عرس وحرب (4)

658 62 5
                                    

الشدِّة والاستمرار فيها ، هي كل ما يحتاجه الإنسان لينجو من حرب أو زفاف ، فالمعركة واحدة في كليهما ، يجعلانك إنسانا آخر ، أما الحرب فتمضي وتبقى جراحها ، وأما الزفاف فبداية استعدادك لتلقي المزيد من الجراح ..

يكاد فيليب ينقلب بكرسيّه المائل للخلف من شدّة الضحك ليقع على الأرض ، حيث يجتمع جميع الرجال كالعادة في مطعم جوسيا ، ويتناقلون حتى أحاديث نسائهم ، وقد انتشر خبر الفستان بالطبع للجميع ..

كان الثلاثة وبعض الرجال يجلسون على طاولة واحدة ، سحب فيليب من بارتو الكتاب مباغتة ، فشعر بارتو بالغضب ،وقام ليأخذه ، وبادر جوسيا بالفصل بينهما ، ليضحك الرجال عليهم ، فهم يتقاتلون بنفس الطريقة منذ ثلاثين عاما ، أجواء من الفرح كانت تعمّ المكان بعد تلك الحادثة اللتي أوقعت العائلتين في إحراج أمام الجميع ..

بينما كانت ماري تجلس بمنزلها لا تعرف هل تذهب لتواجه ماري بحدسها الذي يخبرها أنها هي من كانت السبب بتمزيق الفستان وليس الأطفال أم تنتظر فقط شحنة الحرير اللتي تستلمها مارجريت في كل عام أن تصل ، لتفسد القماش ، وعندها ستطرد مارلين من العمل ، هكذا كانت تفكر ببساطة ، أو أن تطرد العاملات جميعهن هذا لا يهم ، المهم أن ترد لها ما حدث ، وفي غمرة أفكارها سمعت من النافذة صوت سيّدتان يمتدحان عمل مارلين بالفستان ، وأنهما سيخيطان عندها جميع فساتينهن ، وعندها شعرت بسذاجة فكرة أن تطردها مارجريت من المشغل

يوم واحد تبقى ، السماء أرجوانية بالكامل الآن وغدا ستغدو حمراء كالدماء أو قدح خمر أحمر يسكر من ينظر إليها ويسلب القمر بتموجه عقولهم ليغدوا دون عقول..
وما زال صراع اليوتنهايم بزعامة الأوتغارت سكان أرض الجحيم وزعيمهم جبر مستمرا ، ضد الحوريات وضد استمرار القتل بذريعة القرابين للبحر الهائج حتى يهدأ ، والبحر إن هاج فلا قوة يمكن أن تهدأه إلا بإرادة من خلقه ..

تقفز تسو بعد أن فهمت الخطة لتحط على ظهر دنوا ، وتجمع مائيات الماوا حولها لتنقل إليهم الخطة ، ثم قفزوا جميعهن في البحر ، تحملن ثلاث مراسي ترتبط بسلاسل متينة أطرافها البعيدة تمسكها أقدام التنانين ، اتفق الماوا على تكتيك في اختبائهم ، نزل الجميع حتى قاع البحر البعيد ، افترشت كل واحدة رمل البحر وانغمست فيه بهدوء ، وأخذن بالتقدم كحركة الموج بتنسيق مطلق فيما بينهم ، كما يحدث في الطبيعة ، فكانت الحركة والصوت متناسقات مع البحر ، وبالتالي استطعن تخطي حاجز السانيت الأول بهدوء ، ثم حيتان المكانس ، أخذت تسو بتذكر الحسابات التي قام بها بينيت ليحدد مكان الحجر بالنسبة لقطر الدائرة التي تدور بها الحيتان ، نظرت للمكان الذي تعتقد بوجود الحجر فيه ، وأشارت للبقية بأن يتبعوها ، كان المكان بعيدا نوعا ما ، فالحيتان تدور حول المملكة بأكملها ، استمررن بالحركة مع المراسي ، وأخيرا وجدو ذلك الحجر على مكان قريب من سور المملكة ، وبالرغم من جذور القاع إلا أنها تكره حجارة الموجات المغناطيسية فتبدأ بالضمور حولها ، ساعد هذا الماوا على تثبيت المراسي أسفل الحجر ، وقلة الحراسة أيضا ، فلم يتوقع السانيت أن يعرف أحد ما هذا السر ، حرّكت الماوا السلاسل بالطريقة التي اتفقوا عليها ليعلنو انتهاء المهمة ، وتسلّقن الحجر الكبير جميعهن وتثبتن به ، عندها شعر قائدوا التناني بالحركة وأعطى قائدهم الإشارة لهم بالتراجع ليشدوا تلك السلاسل للخلف ، كان تحريكه أمرا صعبا بالبداية ، حتى تنبهت تسو لأربعة مقابض تحيط بالحجر الضخم ، تركت البقية وتوجهت لتفتح المقابض واحد تلو الآخر ، حتى آخر مقبض ، تريثت قليلا وأعطت للجميع إشارة الاستعداد ليتشبثوا جيدا ، ثم ضربت المقبض وتشبثت في الحبل القريب منها وعندها ارتفع الحجر فجأة وبسرعة كبيرة للأعلى ، وبعد لحظات من خروجه من الماء تناثرت الماوا يقفزن بمرح ويتوجّهن لدنوا بعدما تنبهت السانيت وحاولت اللحاق ببعضهن ، استمرت التنانين الثلاثة بالطيران لأبعد نقطة لتلقي بها ذلك الحجر بعيدا ، عادت السانيتات بعدما لاحظن تخبّط الحيتان وحالة الفوضى التي حدثت فجأة في صفوفهن ، أخذت السمكة تسبح مبتعدة خلف التنانين لتلحق بالحجر ، ولحقتها الحيتان ، مما دفع السانيت لمغادرة مواقعهن بسرعة لإعادة الحيتان ، وكان الأمر بالنسبة لهن مستحيلا ولكن لا يمكنهن ترك الحيتان تضيع في البحر إلى الأبد ..

