الفصل ٣٣: ما بعد الفاجعة

29 9 22
                                    

في اليوم التالي كانت جنازة (قين) ، رغم أن ( تورا) أمر بكتم مقتلها إلا أن هناك أحداً ما قد نشر الخبر ، جن جنون الشعب لذلك كان على الجيش الملكي التدخل و البحث في القضية ، كل من في القصر كانوا محبطين .... خوفاً من تكرار التاريخ لنفسه .....

فتحت أجفانها المرهقة ببطء ، و ظلت تحدق بالسقف لفترة متسائلة ..." أين أنا ؟ " ، أشاحت نظرها إلى اليمين لترى دلو بالقرب من الباب الحديدي ، نهضت لتسمع أغنية السلاسل التي تكبلها ، حدقت بها ثم بالغرفة المتسخة ، " أنا مسجونة ؟" ..... أدركت الأمر أخيراً ، قررت  التأكد فاستخدمت الإم. بي. و فعلاً لم يخرج ، حينها تيقنت أنه تم (سلب ) الإم. بي. الخاص بها كي لا تستطيع الهرب ، أي أنها تعتبر عديمة إم. بي. ، بينما كانت تفسر سبب سجنها سمعت صرير الباب ليدخل الحارس الطعام ، سألته بهدوء : " أيها الحارس لماذا أنا محبوسة هنا ؟ " ، رمقها بنظرات غاضبة و هو يضع الطعام على الأرض :" لأنك قاتلة ! "، كان وقع هذه الكلمة جارحاً فقالت بانذهال :" أنا قاتلة ؟......" ، استشاط غضباً : " لا تتظاهري بالبلاهة ! أنت يا من قتلت الآنسة (قين) منذ ثلاثة أيام !" ، صدمة تليها صدمة ، تذكرت كل ما جرى في تلك الليلة المشؤومة و أنها حصلت في الواقع ، قالت بغصة : " أرجوك هل يمكنني  ... "، قاطعها : "لا! "، ترجته لأنها تريد زيارة قبر أعز صديقة لها كونها لم تحضر الجنازة لكنه رد عليها بضربة أسقطتها أرضاً ثم قال : " الزمي حدودك يا مجرمة ! "، رمى بالصحيفة عليها ثم رحل و أقفل الباب ذو الصرير المزعج ، تعجبت من معاملته القاسية جداً لكنها فضلت أن تنسى ما حصل قبل قليل ، ألقت نظرة على الصحيفة لتقرأ الخبر الصاعق الذي يتصدر الصفحة الأولى ، " (سورا راينبو) : ناكرة الجميل التي قتلت الأميرة الطيبة " ، استشعرت كمية الحقد من العنوان فقط لكنها أكملت القراءة لتعرف الأوضاع ، " (سورا راينبو) فتاة عمرها اثنا عشر عاماً ، ذهبت إلى حفل التتويج طمعاً في استحواذ مكانة الآنسة (قين) البريئة و لتتبناها العائلة الملكية ، دبرت خطة خبيثة و استغلت طيبة الآنسة ثم قتلتها و بعدها حاولت الهروب من العقاب بصياحها عند القبض عليها ، لكن الآن أصدر (الحكماء)  قراراً بإعدامها ، و سيكون الإعدام العلني بعد أسبوع ، نرجو منكم  الحضور لمشاهدة نهاية القاتلة الناكرة للجميل و على إثر ذلك أعلن مدير الأكادمية الخاصة التابعة للجيش الملكي السيد هاسيقاوا منعها من إكمال دراستها ....." ، و قرأت خبراً آخر " ملكتنا في غيبوبة ! بسبب المأساة الأخيرة " ، سقطت الصحيفة من هول ما قرأت " لماذا انقلبت الطاولة علي ؟ " ، أخذت تصيح كالأطفال من الألم الذي يعتصر قلبها ، صرخ الحارس :" اخرسي ! نحن من نريد البكاء و ليس أنت " ، أطبقت فمها كي لا تصدر صوتاً فلقد اكتفت من حقده الهائج ، أصبحت تارة لا تتنفس و تارة تسعل بشدة ، ...... احمرت العينان و حُفِر السيل على الخدَّيْن ، ضاق الصدران و فاضت الأحزان ، " فقدت ثقة الجميع بسبب الهراء الذي انتشر ...... ها أنا أصبحت وحيدة من جديد ..... لماذا ؟ ....... لماذا كلما اقتربت من السعادة رمتني بالأحزان ؟ ..... (قين) .... كيف لفتاة بائسة مثلي أن تنشر السعادة ؟" ، في تلك اللحظة بدأت بطلتنا تفقد الأمل ، كالأوراق التي تسقط في الخريف ، ورقة تليها ورقة ، لتصبح في النهاية ..... جرداء .

استمرت معاملة الحراس السيئة في تلك الأيام القلائل ، و تعدى الأمر إلى الضرب بالسياط لينفسوا عن غضبهم و حزنهم ، و كانوا يحضرون الطعام المحترق و المر كل يومين خوفاً أن تموت قبل الإعدام ، و يطربونها بالشتائم  في الصباح و المساء ، و هي لا تملك سوى الصمت و تبرير أفعالهم " هذا جزائي .... هذا جزائي .... " .

لم يكن الحال أفضل في القصر الملكي ، فقد كانت الفوضى تعمه ، أضحى الصحفيون كالذباب عند الأبواب ، يريدون كتابة الأخبار الجديدة ، وكّل (الملك) والده ( أكيهيتو) للاهتمام بالقصر لكي يتفرغ بالاهتمام بقضية (راينبو) التي خسرها في النهاية ، حاول ( تورا) بكل الطرق إنقاذ (راينبو) لكن في النهاية فشل و انتصر (الحكماء) عليه ، (الحكماء) هم أشخاص مجهولي الهوية عينهم أحد الملوك السابقين ليصدروا القرارات التي لا يمكن منعها حتى من قبل الملك نفسه ، لقد عرفوا بقرارتهم صائبة لذلك وثق الشعب بهم و لم يشككوا بهم أبداً ، لكن ( تورا ) مغتاظ منهم بشدة لأنهم أصدروا قرار سجن (راينبو) و منع الزيارات لها ، و في الوقت ذاته كان قلقاً عليها لأن التاريخ الأسود تكرر و كان مصير الضحية الأولى الإعدام ؛ لذلك اضطر لاستخدام الحل الأخير لإنقاذها ، " لا تفقدي الأمل ..... (راينبو) ...." ، كانت هذه أمنيته الحزينة .

في الليلة التي تسبق الإعدام كانت (راينبو) مستلقية على الأرض و الكدمات تملؤها ، الحزن والتعب و الإرهاق و الجوع و العطش و الألم منعوها من النوم ، في منتصف الليل سمعت صرير الباب و هو يفتح ، دخل شخص  بدا كشبح أسود لظلمة المكان ، سألته : " من هنا ؟"

آنسة راينبوحيث تعيش القصص. اكتشف الآن