رزقت الحلال {البارت 23}

6.9K 244 7
                                    


جلس مُسعد في الكرسي المقابل لصديقه أمام النيل .. طلبه حمزه قائلاً أنه بحاجه إليه فترك ما بيده وأتى إليه راكضاً فليس من عادته استخدام تلك الكلمة كما أن صوته لا يشي بالخير لكن منذ ذلك الحين وهما يجلسان أمام بعضهما.

زفر مُسعد: يا ابني أنت جايبني هنا عشان نلعب تماثيل إسكندرية ؟ .. ما تنطق في إيه ؟

لم يرد ومرت دقائق أخرى من الصمت فقد فيهم الأمل بأن يتلقى جواباً على سؤاله لكن حمزه تحدث قائلاً بشرود: مش عارف أخد قرار

ضرب ظهر يده بكفه الأخر ثم مسح على وجهه طالباً الصبر من الله: فهمت إيه أنا كدا بالصلاة ع النبي ؟؟

هم حمزه أن يفرغ ما في جعبته لكن قطعهما رنين الهاتف المتواصل .. لمح مُسعد بطرف عينه اسم المتصل بهتف مندهشاً: الشعنونه ؟؟

ظل حمزه ينظر إلى الهاتف متردداً في الإجابة، حثه مُسعد على الرد كاتماً ضحكته فمن تردد صديقه توقع أن تكون تلك الـ "شعنونه" هي سبب حيرته وشروده.

أول ما التقطته أذنه كان صوت نحيب مما أشعل القلق في قلبه، همس: حياه ؟

جاءته همهمت أحد يريد الحديث لكن الكلمات لا تطاوعه، أحباله الصوتية تلجم الكلمات وتمنعها من النفاذ عبر الحنجرة، سمع صرخة وشخص يتحدث بصوت عالي مهدداً، تساءل بعصبية: حياه !!

أته صوت طفلة يقول بحروف متقطعة: ألحـ قــ نا يا .. أبيــه حمزه .. في ناس .. اتنين رجاله .. ماسكين ميس .. حياه وبيضــ ربوها !

لم ينتظر حتى يسمع أكثر من هذا، أمسك مُسعد من ذراعه يُنهضه معه دون أن يفهم الأخر أي شيء كل ما فعله هو التشبث بمقعده المجاور لحمزه الذي يقود بسرعة جنونية تكاد ترسلهما إلى حتفهما.

***

حاولت الفكاك من بين قبضته لكنه صفعها حتى سمع صراخها قائلاً بتلذذ شيطاني: أيوه سمعيني صريخك .. إنتي لسه ما شوفتيش حاجه من اللي هأعمله فيكي !

سألته متحاملة على ألمها: أنت عايز مني إيه ؟؟ .. شادي أنا ما بلغتش عنك ولا قولت حاجه أنا عايزه أعيش حياتي وبس !

أمسك شعرها عبر حجابها صارخاً في وجهها: إنتي مالكيش حياة بعيد عني إنتي فاهمة ؟؟ حياتك معايا وبين إيدي أنا وبس

ردت بتحدي لا يتناسب مع وضعها: لا .. حياتي وحياتك ف إيد ربنا .. أنت ما بتخافش من ربنا ؟!

يبدو أن عقلها توقف عن العمل فكيف يهاب الله وهو يفعل ذلك في الفتيات ممزقاً أعراض النساء .. ليس من المعقول أن يكون قواداً وفي ذات الوقت يخشى سخط الله.

ضحك ضحكة أفزعتها: ربنا ؟؟ .. سبنالك إنتي الخوف منه يا ستنا الشيخة

لمح مرافقه الطفلة وهي تحاول الإختباء وفي ذات الوقت لا تحرك عينيها عن حياه فهي التي تهبها القوة والإحساس بالأمان.

رزقت الحلال حيث تعيش القصص. اكتشف الآن