رزقت الحلال {الحلقة الاخيرة}

13.5K 474 52
                                    

لقد تم حجزه في العناية المركزة لدخوله في غيبوبة امتدت يومان، أفاق طالباً من الممرضة ألا تخبر أحداً باستيقاظه وأعطاها رقم رامز حتى تهاتفه ليأتي إليه فوراً وذلك بالطبع مقابل مبلغاً من المال.

أتى رامز يُلبي نداءه بسرعة، اتفقا على أن يُشاع نبأ وفاته فلقد أتت أخبار مؤكدة ببدأ الشك فيه وأن الشرطة قاربت على كشفه وسيقضي ما بقى له من عمر في غياهب السجون.

سقط في الغيبوبة مجدداً فلم يستطع رامز فعل شئ سوى إنتظار إفاقته مرة أخرى، أفاق بعدها بحوالي عشرة أيام، أعطى مبلغاً لا يُستهان به إلى الممرضة لتصرف جميع من يربضون أمام بابه وتخبرهم في الصباح خبر وفاته، أحضر رامز جسد رجل يشبهه في العمر والبنية العامة بعد أن نقد أهله الأموال الكافية لإغلاق أفواههم، نُقل إلى مستشفى في السويس بواسطة عربة الإسعاف فيما عائلته تبكي منكوبة لفقدانه بسبب شخص لا يساوي شيئاً.

ظل في المشفى حتى قبل أسبوعين فقط، وأثناء غيبوبته قام رامز بدفع بعض الرجال لقتل شادي الذي أصابه طلق ناري نتيجة دفاع الغفير في منزل فاروق عن الموجودين .. يعلم أن شادي ذاك قد رأى وجهه قبلاً، ولمح نظرت الدهشة والذعر ممزوجتين داخل مآقيه فكان الحل الأسلم هو موته ليُبقي هو على حياته وحريته، لقد حاول التخلص منه بإبلاغ الشرطة عنه وعن مقر الدعارة الذي يديره لكنه استطاع النجاة، فبدلاً من الإكتفاء بحبسه أصر على الموت ولفظ أنفاسه الأخيرة.

لقد أتجه إلى هذا الطريق ليوفر لزوجته المعيشة التي تليق بها، لكنها أبداً لم تكن لتتفهم ذلك فهي ستقبل أقل مستويات العيش مادام من مشاريع مُباحة وأموال مشروعة.

كان ما يقلقه دائماً هو تخيله لرد فعلها إذا علمت بوجهه الأخر، أُضيف إليها حفيده الصغير الذي أسموه تيمناً به، سخر من ذاته مفكراً .. إذا اكتشفوا بقاءه على قيد الحياة وخداعهم كل تلك السنوات سيصرون على إبقاء الصغير يحمل اسمه؟

أحمد الصغير .. حفيده، يجب أن يبتعد عن الأعين وألا يتم القبض عليه ليراه يكبر حتى توافيه المنية، أكثر ما يجعله متمسكاً بحريته وحياته الهاربة هذه هو ذاك الطفل .. قطع عهداً على نفسه أن يذهب ويراه في أقرب فرصة تُتاح له.

تزمرت نيفين من تجاهله لها، لكنها تدرك أيضاً أنه إذا غرق بأفكاره إلى تلك الدرجة فهذا لا يعني إلا أنه لن يفيق لنفسه أو لمن حوله إلا بعد مرور مدة طويلة ليس لها مدى فانسحبت من الغرفة بهدوء.

***

جلست تأخذ أنفاسها في راحة فقد تعبت حتى جعلت أحمد يستسلم للنوم، سحبت دفترها وقلمها من الدرج المجاور ومدت ساقيها على الفراش، لقد عقدت النية على كتابة أجمل اللحظات التي جمعتها مع زوجها حتى تكون شفيعاً له لديها وقت الخلاف.

لم تكن قد خطت فيه حرفاً زائداً عما قرأه حمزه قبل مدة دون علمها، أمسكت قلمها متنهدة تريد أن تكتب القليل قبل أن يعاود أحمد الاستيقاظ أو يقبل حمزه مطالباً بحصته من الطعام وخلافه من المتطلبات.

رزقت الحلال حيث تعيش القصص. اكتشف الآن