اندمجت نجلاء بشدة مع الفتيات ذات البشرة القمحية نتجة شمس سوهاج الشديدة، كان أغلبهن قريبات إلى القلب يتملكهن الخجل بسهولة، أرتدى الجميع الجلباب الفلاحي كطقس من طقوس الحناء .. هكذا طلبت حياه من زهرة لتشيعه بينهن .. فلا تخجل فتاة لا تملك ثياباً تليق بالمناسبة من المجئ .. فرحت زهرة بشقيقتها وتفكيرها في مشاعر الأخرين ولبت طلبها عن طيب خاطر.تفاوتت الألوان فيما تشابهت شكل الملابس، سعدت نجلاء بهذا الجلباب كثيراً فلأول مرة ترتدي مثله في حياتها .. كان باللون الأزرق تتناثر فيه زهرات صغيرة مختلفة الألوان وحجابها كان بلون واحدة من تلك الأزهار.
هتفت نجلاء بسعادة: حلو الفستان دا أووي
ضحكت عليها حياه وزهرة فيما تبسمت سمية وشاع الغمز واللمز بين بقية الفتيات، علقت حياه ضاحكة: اسمها جلابيه مش فستان .. أدي أخرت المدارس الأفرنجي
نظرت لها نجلاء بعدم فهم: يعني إيه أفرنجي دي يا حياه ؟
حدقت بها حياه غير مصدقة بينما اقتربت منها زهرة ووضحت بهدوء: يعني أجنبي
أومأت متفهمة وقد سعدت بالحياة الجديدة التي لم تراها سوى في الأفلام وعبر شاشات التلفاز.
بدأت إحدى الفتيات تغني بصوتها العذب والبقية يصفقن مندمجين مع الكلمات، حتى نهضت إحداهن وربطت إحدى الشالات حول خصرها وبدأت في الرقص فعلىَ ضجيج التشجيع.
***
ارتمى أنس على سريره حابساً دمعة حزن من النزول، لقد أنهى كل شئ مع من أحبها وتعلق بها، هو من أصلح علاقتها مع والدتها التي نصحته حياه بالإبتعاد عنها فهو أحد أسباب تأثر علاقتها مع أبناءها .. مما أشعره بالذنب وجعله يبحث عن أبناءها يتحدث إليهم ويوضح شدة حبها لهم وتعلقها بهم .. تأثرت ابنتها بحديثه فأعادت علاقتها مع والدتها بينما الأخرين استمعوا له ثم تجاهلوه .. لكن علاقته بتلك الفتاة توطدت حتى تحولت حباً لكن حديث حمزه أثر به وقرر أن يحافظ عليها فما بقي إلا عدة أيام على ظهور النتيجة من بعدها سيدخل في الثانوية العامة ليأتي بمجموع كبير يمكنه من دخول كلية الهندسة كما تمنى ثم وقتها يفكر في الإرتباط أو الزواج .. أما الآن فأي شئ يفعله لا يسمى إلا بـ "لعب عيال" كما يسميه البعض.
انقلب على جانبه الأيمن وغطى رأسه بالوسادة ليمنع ضجيج الطابق السفلي من الوصول إلى مسامعه حتى ذهب في سبات عميق، راضياً بقسمته مهما كانت.
***
أتى يوم العرس على الجميع بالنشاط والحركة، محمود وفادي يقفان ويتابعان وضع الطاولات والمقاعد كذلك المنصة المخصصة للعروسين فقد قررت حياه أن يكون العرس في المنزل، بينما سمية تشرف على الطعام وتجهيزه.
حياه مع زهرة ونجلاء يعدانها لليوم المنتظر فيما انشغلت عائشة بطفليها التؤام فكادت تفقد عقلها من بكائهما المتواصل دون توقف.
جلس حمزه يحلق له مُسعد ذقنه في حين يمازحه هو وأنس وكذلك عصام شقيق حياه الذي عاد فجراً من سفره بلا نية في العودة.
