مراسم الدفن

529 52 7
                                    

قد تجبرنا المواقف الصعبة في كثير من الأحيان على التخلّي عن منطقنا في استخدام القوّة لننصاع طوعًا لمنطق الحكمة حتى ندرأ عنا وعمن نحب خطرا ما ..

كان رأس فيليب قد امتلأ بسيل من الأفكار المتلاطمة ، بين الخيبة والأمل ، وهل سيتمكّن جوليان من إيجاد ابنته حقا أم أنه لن يعود ، ولكنه تأخر ، جوليان تأخّر كثيرا هو ورجاله ، هل وجدها فارقت الحياة فهرب ، لا لا ، جرفت أفكاره تلك لبّ قلبه بين أمل يصل للسماء ، ويأس حتى قاع الأرض ..
ضاعت ليلته كاملة وهو يترقب ، حتى تمدد بالفراش ، وعينه تأبى الراحة ..

وبذات الوقت يتوجّه بارتولوميو عند الفجر قبل أن يبدأ الناس في كديميس بالصحو نحو بيت فيليب، يطرق الباب بقوة وبضربات متلاحقة من يده، ليدرك أنه ليس بمنزله فيتّجه نحو مطعم جوسيا ليجد روبرت مستيقظا ينظّف المدخل، فيسأله :

" صباح الخير روبرت، هل فيليب في الداخل؟ "

" نعم إنه في الطابق الثاني، انتظر على الطاولة هناك  سأناديه لك عمي بارتو "

" شكرا لك بني " 

دقائق ويخرج روبرت مُحرجا لبارتو ، وقبل أن يُنهي كلمته :

" عمي ، العم فيليب لا يريد مقابل...تك "

كان بارتولوميو قد دخل وصعد للدرج ينادي فيليب :

" هي استيقظ فيليب "

استيقظ فيليب وقد استشاط غضبا، فصاح فيه :

" هي أنت ، أنا لا أحادثك ولا أود ذلك .."

وعلى صوتهما استفاق جوسيا يُهدئ من غضب فيليب :

" على رسلك ، لماذا تصرخ ؟"

" انظر من جاءنا بهذا الوقت المبكّر "

" بارتو !، هل هناك خطب ما ؟ "

"وجدنا مارلين !"

" ماذا ؟ ،هل أنت جاد ؟ "

قالها وانتفض نحو ملابسه، وبارتو يحثّه على الإسراع قبل أن تستيقظ المدينة :

" هيّا ، ستعرف إن كنتُ جادّا أم لا، لم تعد تثق بي لأثبت لك ، غير أن ترى بعينك "

وانطلق ثلاثتهم نحو منزل بارتولوميو ، استقبلتهم مارجريت وقاد بارتو فيليب نحو غرفة الجدة التي قامت مارجريت بتهيئتها ووضع سرير آخر بها لمارلين ، كانت الجدة وجولي تعتنيان بها وتضعان مرهما معقّما على الجروح وهي تتألم غير واعية بمن حولها أو حتى مكانها..

دخل فيليب ذا الرقعة ، وعندما رآها تسمّر قليلا بمكانه وكأن ما يراه حلم ، ثم انتبه بأن ما تراه عينه هي فعلا ابنته ، فهبّ إليها يضمها ويبكي حتى أبكى صديقيه ومن كان موجودا بالغرفة ، نظر إليها قليلا ليتفحّص تلك الجروح والعلامات الزرقاء والهزال وتغيّر شكلها ليستشيط غضبا ويستدر نحو بارتو قائلا :

آريس الحورية الهاربةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن