جلست قرفصاء على سجادة الصلاة بعد إنتهاءها من صلاة الفجر تحمل بين يديها كتاب الله تتلو آياته بصوت ترهف له القلوب، مظهرة روعة كلماته التي تجعل القلب يدق إما شوقاً لذلك النعيم المذكور والوصف البديع لجنة الصابرين المتقين أو رهبة وخوفاً من عذاب النار.
ظلت على هذا الوضع حتى أشرقت الشمس، أغلقت مصحفها مصدقه ونهضت تؤدي ركعتي الشروق.
بعد تسلميها رفعت يديها ابتهالاً لربها تقول بقلب خاشع ونفس مكلومة ولكنها راضية: يا رب، يا رب، أنا عارفه أنه كل اللي بيحصل معايا دا قدري ومشيئتك وأنا ما اعترضتش ولا هاعترض ف يوم، أنا عارفه أنه "لو علمتم الغيب لأخترتم الواقع"، كل حاجه بتحصلنا مكتوبة ودا قدرنا، كل حاجه بسبب ولسبب، يا رب أنا على طول باترجاك ترجعلي بنتي، بنتي اللي ما شوفتهاش من خمس سنين، اللي مش عارفه ليها مكان ولا عارفه عنها حال، بس أنا متأكده إنك مش ناسيني ولا ناسيها، يا رب أحميها وأحفظها، وقفلها ولاد الحلال وأبعد عنها ولاد الحرام، خليها تكون قريبة منك تحكيلك وتفضفضلك، احفظها من كل سوء وكل شر.
توقفت أخر كلماتها على طرف لسانها فقد لجمتها عن الخروج تلك الدموع اللؤلؤية التي بدأت في الهطول؛ ليس اعتراضاً ولكن حزناً لذكرى ما حدث منذ خمس سنوات عندما فقدت ابنتها.
دار مقبض الباب ليسمح بدخول سيدة قد بلغ منها الكبر عتياً وترك الزمن بمشاكله ومصاعبه أثره على ملامح وجهها ليخفي شبابها الذي كان في يوم من الأيام وترك محله تجاعيد وحزن تشفق عليه النفوس.
-بتعيطي ليه بس يا حنان ؟
مسحت حنان دموعه ورسمت بسمة على ثغرها: مافيش يا تيته، تحبي تفطري جبنة قريش لوحدها ولا أحطلك عليها زعتر زي كل يوم ؟
تابعت ناهضة تطوي سجادة الصلاة: ما تنسيش تاخدي الدوا بتاعك عقبال ما أجهز الفطار.
تنهدت الجدة وهي ترى حفيدتها تتجه إلى المطبخ، برغم ما حدث وما يحدث معها ما تزال كما هي، لم تقهرها الدنيا ولم تُركعها صدمات الحياة، وما يدل ذلك إلا على حسن تربية ابنتها الحبيبة لتلك الفتاة.
تلاشت ابتسامتها التي ظهرت عند تذكرها لابنتها المتوفاة، لقد ظنت أنها وحيدة وقت وفاة ابنتها قبل سبعة عشر عاماً شعرت وقتها بالقهر والحزن، اعتقدت لفترة أنها اغضبت الله في شيء ما، اقترفت ما تسبب بحرمانها من ابنتها الوحيدة، لكنها فجأه أدركت أن الله لم يتركها وحدها تعافر في هذه الحياة بل مد عمرها لتبقى سنداً لحفيدتها حنان.
كانت حنان في المرحلة الثانوية عندما فقدت والديها معاً في حادث غرق العبارة أثناء عودتهما من العمرة، قبلها رفضت حنان أن يؤجل والداها تلك الفريضة من أجل امتحانات الثانوية العامة التي تصادفت أن تكون في نفس الموعد، ظلت تحوم وتدور خلفهما تحاول اقناعهما حتى اقتنعا بالنهاية ورضيا بما شاءت، رفض الطبيب سفر الجدة لأي سبب فجاء ذلك راحة لوالدة حنان "فاتن"، فسوف يكون هناك من يهتم بحنان خلال سفرها.
![](https://img.wattpad.com/cover/123201803-288-k827756.jpg)
أنت تقرأ
رزقت الحلال
Romansa👈للكاتبة: سارة محمد سيف👉 👈إلى كل من رأى أن خطأه لا يغتفر😢 😧وأنه ما عاد هناك طريق للعودة😥 ✔فلتعلم .. 🚪أن أبواب التوبة دائماً مفتوحة على مصرعيها 🕛لا تقفل ساعة أو تستريح حيناً💤 💡فإذا أدركت خطأك وأين مربطه .. 💪قاومه .. عالج داءك بيدك وقوتك ال...