الفصل ٨١: في الطريق إلى الاتفاق

15 5 85
                                    



تمايلت السفينة بانسجام مع حركة الأمواج الرتيبة، كأنها تعاني من نعاس شديد بعد العاصفة الهوجاء الليلة الماضية التي أرعدتها وأنستها السكينة التي كانت تعيشها طوال الرحلة، وكان الركاب -بالمثل- منهكون تماماً من المجريات الماضية، فـ(هوشي) غارقة في أحلامها، و (راينبو) مستلقية بجانبها تحدق بالسقف بخمول،

تمتمت (راينبو) لتتذكر مهمتهم:"مضى شهرين حتى الآن، من (السندباد) إلى القصر الملكي، نسلك أقصر الطرق، نرسل الإشارة، اللقاء ليلاً مع الأمير"،

سمعوا أحد البحارة يهتف:" لقد اقتربنا من الميناء"،

استقامت (راينبو) وتسللت أسارير الفرح،

حضنت (راينبو) صديقتها صائحة:" أخيراً! أخيراً!"،

لتستيقظ (هوشي) من أحلام يقظتها مرعوبة:" ما الأمر عاصفة جديدة؟!"،

هزت كتفي صديقتها بحماس:" الميناء أمامنا"،

قرصت (هوشي) نفسها قبل أن تستوعب ما قيل للتو، ثم تدب الحياة فيها لتنهض وتحدق بالأفق:" وأخيراً"،

وحملا أمتعتهما على عجالة وخرجوا من الحجرة، وبخطوات سريعة على السلالم لفح نسيم البحر بشرتهم، ارتمى إلى أنظارهم سفن وقوارب تبحر بجوارهم فشعروا بالاسترخاء، وفور أن رست السفينة نزلوا عنها فرحين باليابسة بعد فراق دام شهرين،

بعدها قالت (راينبو):" لنذهب لاستئجار الأحصنة"،

أومأت (هوشي) بلا اعتراض وشرعتا بالمسير بين الأكشاك المزدحمة كعادة (السندباد)، ثم سردت (هوشي) على صديقتها أن عليهم شراء الطعام والماء قبل مغادرتهم، التفتت عليها لتجد (راينبو) تتأمل المارة كالمعتاد،

"أظنها مستمعة باختلاف الأعراق هنا"فكرت في خلدها قبل أن تلكزها وتعيد كلامها.

في مكان ما تذمر رجل مخيف:" متى سنتحرك؟"،

"عندما تصلنا الإشارة": أجابه صاحبه،

رمت امرأة كيس الخبز لهما:" بل بعد شهر يا حمقى!، بدلاً من الاستلقاء والتذمر ابحثا عن رجال آخرين يساعدوننا"،

وتبادلوا نظرات شرسة لكنهم تجاهلوا بعضهم وتناولوا خبزهم بصمت،

تساءل أحدهم: " هل تعرفون شيئاً عن قائدنا (كهرمان)؟"،

أجابه الآخر:" لا أعلم"،

فقالت الثالثة:" لا يهم من يكون، المهم أن نحقق هدفنا ونكون الشعلة التي ستحارب"،

صمت الآخران كنوع من الموافقة.

في مكان سري آخر ومع تسلل ضوء القمر من شقوق السقف دخل رجل طويل ونحيل أشبه بعظام متحركة، يتأرجح شعره الأبيض الطويل الذي كاد يماثل طوله أثناء سيره يمنة ويسرة، بعدما اتخذ مقعداً حدق بتلك المرأة أمامه وشرح لها الأوضاع الحالية،

آنسة راينبوحيث تعيش القصص. اكتشف الآن