الفصل ٨٠: استعداد٢

10 5 57
                                    


تسير الاستعدادات على قدم و ساق في (أرض الأساطير)، فتم استيراد أفضل المفروشات لتزيين القصر، و بدأت عملية غسيل الأغطية و السجاد والوسائد، و بدأت المساومات لشراء أفضل البخور والعطور وأجود الأطعمة والأشربة، وبهذا كان القصر في أوج نشاطه و عنفوانه، فالسلطان (أركان) غارق في أوراقه الاعتيادية لرعاية شؤون البلاد، وزوجته الحسناء (أصيلة) تشرف على تجهيزات الاجتماع، كالثياب التي سيرتديها أهل القصر والخدم، والحراس والخدم يتنقلون هنا وهناك،

وأثناء ذلك النشاط جلست فتاة صغيرة في الثامنة من عمرها في الحديقة الخلفية، لها عين خضراء وظفيرة ذهبية تزين رأسها كطوق ذهبي، كانت ترتدي فستاناً أبيضاً بتطريز ذهبي لتغدو زهرة بين أزهار الياسمين البيضاء، تأملت الزهور ببعض الشرود وخصلات شعرها تتمايل برقة، فتسلل شخص من خلفها وتأمل ظفيرتها الذهبية، بدت نسخة مصغرة من والدتها(أصيلة) لولا مسحة خفيفة من ملامح والدها (أركان) الهادئة،

قال بهدوء: ما الذي تفعله الأميرة (جمانة) هنا؟"

فزعت الأميرة والتفتت لتقول بضجر طفولي:" توقف عن إزعاجي يا (دينكي)!"،

صحح لها بينما يعبث بشعره الأشقر الكثيف-حيث يصل إلى نهاية رقبته-:" أنا (زيد) أميرتي الصغيرة"،

قالت بعدم اكتراث:" لقد سمعت أخي (أمجد) يناديك (دينكي) عندما تكونان لوحدكما، إذا سأناديك (دينكي) كذلك"،

تنهد (دينكي):" عندما نكون وحدنا أميرتي، لقد اخترت اسماً مستعاراً لأن اسمي سيسبب المشاكل"،

ثم أخذت تستفزه متجاهلة ترجياته لتتوقف:" (دينكي) (دينكي) (دينكي) (دينكي)"

بعدما رأى عنادها المستميت قرر دخول الحرب الطفولية، فمد يديه مداعباً لتتردد ضحكات بريئة ومحذرة:" إياك!"،

ابتسم بخبث وأدركت أنه سيفعلها، فتهب من مكانها وتجري بعيداً ليلحق بها حتى أمسكها، ثم أخذ يداعبها بأنامله لتضحك بشكل هستيري مع فشلها في إيقافه، توقف بعدما ارتاح أخيراً لرؤية الأميرة ذات الأعوام الثمانية تمسح دموع الضحك الصغيرة،

التفتت إليه: شكراً لك ديـ... (زيد)"،

قهقه لتداركها الأمر فهي لا تريد نوبة ضحك أخرى، ثم تأمل هذه الطفلة الصغيرة التي كانت تشعر بالوحدة، لم يستسغ قلبه رؤيتها هادئة وكئيبة.... تتحامل على نفسها عدم إزعاج الآخرين، اعتاد على شغبها ولعبها الذي يصدح في أرجاء القصر، اعتاد على التصاقها بشقيقها الأكبر الأمير (أمجد) متى تفرغ من واجباته، رغم أنها شقيقته من زوجة أبيه (أصيلة) إلا أن هذا لم يكن مانعاً لحبه لها؛ فقد تخطى مشكلة (أصيلة) منذ زمن بعيد رغم أن أمه (رانسي) لا تزال تعيش في ذكرياته وأحلامه،

ولسبب ما الأميرة (جمانة) تذكر (دينكي) بـ(قين)؛ فهي أخته الصغيرة التي لم تلدها أمه، فكلما يراها يسمع ذاك الصخب في قصره، وتتوالى عليه ذكريات التصاقها به في كل مكان، ولهذا كثيراً ما يجالس الأميرة كونه الحارس الشخصي للأمير (أمجد)، واستطاع أن يفهم ولو شيئاً بسيطاً من حب (جو) للأطفال.... يمكننا القول إنه (جو) جديد.

آنسة راينبوحيث تعيش القصص. اكتشف الآن