دلفت إلى غرفة جدتها، وجدتها تقرأ في كتاب الله بصوت هامس، ابتسمت وناولتها دواءها: يلا يا ست الكل، اشربي دواكي عشان تخفي وتبقي مية فل وعشرة
صدقت مغلقة المصحف وهي ترسم بسمة على شفتيها: يا بنتي أنا عندي حاجة وسبعين سنة مش سبع سنين
- ولو يا ست الكل، دا ما يمنعش إني أدلعك، الدلع من حق الصغير والكبير
تناولت الجدة دواءها ثم ربتت على مكان عند قدميها، جلست حنان منصاعة متنهدة؛ هذه علامة جدتها بأنها تعرف أن هناك ما يزعجها وتحاول إخفاؤه خلف بسمتها ومزاحها.
أقرت: خليل عايز يقدم لبنته في المدرسة اللي أنا شغاله فيها
فغرت فاهها دهشة: مش معقول، إيه البجاحه دي !
تنهدت: مش عارفه يا تيته، أنا تعبت بجد
أجهشت في البكاء، ضمتها جدتها إلى صدرها الحاني تواسيها وتدعمها صامتة، تحدثت حنان بما يجيش بصدرها: هو ليه مش حاسس بالحرقه اللي ف قلبي، ليه بيفكرني دايماً بغلطة أنا عمري ما نستها وبأندم عليها لحد دلوقتي، أيوه قصرت ف حق بنتي بس مش يجيب سكينة تلمه ويفضل كل شوية يشق قلبي بيها ... أنا تعبت بجد والله أنا إنسانه من لحم ودم .. بتجيلي أوقات بأحس فيها إنه الموت أرحملي من الحياه دي بس بعدين بأرجع استغفر ربنا.
ربتت على شعرها: دا اختبار من ربنا ولازم نصبر، ادعي وربنا هيستجيب إن شاء الله بس ف الوقت المناسب ليكي ولبنتك، ما تخليش عندك شك ف كدا أبداً، ربنا هو الأعلم بالأنفع والأصلح لينا من نفسنا حتى
هدأت حنان وقل نحيبها حتى غطت في نوم عميق، ظلت تدعو لها جدتها بالخير وراحة البال، تلك الدعوة التي تتكرر كثيراً دون أن نعرف أهميتها حتى نفقدها.
***
لا تعلم كم مضى عليها تركض جلَّ ما تعلمه أن قلبها يكاد يتوقف من كثرة دقاته وأنفاسها توشك أن تذهب بلا رجعة دون القدرة على التقاطها.
توقفت أخيراً أسفل عمود إنارة في الطريق، نظرت حولها هناك قلة من الناس تسير، بعض المحلات ماتزال ساهرة في إنتظار ساهراً أخر يرغب بشراء شئ ما.
إن المحروسة تختلف تماماً عن بلدتها، مهما كان الوقت متأخراً أو مبكراً توجد أقدام تروح وأقدام أخرى تجيء، تأملت كل مكان تسقط عينيها فوقه ولكنها لم تجد مكان تلجئ إليه، خائفة أنها إذا لجأت إلى أحدهم يستغلها، فقد استغلها من رسم عليها الحب بكلماته فما بال من لا يعرفونها بالأساس؟
احتارت ماذا تفعل، لا تعرف أين هي ولا إلى أين تذهب، هل اكتشفوا غيابها ؟، يبحثون عنها الآن، اقتربوا من مكانها ؟؟.. تساؤلات تساؤلات بلا انتهاء.
ارتفعت الإقامة من مسجد قريب من محل وقوفها، اتجهت إليه حيث وجدت قلة قليلة تدلف إلى المسجد لتأدية صلاة الفجر، دق قلبها بسعادة عندما وجدت باب مصلى السيدات مفتوحاً.

أنت تقرأ
رزقت الحلال
Romance👈للكاتبة: سارة محمد سيف👉 👈إلى كل من رأى أن خطأه لا يغتفر😢 😧وأنه ما عاد هناك طريق للعودة😥 ✔فلتعلم .. 🚪أن أبواب التوبة دائماً مفتوحة على مصرعيها 🕛لا تقفل ساعة أو تستريح حيناً💤 💡فإذا أدركت خطأك وأين مربطه .. 💪قاومه .. عالج داءك بيدك وقوتك ال...