وهكذا خلى المكان منهم دون مواجهة ، لم يتوقع أحدهم نجاح الخطة بهذه السرعة ، وفجأة ظهرت تانيا ولم يكن أحد قد لاحظ غيابها ، نظرت لآرتيس ثم لجبر وهو في أعلى السفينة دون أن تتفوّه بكلمة ، ثم تجرّأت للحديث متلعثمة :

" أ....أنا ف ....في مأزق "

آرتيس :

" ماذا هناك تكلّمي !؟ "

" آرتيس .. وأنتِ في مأزق أيضا "

" ماذا ؟ .. كيف ؟! "

جبر :

" تانيا ، ما الذي يحدث ، أخبريني "

" لم أشارك بمعركة غريبة مثل هذه من قبل ، جبر جيشي الذي أقوده ويكنّ لي الوفاء يحيط ببوابات المدينة الخارجية الآن ، كنت أخاف هذه اللحظة ، لا أريد أن أتسبب بأذية أصدقائي "

" ولماذا أكون أنا بمأزق أيضا !؟ "

" الموزيريسيين والهيوشيب يتمركزون عند مدخل المدينة وعلى المياه السطحية ، سنبدو كخائنتين "

" يا إلهي ! ، لم أتوقع حدوث هذا "

جبر :

" هذه ميزة سنستغلها "

صاحتا :

" ماذا ... كيف ؟ "

قفز جبر في الماء بعد أن طلب من الجميع انتظاره ليسوي الأمر معهن بخطة احترازية ، حتى يضمن حربا عادلة ..

مشى إلى داخل جزيرة دنوا ، وجلس تحت الشجرة التي يرتفع عليها كوخ آريس ويحدّها جدول ، وسبحتا بدورهما حتى وصلتا لهذا الجدول ، فيما انتشر حولهن تسو والماوا ، تتسع حدقاتهن بترقب ..
تنحنح جبر بداية ثم قال لهما :

" أخبراني ، لماذا تقاتلان لجانبنا ؟ "

" حتى أنقذ ابنتي من بطش الملك "

" حتى أنقذ لوتش، ونفسي من أن يعيدني الملك للسجن أو يقتلني "

" حسنا إذا ، أنتما تقران بسوء الملك ، ولكن هذا لا يكفي ، يجب أن نخبر الجميع بما نعرفه ، يجب أن يعرف الجميع ما يفعله الملك بهم ، ومن يصدقنا يجب أن ينضم إلينا في حربنا ومن لا يصدق فسيكون خصمنا باختياره "

"ولكن جبر ، أنت بشري وهذا ما سيمنعهم من التصديق "

" ألا تتذكرين أنني كشفت لكم كذبة مجلس الإدارة أمام الجميع يا آرتيس ، ذكري الموريزيسيين بذلك "

بينما كانت تانيا تطرق تفكر في الموضوع وما الذي ستقوله لتقنعهم ، كان علو التنانين قد بدا لحراس البوابات الخارجية لتشرا ليبدأوا بتجهيز السلاح الأول ، وهي المحارات الشيطانية ، ليطلقوها بأعداد كبيرة في البحر ، بأمر من " إفان " مساعد تانيا الأول والأكثر وفاءا لها! ..

بينما كان الملك قد أنهى كلماته من كتابه ونزل لموكبه من جديد ، ليتهادى بين المتواجدين بترانيمهم حتى غياب شمس الغد ..

وحتى الغد لن يعرف أحد ما ما الذي سيحدث ..

وهذا ما تمناه لوتش عندما شاهد مختبأ موكب والده من بعيد ، أن يحدث شيئ ما مثلا ، كأن يستطيع تخليص آريس أو حتى أن تستيقظ أو حتى أن تصل تانيا ومعها من يساعده ، وبخاصة أن المكان الآن امتلأ بالحراس الذين لم يرهم لوتش من قبل ولا يعرف عنهم شيئا ..

يتبــــــــــــــع

آراؤكم الجميلة💙 وتصويتكم💛

آريس الحورية الهاربةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن