رزقت الحلال {الحلقة 27}

7.2K 263 2
                                    

قلبت نظراتها بين المرضى، فواحدة لم تتعدى عشرين ربيعاً تبكي بقهر وتشكو لمن تبدو أنها والدتها: ليه ما خلتنيش أجيب جنى معايا يا ماما

-معلش يا بنتي .. بس عيلة عندها 3 سنين هتيجي تعمل إيه هنا؟

زاد بكاء الفتاة: عايزة أشبع منها وما أسبهاش لحظة .. يا عالم هأقدر أروح ولا ...

جذبت الأم ابنتها إلى أحضانها باكية مقهورة: إن شاء الله خير وترجعي لبنتك بصحة وعافية

اقتلعت نظراتها من متابعتهما عندما شعرت بيد تربت على كفها المرتعش فوق حقيبتها، كانت امرأة في الخمسين من عمرها تبتسم مواسية: إن شاء الله هتخلصي منه بسرعة .. ما تخافيش

أومأت في صمت فعادت المرأة تتحدث: باين عليكي من نظراتك، بصي حواليكي واحمدي ربنا كلنا جالنا اللي ما يتسمى دا .. بس كل واحدة وظروفها .. ربنا يشفيكي يا حبيبتي

تدخلت حياه في الحوار: طب وحضرتك هنا من إمتى ؟؟

ارتسمت إبتسامة واهية تكاد لا تلحظ: بقالي سنة ونص

عضت نجلاء على شفتيها بفزع لاحظته المرأة: ما تخافيش أوي كدا .. إن شاء الله إنتي مش هتطولي كل دا

شرعت في قص حكايتها عليهم: أنا مصرية بس عايشة في اليمن، جيت هنا عشان العلاج .. وبقالي سنة ونص لا شوفت ولادي ولا روحت اليمن

بينما نجلاء مازالت لم تستوعب الصدمة دار الحديث بين السيدة وحياه: طب وجوز حضرتك فين؟

ظهر الأسى على ملامحها: متوفي من خمس سنين

-هو لو مافيهاش إزعاج الكانسر فين؟

- في الرئة

-ربنا يشفيكي

-تسلمي يا حبيبتي

ثم أضافت موجهة الحديث لنجلاء: ويشفيكي إنتي كمان يا بنتي

خرج الرجل من غرفة العلاج برفقة الممرض، حان الدور على نجلاء، دخلت تتبع تعليمات الممرضة، لقد جاءت من قبل ليخبرها الطبيب بما عليها فعله، فبعد أن يتحدث إليها قليلاً تتجه إلى العلاج مع الممرضة التي تعرف ماذا تفعل جيداً ثم تعود للحديث معه مرة أخرى .. انتظرتها حياه في الخارج تحاول التخفيف عن تلك الفتاة اليافعة وتتسامر مع المرأة الخمسينية.

حاولت أن تتمالك نفسها بعد أن ثبتت الممرضة الكانيولا في وريد يدها اليسرى، اندفع الكيماوي ليختلط مع دماءها وينتشر في جميع أجزاء جسدها، كتمت تأوهات كادت تهز العيادة بأكملها، شعرت بأن النار قد اضرمت في ذراعها لتنتشر في جسدها، حدثتها الممرضة في أي شئ وكل شئ لتشتت إنتباهها .. فما زال الطريق أمامها طويلاً.

بعد انتهاء الجلسة رافقتها حياه إلى حجرة الطبيب الذي نظر إلى نجلاء متبسماً: إزيك يا مدام نجلاء دلوقتي ؟؟

رزقت الحلال حيث تعيش القصص. اكتشف الآن