أرض الجحيم ( نبوءات الخلاص3)

718 57 17
                                    

بالرغم من رقّة أشعّة الشمس ، ونعومة الإحساس بأشعّتها ، إلّا أنها تصبح لاسعة جدا في أشد أيّام الصيف حرارة ، لم يتوقع أهالي المدينة أن تشتد الحرارة لهذه الدرجة ، بالرغم من أن بارتو أخبر الجميع بذلك للحذر ، فهو يعلم بأمر القمر الأحمر وتأثيره على العوالم وارتفاع درجات الحرارة ..

وهذا ما دفع الثلاثة للاجتماع في المنارة من جديد حيث الأجواء فيها كانت الأكثر لطافة ، وهكذا نسي الجميع أو تناسو مشاكل المدينة وضيق الميناء ، ورعونة العائلتين -مارتن والعمدة- وعادوا للنقاش من جديد في أمر الكتاب الأزرق لموزيريس وتشرا ، ورسائل سكان أرض الجحيم ، و باقي المخطوطات ..

يسأل بارتو صديقه جوسيا مفتتحا معه حديثا جانبيا :

" هل أغلقت مطعمك ؟ "

"نعم ، حتى نهاية هذا الأسبوع ، أثق بتوقعاتك بالنسبة للطقس "

" وأين سيذهب روبرت ، إنه يعمل عندك لأجل الطعام "

" روبرت لن يغادر المطعم ، ألم تعلم بوفاة جدته العمياء ، لم يعد هناك مكان ليذهب إليه الآن ، أصبح المطعم منزله ومكان عمله ، ولذلك سيتلقى أجرا مني ، لن يعمل بمقابل الطعام فقط "

يستدير فيليب ذي الرقعة قاطعا تأمله في البحر قائلا لصديقيه :

" لقد حذّرت البحّارة من الخوض في البحر للصيد أو السفر خوفا عليهم من ضربات الشمس ، لم يسبق لهذه المدينة أن تشهد ارتفاعا للحرارة لهذه الدرجة ! "
فأردف بارتو بثقة :

" نعم فالحرب أوشكت على الاحتدام يا صديقيّ ! "

علت ملامح الاستغراب وجهيهما ، ليبادر فيليب :

" أيّ حرب يا رجل ، ما الذي تعرفه ولا تبوح به ، هل علي الآن أن أجمع رجالي ورجال المدينة وحرس القصور!؟ أم عن ماذا تتحدث !؟ "

" بل حرب جبر ، بعد أربعة أيّام ستبدأ حرب عظيمة جدا ، فلقد تدمّرت دفاعات تشرا جميعها وأهمها موزيريس ولم يبق غيرها ، وجبر الآن يمتلك أسطولا بحريا من أعتى المقاتلين وأشدهم قوّة "

ثم ساد صمت استغراب وضياع ، بارتو يتكلم ، ولا شيء لديهما يضيفانه فقد غابا طويلا عن تلك الكتب منذ آخر مرة تناقشوا فيها جميعا ..

بينما شمس كديميس تحتدّ بالرغم من ذوبانها في المساء كحبة سكر مضيئة بكأس السماء أحمر اللون ، هنالك شمسان تنطفآن بعينين يشوب صفاؤهما حمرة العروق من الوهن ، ولكن هيهات لكائن حي أن يغيب حتى بالنوم أو فقدان الوعي ، لعلها تتجوّل بينهم في أحلامها الآن تبحث عنهم فقد أنهكت ..

" أعتذر إليكِ آريس أنا من أحضرك إلى هنا ، أرجوكِ آريس سامحيني .. سامحيني ! "

كان لوتش يقطع جذور القاع ويردد هذه العبارة بعمق الأسى الذي يشعره حيال سوء ما تسبب به ، كان يضع قناعا أخذه عن وجه حارس القفل الموكل بحراسة زنزانة آريس بعد أن قتله، وهكذا لم يتأثر من رائحة زهرة المحيط ، لم يبق حراس أو مالكي أقفال داخل الزنازين ، فقد قتل لوتش منهم اثنين ، واستدرج البقية ليدخلوا لزنازين الوحوش والمسوخ التي صنعوها تلك المتسعة جدا ، وأغلقها عليهم بعد أن اكتشفوا أمر هروبه واختبائه ، ولكنه أوقع بهم ، بقي عليه الآن الحذر من أن تصيبه أشواك جذور القاع كي لا يتخدّر فتلتهمه هو الآخر ، وأمسك بالسلاح وانكبّ يقطّعها بعنف ، وكأنها الطريقة الوحيدة للاعتذار ، وهي كذلك كما يجب أن تكون..

آريس الحورية الهاربةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن