رزقت الحلال {الحلقة 2}

12K 368 12
                                    


انهى عشاءه دون أن يشعر بأي مذاق خاص له، كل شيء أصبح بلا طعم منذ اكتشافه حقيقة من أحبها قلبه، تنهد بقوة لقد تسببت في كرهه لجنس النساء بأكمله، لم يعد يثق بأي امرأة سوى والدته .. حتى شقيقته لا يثق بها أيضاً مما يراه يحدث بينها وبين زوجها، يتعجب في كثير من الأحيان من قدرة فادي على تحمله لشقيقته، تلك المدللة التي ما تنفك تذكره بجميل والدها عليه، إذا كان في محله لكان تخلى عنها منذ أمد.

أفاق من أفكاره على صوت دقات خجلى على باب غرفته، اتجه ليفتح الباب فوجد شقيقته الصغرى بملامحها الطفولية التي يشوبها بعض الخوف.

نزل لمستواها وأمسك ذراعيها، ابتسم متسائلاً: إيه اللي مصحيكي لحد دلوقتي يا مي مي ؟

تجمعت الدموع في مقلتيها بغزارة وهي ترفع ذراعيها عالياً لتريه مدى كبر ما رأت عيناها الصغيرتين، فهم أنها رأت ما أفزعها فابتسم بحنان وضمها إلى صدره: ما تخافيش، أنا معاكي.

نظرت إليه بشك ولاحظ هو نظرتها تلك فعقد حاجبيه متسائلاً: إنتي عندك شك إني أقدر أغلب العو وأخليه هو اللي يخاف مني ؟

أومأت مؤيدة لكلماته، أبعدها عنه واقفاً في مكانه واسند جبينه بقبضة يده كعارضين كمال الأجسام أو كما يفعل بعض المصارعين قبل صعودهم لحلبة المصارعة.

نظر إليها وسألها بتحدي: لسه عندك شك بردو ؟

ابتسمت بسعادة وهزت رأسها مخرجة أي شك كان متواجداً بها، حملها بين ذراعيه وتوجه بها إلى خارج الغرفة ولكنها أبت ذلك متشبثة بباب غرفته.

نظر إليها متعجباً سلوكها، تبادلا النظرات قليلاً فأدرك مدى خوفها الذي يشتعل بداخلها جاعلاً إياها ترفض النوم بمفردها، تنهد بثقل: عايزة تنامي جنبي يعني ؟

أومأت بتردد، قبل رأسها ووضعها في سريره ثم اندس إلى جوارها وظل يداعب خصلات شعرها الذهبية حتى غطت في سبات عميق.

بعدما تأكد من استغراقها في النوم اعتدل في نومته عاقداً ذراعيه أسفل رأسه وعينيه تتأملان السقف في شرود، بدأ يتحدث بصوت مرتفع:

- تعرفي إني بأثق فيكي إنتي كمان، يمكن عشان بريئة ولسه الدنيا ما لوثتكيش زي غيرك، يااااااه لو تفضلي بريئة ونضيفه من جوه كدا على طول ... ههههههههه بس دا مش ممكن، مافيش واحدة بريئة في الدنيا دي، كلكوا خاينين ومايهمكوش غير مصلحتكوا.

ارتفع أذان الفجر معلناً اقتراب سطوع شمس يوم جديد، نهض ليتوضأ ويأوي إلى فراشه بعد أداء فرضه حتى يستطيع تحمل تلك المسافة التي تفصل بين القاهرة وقنا بالإضافة إلى بدأه العمل فور وصوله.

***

دلفت حياه إلى غرفتها متنهدة فقد مرت هذه الليلة بسلام دون أن يتم اكتشاف أمرها، ولكن فرحتها لم تدم ...

رزقت الحلال حيث تعيش القصص. اكتشف الآن