رزقت الحلال {الحلقة 32}

7.4K 291 3
                                    


تقربت حنان من مي مي أكثر فقد وضعتها سمية في المدرسة التي تعمل بها بسبب معرفتها بالمديرة سناء وتأكدها من اهتمامها بها.

تعلقت بها بشدة تشعر في كثير من الأحيان أنها ابنتها حقاً لكنها تعود وتقتل أمالها حتى لا يصدمها الواقع الذي يتلذذ بعذابها.

أتى خليل يوماً في منتصف يوم دراسي وراقبها وهي تلعب مع مي مي وبضعة أولاد أخرين منهم هدى خلال الاستراحة .. تبسم بحب فهو رغم زواجه من أخرى وإنجابه لهدى إلا أن عشقها ما يزال راسخاً في قلبه .. يعلم أن حنان تظنه توقف عن حبها يوم طلقها وتزوج منال .. لكنه طلقها قبل أن تطلب هي منه ذلك في حال زواجه فكرامتها كأنثى ترفض مثل هذا الوضع الشائك وكرامته كرجل تأبى أن يُذل بإنتظار تخليها عن فكرة الطلاق فقرر أن يسبقها بخطوة.

بالنسبة للمرأة الزواج والحب كالماء والهواء لا يستطيع المرء العيش بأحدهما دون الأخر بينما الرجل يستطيع الزواج دون حب فلا علاقة للأمرين معاً فلست معضلة بالنسبة إليه أن يحصل على أحدهما فقط .. بل يعد نفسه أكثر حظاً إذا تحققا معاً.

بسبب هذا المنطق لم يجد مشكلة من زواجه بمنال والتي تفهم منطقه ذاك بغريزتها الأنثوية والتي تخرج على فترات في شكل غيرة.

اقترب من حنان وحلقة الأولاد حولها، لمحته هدى فركضت إليه تصيح بسعادة، استقبلتها ذراعيه المفتوحتين على إتساعهما لكن لخيبته دق الجرس معلناً إنتهاء الراحة وبدء حصة دراسية جديدة فأطلق صغيرته رغماً عنه.

بعدما أصبح الملعب خاوياً نظر خليل إلى حنان: إزيك ؟

-الحمدلله

كادت تهم بالمغادرة عندما استدارت تسأله فجأة: فاكر السلسلة اللي عملتها لميّ مخصوص؟

أومأ متألماً: أيوه .. مالها ؟

-هو الجواهرجي دا عمل منها نسخة تانية ؟؟

نظر إليها مستغرباً سؤالها: لا ما اعتقدش .. بس ممكن اسألهولك

ابتسمت ممتنة: يا ريت يا خليل

- هو في حاجه ؟؟

- لا أبداً .. جه على بالي بس .. عن إذنك

تركته متجهة إلى غرفة المعلمات، عقد النية على معرفة سبب سؤالها ذاك لكن بمجرد تأكده من وجود نسخ أخرى لنفس القلادة أو عدمه.

***

تلفت حوله بعد أن ترجل من السيارة التي يطلق عليها البعض اسم "الضفدعة" والبعض الأخر "الخنفسة" .. بعد اطمئنانه إلى أمان المنطقة صعد إلى بناية حديثة في الطابق الحادي عشر.

دلف إلى الشقة فور أن فتحها رجل قوي البنية ... نسخة طبق الأصل عن الموجودين أمام الفيلا التي يحتلها لمنع أي فتاة من الهروب .. نظر الرجل يميناً ويساراً ثم أغلق الباب بهدوء.

صحبه أخر إلى الغرفة المقصودة مكتفياً بفتح الباب له ليدخل ثم إقفاله فور ولوجه إلى الداخل، نظر حوله ليجد على نور ضعيف أتى من مصباح صغير بجانب الباب مكتباً ضخماً يحتل الجانب الأقصى من الغرفة والأكثر إظلاماً يجلس عليه رئيسه يدق بأطراف أصابعه على المكتب بنغمة معينة.

يجلس على المقعد المقابل له ساعد رئيسه الأيمن "فواز" والذي يحفظ معالم وجهه على عكس رئيسه الأكبر، أشار له بالجلوس إلى الجهة المقابلة منه تفصل بينهما طاولة صغيرة موضوع فوقها مطفأة سجائر.

سأله فواز بجدية دالفاً إلى الموضوع مباشرة: أخبار البت اللي هربت إيه ؟

-حياه ؟

-أيوه .. والبت التانية اللي اسمها نيفين كمان

أجابه بحنق: نيفين قالب الدنيا عليها بس كأنها فص ملح وداب .. بس حياه أنا عارف مكانها إشارة منكوا بس وأروح أجيبها

نظر فواز إلى رئيسه كأنه يتلقى منه الأوامر عبر الظلام: لا، إحنا جبناك هنا عشان كدا .. إنسى موضوع البنتين دول وركز ف اللي معاك وبس

هتف بدهشة: إيه ؟؟ بعد اللي عملوه أسيبهم كدا ؟؟ .. طب ما غيرهم هيعمل زيهم لما يلاقونا سبناهم

فواز بصرامه شديدة: أنت تنفذ من سكات .. إحنا أدرى بمصلحة الشغل

-بس ..

أشار له بكفه أن يصمت بينما أخرج بيده الأخرى حزمة من الأموال وألقاها إليه، أمسك به مسرعاً كالكلب الذي رمى له صاحبه بالعظمه المفضلة لديه.

أمره فواز: ركز ف شغلك وبس .. وياريت كفايه أخطاء لحد هنا .. إتنين هربوا وواحدة ماتت .. والأخيرة وديناها ف مكان تاني قبل ما يحصلها حاجه هي كمان .. ركز مع البنات الباقيين وسيبكوا م اللي هربوا .. ورانا أهم من التفاهات اللي بتجري وراها دي

كان ذلك تنبيه إلى نهاية اللقاء فغادر المكتب واعداً بالطاعة ومع ذلك أضمر بداخله أنه لن يترك حياه خصوصاً وأنه سينتقم منها يوماً ما على عصيانه وتشجيع أخرى على فعل ذلك.

رزقت الحلال حيث تعيش القصص. اكتشف الآن