رزقت الحلال {الحلقة 25}

7K 265 1
                                    


توقف الزمن أمام عينيها، تشعر الآن بحال من أماته الله مئة عام ثم أحياه ليجد الحياة تسير من حوله وهو لم يشعر بما حدث، أصبحت تجلس الآن أمام المأذون يعقد قرانها على حمزه بعد أن تولى والده أحمد أمرها وأصبح هو وكيلها، شردت تتذكر سبب ما هي تعيشه الآن .. إنه ما حدث قبل يومان.

لم تصدق أذنيها .. لقد طلب منها الزواج حقاً لكن بطريقة ملتويه، انسحبت الجدة تتعكز على حفيدتها مشيرة لها بضرورة الإنسحاب .. يجب عليهما الجلوس بمفردهما جلسة تملؤها الصراحة والحديث الحر المنفرد.

جلس حمزه وأشار لها بالجلوس، جلست مسلوبة الإرادة غير مصدقة أن من أدركت مؤخراً حبها له تناسى استياءه منها وطلب الزواج بها، لكنها أفاقت على كلماته التي لا تحمل أي لمحة من الرومانسية أو الحب .. فقط نبرة جدية لا غير.

- إنتي عايزه تروحي لأهلك مش كدا ؟

هزت رأسها كتائهة في صحراء جدباء، لما فتح هذا الموضوع وما علاقته بما قال، أجابتها كلماته القادمة لكنها جرحت أنوثتها و .. قلبها.

- لو رجعتي دلوقتي أهلك مش هيسكتوا .. ويمكن أخوكي ينفذ تهديده، لكن لو رجعتي متجوزة ماحدش هيكلمك .. ع الأقل هتلاقي حد تتحامي فيه، وتقدري تقفي قدام عيلتك أقوى من كدا

سألته مبهوتة: وأنت عشان كدا عايز تتجوزني ؟

حمزه ببرود: عشان دا ف مصلحتي ومصلحتك

ضيقت جفنيها قائلة ببطء: مصلحتي وعرفناها .. إنما مصلحتك أنت إيه ؟

- ماما زي ما إنتي عارفه نفسها تجوزني إنهارده قبل بكره .. بكدا هأقدر أريحها، كمان مي مي مضايقه جداً من ساعة ما رجعتيها وما بقتش تشوفك

نظرت له بشك غير مقتنعة بمبرراته: دي مش مبررات كفايه

أضافت بتروي: أنا سألتك مصلحتك أنت إيه .. مش مصلحة غيرك !

صمت قليلاً قبل أن يصارحها: كنت معجب بواحدة واتخطبنا .. لكن بعد كدا اتعرفت على واحد جاهز ومعاه فلوس أكتر فسابتني واختارته

أضاف بعد صمت أخر: دلوقتي أطلقت وعايزنا نرجع لبعض تاني .. متوهمة إني لسه بأحبها وإني عايزها وبأفكر فيها .. جوازي هيثبتلها إني طلعتها من دماغي وفي نفس الوقت تبعد عني

أحست أن كل حرف نطقت به حنجرته كأشواك تغرس داخل قلبها تُدميه حتى الموت، أخذت نفساً عميقاً تُرجع به دمعاتها حتى لا تهطل أمامه: أنا مش موافقة على عرضك دا يا باشمهندس حمزه

طعنته في كبريائه كما في رجولته، رفضت عرضاً كان يعتقد أنها ستطير فرحاً لسماعه، رد بكل تعقل بقى لديه: عايزه تزوري والدك المريض .. هتزوريه لوحدك وتفتحي جروحه وكمان مش بعيد تخسري حياتك .. كدا أحسن ولا ..

صمت ليعطي لكلماته التأثير المرجو، هو يعلم موضع كلماته وطريقة نطقها بنبرة معينة، نطق أخيراً متأكداً من ترقبها: ولا تروحي مع جوزك .. معززه مكرمه .. تمشي في وسط البلد وراسك مرفوعه على عكس ما تروحي لوحدك .. أكيد والدك مهما كان يعني هيبقى همه إنه يطمن عليكي وإنه في حد معاكي بيحافظ عليكي ويصونك عشان لو جراله حاجه لا قدر الله .. أظن هو رفض الأولاني دا عشان كان شاكك ف إنه مش قد المسئولية ومش هيطمن عليكي معاه

رزقت الحلال حيث تعيش القصص. اكتشف الآن