتاس بابتسامةٍ حنونةٍ وقال: لا أريد من فانيتاس أكثر من أن يتقي الله في ابنتنا وأن يصونها ويجعل بسمتها لا تفارقها ، كل ما أريده هو أن تكون ابنتي سعيدة معه وألا أراها تذبل يومًا أمامي ، فإن لم تستطع يا ولدي أن تحافظ على إشراقها وتكون عونًا وسندًا لها فنحن أولى بها .
فتحدث فانيتاس قائلًا: إنني أُشهد الله يا عمي أن من اللحظة التي ستكون فيها وئام خطيبتي ثم تصبح زوجتي وإلى لحظة موتي لن أجعلها سوى راضية وسعيدة عن كل يومٍ تعيشه معه .

فالتفت خليل إلى وئام وقال: ما رأيكِ يا عروسنا؟
أخفضت وئام رأسها بخجلٍ وهي تبتسم بعدما سمعت كلمات فانيتاس ووالدها وقالت: رأيي من رأيكَ يا والدي .
فقال خليل: إذًا على بركة الله فلنقرأ الفاتحة .
فقال فانيتاس بسرعة: سنقرأ الفاتحة بالتأكيد ولكن يا عمي لم تخبرنا بعد شروطك ، ولم تخبرنا عن المهر والذهب والمنزل والأثاث وما إلى ذلك .
فرد خليل قائلًا: كل هذه الأمور متروكةً لك يا ولدي لتقرر الأنسب لك وتختاره .
فقال كلاود: هل أنت متأكدٌ يا سيد خليل؟
فرد خليل: لنرفع الرسمية من بيننا فقد أصبحنا عائلةً الآن ، ثم أني لو لم أكن متأكدًا لما أخبرتكم بهذا الحديث من البداية ، سواءً كان المال أم الذهب أو ما دون ذلك فأنا أعلم أنكم لن تقصروا ، وقد ذكرت الأهم بالنسبة لي بالفعل .
ابتسم كلاود وقال: ونحن لن نخيب أملك إن شاء الله ، لنقرأ الفاتحة .
وقرأوا الفاتحة جميعًا ، ثم قالت خديجة: إن الشرفة تكون منعشةً بهذا الوقت ، فلتأخذي عريسكِ يا وئام وتجلسان بالشرفة قليلًا .
فقامت وئام من مكانها وقالت وهي تحرك حاجبيها بشكلٍ مستنكر: حاضر ، تفضل معي إلى الشرفة أيها العريس .
فقام فانيتاس ومشى بجوارها حتى وصلا إلى الشرفة ، فقالت وئام: نحن معتادون على نفس هذه الجلسة بالمكتب .
فرد عليها فانيتاس: ولكن يا أنستي الجميلة هذه المرة مختلفة ، فالآن أنا خطيبكِ ولست مجرد زميلٍ لكِ بالعمل .
فقالت وئام: لا أعرف كيف حدث هذا ولكن هذا صحيح ، إذًا يا خطيبي عن ماذا تريد أن نتحدث؟
فرد عليها فانيتاس: عن الأهرامات بالطبع ، يا فتاة نحن مخطوبان الآن حدثيني عن نفسكِ ، اسأليني عن نفسي وهكذا .
فردت هي: فانيتاس لقد أمضيت أكثر من عامٍ معك بالفعل أنا أعرفك جيدًا ، كما أنني لا أحتاج أي معلوماتٍ منك فديما موجودة وهي أكثر مصدرٍ موثوق .

    صوب هاوية الهوىحيث تعيش القصص. اكتشف الآن