استمر غناؤها يتردد في كل ليلة في أنحاء الشاطئ
غناء حزين كالبكاء، حتى بات أهل القرية يتسائلون فيما بينهم عن سبب حزن آريس..بل إن بعضهم حاول الاقتراب منها لإمساكها بسبب اقترابها من الشاطئ، فلا أحد يستطيع مقاومة نفسه عندما يتعلق الأمر بحورية، ولكن دون جدوى كالعادة، فالبحر مملكتها وحصنها لا يعرف أسراره أحد بقدرها..
وبعضهم قصد جبرا بحكم شغفه المعروف بملاحقتها حتى يسألونه عن سبب غنائها الحزين، ولكن جبر نفسه لم يكن يدرك حقيقة الأمر..كان يتمنى فقط في نفسه أن تكون حورية عشقت جبرا كما عشقها هو، ولكنه يدرك أن الحوريات لا يعشقن أحدا أبدا..
أو هكذا يشاع٬ كما تمنى جبر أن لا تكون هذه المعلومة عن الحوريات إشاعه، فهن لديهن قلوب، وكل من لديه قلب لا بد أن يحب، فلعل قلب آريس اشتاق له، لعله تعلق وأحب!..
قرر جبر في صباح يوم تبددت فيه الغيوم قليلا أن يقطع عزلته ويذهب للمطعم الذي يجتمع فيه رجال القرية قاصدا العم جوسيا..
ما إن فتح باب بيته حتى اصطدم " بمارلين " فتاة بسيطة تجمع شعرها بجديلة بنية تلقيها على كتفها الأيسر، يعلو النمش أنفها مع حمرة تشوب بياض وجهها بعينين شديدة الخضرة، كان جمالها ناعما طفوليا، كانت تلاحق جبرا من نافذتها في كل ما يفعله، فقد كانت تحبه منذ طفولتها إذ يكبرها بعشر سنين، وكبرت وأصبح حبها عشقا ولكن جبرا لم يعلم بهذا كله، كان يراها دائما تلك الطفلة المرحة التي كان يصنع لها السفن الورقية لتلهو بها مع أقرانها ..قررت اليوم أن تصنع له طبقا مميزا من الأسماك والأعشاب والأرز ، ولكنه تناثر عند اصطدامه بها، اعتذر منها مرتبكا، واغلق باب منزله ومضى، فعندما تسيطر فكرة ما على رأس جبر فإنه لا يدرك ماذا يفعل لأنه يرى حينها بقلبه، ولا يدرك ما تقع عليه عينيه..
أحست مارلين بحزن بالغ على إهمال جبر لها وكأن طعنة وجهت لقلبها، ولعنت تلك الحورية آريس مئة مرة بسبب اهتمامه بها ، دائما ما كانت تقول لوالدتها بأنها لعنة حلت على هذه المدينة، ويجب على البحارة التخلص منها، لكن والدتها لم تكن تعر اهتماما لما تقوله، فقد كانت تعتبرها جميلة، تحب اقتناص فرصة النظر إليها إن ظهرت ، ولكن لا تحب أن تسمع هذا الكلام من زوجها السيد "فيليب ذي الرقعة "، يقال أن حورية ضربته بذيلها الحاد أثناء محاولته الإمساك بها فذهبت بعينه، لا أحد يعلم القصة الحقيقية إلا البحارة القدماء..
فكره الحوريات منذ ذلك الوقت ولكنه كان يغيظ زوجته بين الفينة والأخرى بالحديث عن جمالهن،
فكانت تعايره بدورها بتلك الضربة على وجهه..
وحتى أن جبر نفسه كان يتحاشى الحديث عن الحوريات في حضرته حتى لا يشير لتلك الحادثة ..فتعتقد مارلين أحيانا بأنه نسي آريس والإمساك بأريس وجمال آريس...الخ...الخ.. الخ، ممن لا يمضي يوم إلا وتسمعه يتحدث بها، فيصيبها أمل بارد بأنه قد ينجذب إليها يوما من الأيام، ولكن محاولاتها اللاتي لم يلحظها يوما، تبوء دائما بالفشل..
انطلق بهمة عالية، فقد يجد شيئا ما بالمكتبة المثبتة على الناحية الأخرى من الجدار داخل المطعم، التي تجتمع بها خرائط كثيرة للبحر وكتب بخط اليد للبحارة القدماء والبحارة الحديثين وغيرها، التي قام السيد "جوسيا" بجمعها منذ مدة طويلة من الزمن، لعله إن ازداد اطّلاعا عرف أساليب جديدة تمكنه من الإمساك بها، لحين أن يستطيع الإبحار مرة أخرى بعد أن يهدأ البحر ..
يتبــــــــْع
تصويتكم 💛 وآراؤكم 🌸
أنت تقرأ
آريس الحورية الهاربة
Fantasyدائما ما كان يحدث نفسه بها إنها شغفه كانت ولم تزل حتى إذا اعتادت مطاردته لها شعرت بالحنين وما بينه وبين البحر احتارت حتى اختارت العودة للهروب ولكنها ارتبطت في الغربة بشيء من نوع آخر فهل تعود؟