رزقت الحلال {الحلقة 30}

7.4K 274 2
                                    


مرت حنان على منزل سمية بحجة أن حياه أوصتها بالإطمئنان عليها كل حين، تأملت أن تُحل ظنونها إما بالإيجاب أو بالسلب حتى لا تبقى معلقة بأمل واهٍ.

استقبلتها سمية بترحاب وجلست برفقتها تتناول القهوة الساخنة، أتت مي مي وجلست أمامهما تلعب، شعرت حنان بسعادة لا توصف لرؤيتها من جديد.

فتحت الحديث مع سمية: ما شاء الله ربنا يخليهالك، هي عندها كام سنة؟

ابتسمت: داخله في الـ 9 سنين

زادت الأمال لدى حنان فهي في نفس عمر ابنتها إن ما كانت معها الآن: بس مش واخده شبه منك أو من حد فيكوا خالص سبحان الله

ارتبكت سمية ووضعت فنجانها على الطاولة قائلة بغموض: أه .. خلقة ربنا بقى نعمل إيه

-ونعم بالله

أثار رد فعل سمية الريبة داخل حنان لكنها لم تستخدم الضغط حتى لا تكره السيدة قدومها، وبعد تناولها للقهوة ذهبت تلعب مع مي مي قليلاً قبل أن يحين وقت انصرافها.

***

انفردا أخيراً بغرفتها، سألته بلهفة عن سر حديثه الطويل مع والدها الذي استمر أكثر من ساعتين لكنه لم يجبها ووضع الحقيبة على الفراش يتأمل الغرفة بدقة قبل أن يتمتم:

-دي أوضة بنت

أجابته بفروغ صبر: أومال حضرتك شايفني إيه ؟

قال ببرود وتمهل أثار أعصابها: أنا لما أختك قالت هنقعد في أوضتك افتكرت إني هلاقي بدل الورد دا صبار .. السجادة الرقيقة دي بدلها شوك .. لون الأوضة رمادي غامق أو أسود .. مش وردي

تمتمت بحنق: ليه داخل قبر ولا شايفني خارجة من فيلم مصاصين الدماء ؟؟ .. سيبك من الأوضة وركز معايا، بابا كان عايزك ف إيه؟؟

تلكأ وقال متجاهلاً حديثها: بس أوضة لطيفة

وقفت أمامه غاضبة وهي تحوقل: يا ابني أنت ليه مُصر تستفزني؟؟!

جلس على فراشها سانداً جسده على مرفقيه: كيفي كدا

تنهدت وسألته: بجد يا حمزه، قولي بابا كان عايزك ف إيه ؟

اعتدل في جلسته وأسند ساعديه على ركبتيه قائلاً بجدية: كان عايز يعرف حكايتي معاكي إيه وإيه اللي خلانا نتجوز وعرفتك منين

بتوجس: وقولتله إيه ؟؟

تنهد: هأحكيلك عشان لما يسألك تقولي نفس الكلام بالظبط ... قولتله إنك فعلاً روحتي مصر مع شادي بس إنتي ماكنتيش بتهربي معاه هو بس وصلك القاهرة مش أكتر .. وأنك عملتي كدا بس عشان أخدتيها تحدي

أضاف بسخرية: وطبعاً بما أنه عارف دماغك فصدقني لما قولتله كدا

عاد إلى جديته مكملاً: وأنك كنتي مقررة تقعدي عند واحدة صحبتك يومين بس لكن هي احتاجتك معاها عشان جدتها تعبانه .. وحاولتي تكلميهم تقوليلهم بس أخوكي قفل في وشك السكة قبل ما تكملي كلامك .. بعدين حكيتله اللي حصل فعلاً وأنك اشتغلتي في المدرسة خوفاً من أنهم يطردوكي لو رجعتي وبعدين جيتي تدرسي لمي مي وأنا عرفتك وحبيتك وقررت أتجوزك

لما كلمة "حبيتك" هي التي استوقفت قلبها لحظة ليستوبعها دون باقِ الكلام، إنه في شوق لسماعها حقاً ولكن عندما يبادله القلب شعوره وليس لإقناع والد بمصالحة ابنته، تخطت هذا وسألته: وهو اقتنع؟

أومأ: أيوه .. بس مش أوي .. عشان كدا عايزنا نقعد هنا أسبوع عقبال ما يتأكد من كلامي

مصدومة: هو قالك كدا ؟

تنهد فاركاً كفيه: لا طبعاً، هو قالي بالحرف "هتنورونا هنا أسبوع .. هتتشالوا فيه فوق الراس عشان الغيبة الطويلة دي والبنت وحشت أخواتها" .. بس أكيد قصده يقولي لحد ما أسأل عليك وأعرف إذا كنت كويس ولا لأ واللي قولته حقيقة ولا كدب

-بس كدا ؟

-أديته اسمي كامل والعنوان عشان لو حب يسأل عني .. هو ما علقش بس حسيته ارتاح لما عملت كدا لأني لولا واثق من نفسي كويس ماكنتش اتجرأت كدا ع الأقل كنت هأستنى لم يطلب هو مني

فرك وجهه بعنف: ممكن أنام بقى عشان حيلي اتهد ولا إيه ؟؟

هزت كتفيها بلا مبالاة وغادرت الغرفة ليبدل ملابسه على مهل واتجهت إلى زهرة تلقي في جعبتها ما حدث كاملاً، كذلك مشاعرها التي تنمو يوماً بعد يوم نحو حمزه.

رزقت الحلال حيث تعيش القصص. اكتشف الآن