ترائى لمارلين حلم.. وكأن جسدها توقف عن الغرق للإرتفاع للسطح اللذي تزينت زرقته بألوان الفجر، وكأن أنفاسها عادت للحياة من الموت.. وآخر ما كانت تتذكره صوت حيتان و دلافين تبتعد عنها، وعينين ذهبيتين تحدقان بوجهها عن قرب ثم تبتعدان لتختفي في سراب أبيض..
ثم استيقظت على صوت مجموعة من البحارة يتصارخون يتخالطها تمتمات نساء وبعض الأطفال، برفقة أبيها فيليب ذي الرقعة يجر زوجها داني وقد تمرغ بالرمال وشد وثاقه بحبل عريض..
هرولت والدة مارلين إليها وقد كانت آخر من وصل فتبقع وجهها بالأحمر، تتدافع أنفاسها القصيرة كزفرات ألم تلتقطها بصعوبة فلم يعتد جسدها الممتلئ على الركض منذ مدة طويلة، ودموعها لم تتوقف عن التساقط تباعا عندما رأت ابنتها ملقاة على الشاطئ، بين الموت والحياة، وقد أنقذها بعض البحارة ممن شاهدوها وهي تطفو في البحر على شيء ما ! ..
احتضنتها وهي تشعر بالندم، تلوم نفسها على الحال اللذي أوصلت له مارلين، وأخذت تتأكد من أنفاسها وهي تحمد الله أنها أنقذت قبل أن تغرق..
ضرب والد مارلين السيد فيليب ذا الرقعة عقب رأس داني بقوة وهو يصرخ فيه :-
- أردتما التخلص من ابنتي أنت وصديقتك تلك، لن تنجوان من العقاب يا زوج ابنتي الخائن، أين كان عقلي عندما وافقت النساء على تزويجكما..!
قال داني بتسرع مدافعا عن نفسه :-
* هي من رمت بنفسها بالبحر، فقد أوصلتها للمنزل وأمرتها بالصعود إليه.
أثارت كلماته هذه غضب السيد فيليب أكثر من ذي قبل، فصرخ فيه :-
- وتتركها وحيدة في منتصف الليل ! ! ، وأين ذهبت حينها لتترك مارلين وحدها بعد الزفاف.. ؟ !
ارتبك داني كثيرا وطأطأ رأسه ولم يعرف بماذا يجيب، فبادره السيد فيليب :-
- كنت مع تلك الروز تتسكع في المدينة ! وكأنك لم تتزوج للتو !
فلكزه بعصاه فوقع على وجهه وتمرغ بالرمال وأصابته بعض الجروح، أخذ يبصق تلك الرمال من فمه وقد اختلطت ببضع قطرات من الدماء ..
وطلب من بحارته التحفظ عليه لحين الإطمئنان على مصير ابنته، وبعدها حملتها النساء إلى بيت والديها وقد عاودتها حالة إغماء..
في حين أن روز كانت تشعر بالنصر تارة وبالخوف تارة أخرى، ولكن ماري كانت دائما موجودة لدعم تصرفاتها الرعناء، بتحليلاتها اللتي تفصلها بمقياس سعادة روز، فقالت لها بهدوء :-
- لا تخافي من أحد، إنهم مجرد بحارة وهواة..
ولكن روز لم تتفوه بكلمة وقد بدا عليها التوتر، فماذا سيفعل أبواها إن علما بشيء عند عودتهما من رحلة استيراد السكر..
فقالت لها ماري لتغير تفكيرها قليلا وترفع من معنوياتها :-
- لم أكن أعلم كم تحب مارلين داني، حتى ترمي نفسها بالبحر لأجله هكذا !..
* ظننت أنها تحب جبرا كما يشاع..
- لا يا عزيزتي، لا يقارن الثراء بالهراء !
أخذت روز وماري تضحكان . . وتزيدها ماري من النكات ، حتى إن اكتفيتا من الضحك وتحسن مزاج روز.. تذكرت وعدها لماري ، فأزالت عقدها الثمين من رقبتها وألبستها إياه ، وعينا ماري تبرقان، ثم قالت لها روز :-
*عليكي بتخليصي الآن من أن أقع بمشكلة أخرى مع أهالي كديميس، قبل أن يصل والداي.فقالت بثقة :-
- لا عليك، أنا رهن اشارتك سيدتي.علم والدا داني بما حدث، شعر والده بالخزي منه ثانية، ولكن والدته أخذت تنعت مارلين بشتى الألفاظ القذرة وأنها بكآبتها اللتي رسمتها على وجهها ليلة الزفاف جلبت الحظ السيء لمنزل العمدة، وشتمت البحارة وأهالي كديميس على تصرفهم مع ابنها..
فتجهزا سريعا للذهاب إلى بيت السيد فيليب لتخليص ابنهما، وحتى أن والدة داني أصرت على احضار مارلين أيضا بالرغم من حالتها ، فهي تريد الإنتقام لولدها بمعاملتها كخادمة لديها وإذلالها..كانت مارلين تصحو بصعوبة، فرحت والدتها بشدة لذلك، وكذلك النساء من حولها، فطلبت منها الإستناد لحين ذهابها لتحضر لها شيئا تأكله تتقوى منه قليلا..
كانت العجوز من بين النساء، فاتجهت نحو مارلين وطلبت إليهن مغادرة الغرفة حتى تنعم مارلين بالهدوء كما قالت لهن، وبعد خروجهن نظرت العجوز لمارلين وقالت لها :-
- قد تكون قد أنقذته !! ، كما أنقذتك أنت أيضا !
لقد أخرجتك من الأعماق حتى رآك البحارة..تفاجأت مارلين، ولكنها عادت تتذكر حلمها عند الغرق فقالت :-
* إذا لم يكن هذا حلما ! ، لقد أنقذتني حورية جبر ذات العينين الذهبيتين ! .. هل يمكن أن يكون جبر حي الآن ؟!، هل هو حي يرزق؟ !
ثم قفزت على السرير بركبتيها واحتضنت العجوز بقوة وهي تضحك بصوت عال وقد عادت إليها بعض من حيويتها المعتادة تشكرها بفرح وقوة وكأنها لم تصارع الموت قبل لحظات..!
فيما كان هناك صوت صراخ وعراك في الأسفل بين الأسرتين، ولكن مارلين لم تكترث، كان قد نما بقلبها أمل سعيد، ولم ترد تعكيره بالتفكير بشيء آخر.. غير أن جبر قد يكون حيا..
ولأول مرة تمنت مارلين لو أن آريس بجانبه الآن، عندها قد تراه ثانية يوما ما..!.وفي مكان بعيد في منتصف الأزرق المترامي، حيث تلتقي سماء الأفق بالبحر من كل الجهات.. كانت صدفة كبيرة الحجم تتسع في داخلها لخمسة أشخاص معا، مغلقة كأنها تحوي شيئا ما ثمينا للغاية، أو كأنها تحمي شيئا ما، تطفو بغرابة تحت أشعة شمس بدايات الربيع الباردة ، شيء ما يقرقع داخلها، يريد أن يخرج، ينظر بعينيه من داخلها للبحر، ثم يعاود دفعها محاولا الخروج !
آرائكم الجميلة 🌸 وتصويتكم 💛
أنت تقرأ
آريس الحورية الهاربة
Fantasíaدائما ما كان يحدث نفسه بها إنها شغفه كانت ولم تزل حتى إذا اعتادت مطاردته لها شعرت بالحنين وما بينه وبين البحر احتارت حتى اختارت العودة للهروب ولكنها ارتبطت في الغربة بشيء من نوع آخر فهل تعود؟