نظر حمزه من طرف عينه إلى مُسعد: المُنشد وصل ولا لسه ؟
سأل مُسعد مستفسراً: هي الساعة كام دلوقتي ؟
أجابه أنس بعد نظر في ساعة معصمه: الساعة واحده
فرد مُسعد على سؤال حمزه: يبقى لسه ماجاش .. هو قال جاي الساعة تلاته
انفعل حمزه بشدة: إزاي لسه ماجاش؟ .. هو مش عارف إننا هنبدأ الساعة خمسه ؟؟
نظر له عصام متعجباً: أنا أصلاً أول مرة أشوف ناس تتجوز ف النهار .. ماله الليل مش فاهم أنا
أجابه أنس: أصلهم حاجزين تذكرة في القطر الساعة تسعة .. عشان هيروحوا الأقصر وأسوان يقضوا شهر العسل ههههههه
اهتزت يد مُسعد وكاد يجرح حمزه الذي صرخ به: يا ابني ركز، هتشلفطني وأنا فرحي بعد كام ساعة !
مُسعد متأسفاً: معلش بس اتصدمت .. أقصر وأسوان إيه اللي هتروحها في الصيف دي يا باشمهندس ؟؟ .. أنت مستغني عن عمرك ولا إيه ؟؟ دا إحنا هنا ومفرهضين .. أومال هناك بقى ؟؟ ..
ضحك أنس معلقاً: هيبقوا زي اللي راحوا خط الاستواء الساعة 12 الضهر هههههههه
شاركه الجميع الضحك إلا حمزه الذي استبد به الغضب: أعملها إيه ؟ .. هي نفسها تروح هناك وتقضي شهر العسل فيها !
عصام مفكراً: يمكن عشان بابا وماما قضوا شهر عسلهم هناك .. بس دول راحوا ف الشتا مش ف عز الحر يا مجانين هههههه
دفع حمزه بيد مُسعد بعيداً: يا ابني فتح هتعورني .. روح شوف المُنشد دا جه ولا لسه .. أنا مش فاهم لزمته إيه أصلاً .. ما دام مش عايزه أغاني كنا شغلنا كام شريط وخلصنا لازم مُنشد يعني ؟؟
وضع مُسعد كفه على كتف صديقه مقهقهاً: ولا الدعوة .. يا خبرررر.. أنا ماصدقتش عيني لما قريت اللي فيها
لوى حمزه شفتيه: عشان كدا ما خلتنيش أشوفها وراحت وزعتها هي ونجلاء .. وأنا اللي كنت فاكرها دعوة زي الدعاوي بتاعت الأفراح .. إلا لازمتحط التاتش بتاعها
غمزه عصام عبر المرآة: بس ما تنكرش إنه تاتش جامد .. أنا لحد دلوقتي محتار إزاي أختارت الكلام وعرضته بالشكل دا .. ماحدش يقدر يمسك عليها غلطة
دفعهم العريس عن طريقه: طب أوعوا بقى خلوني أخد شاور عشان ألحق أجهز وأبص ع السريع على الحاجه .. واستقبل الناس
ضحك مُسعد وذكره مغيظاً: الله يرحم أيام ما كنت بتقعد أسبوعين من غير حموم ويوم ما تلاقي كوباية مايه كنت بتوفرها لتاني يوم تشربها لو المايه قطعت
قذفه حمزه بالحذاء ورفع أحد حاجبيه محذراً وهو يحرك سبابته في وجهه: اتجنبني يا مُسعد أنا مش ناقصك الساعة دي
غرق الجميع في الضحك لكنهم أبوا إثارته أكثر حتى لا يرتكب ما لا تُحمد عقباه في غمرة التوتر وإنشداد الأعصاب كأوتار العود.
أنت تقرأ
رزقت الحلال
Romantizm👈للكاتبة: سارة محمد سيف👉 👈إلى كل من رأى أن خطأه لا يغتفر😢 😧وأنه ما عاد هناك طريق للعودة😥 ✔فلتعلم .. 🚪أن أبواب التوبة دائماً مفتوحة على مصرعيها 🕛لا تقفل ساعة أو تستريح حيناً💤 💡فإذا أدركت خطأك وأين مربطه .. 💪قاومه .. عالج داءك بيدك وقوتك ال...