هدنة السنين السبع ٥

394 42 1
                                    

تترابط الأحداث بسيّئها وجيّدها حتى تكوّن قصة ذات مغزىً في النهاية، فالعاقل لا يعيش القصة بالقدر الذي يبحث فيه عن المغزى، بينما الحمقى وقود أحداث بائدة لا يفهمون مغزاها ولا يفكرون فيها أبعد من ذلك..

لهذا يحاول بارتولوميو أن يفهم الحدث جيّدا، ويمحّص في النصوص أكثر من مرّة، مرارا وتكرارا، حتى نفذ منه صبر والده بينيت بسبب دخول جنود هوجا المدينة،. وخوفه من توجههم للمنارة، فصاح بابنه قائلا :

"هل ستتأخّر أكثر من ذلك، يجب علينا المغادرة لتأمين المنزل، الجنود ينتشرون وأنا لا أثق بهم"

ينظر بارتو من النافذة المتّسعة نحو منزله البعيد يتفحّص سلامته بسرعة ويجيب والده :

"أين سنخفي هذه الكُتب إذا؟!"

" لن يمسّها سوء، إنها كتب وهم أغبياء لن يعيروها اهتماما! "

" بل سيفعلون ولكن بطريق أخرى، سيحرقونها! "

" من قال لك ذلك؟! "

" التاريخ!، الأغبياء يخافون الأفكار والتغيير، وبالتالي هم يخافون الكتب فيعمدون دائما لحرقها، وربما حرق كتّابها أيضا! "

" إذا وماذا سنفعل الآن؟!، لن نحملها معنا بالطبع، ولن نتركها هنا أيضا!"

" ولكننا نستطيع إعادتها للمكان الذي كانت فيه قبلا "

" أين؟ "

" في الكهف المجاور للمنارة، في المكان الذي سقطت فيه سابقا لأجدها "

نظر بينيت للجهة المقابلة للمدينة في الناحية الصخرية من اللسان الذي يمتد نحو المنارة، ليجد مدخلا صغيرا بالفعل قريبا من الشاطئ، فقال لابنه :

" هذا جيّد، نستطيع أن نخبئها هناك في طريقنا للمنزل "

وبالفعل حملا الكتب بين ثيابهما واتجها للمغارة، كان المطر قد بدأ بالتساقط وكان الليل يزداد سوادا بتكاثف الغيوم، مما سهّل لهما الاختباء في المغارة دون أن يراهما أحد، ولكنهما اضطرا للبقاء فيها مع اشتداد المطر، ومن ناحية أخرى غادرت جيوش هوجا نحو أطراف المدينة قبل أن يفرضوا قوانينهم الجديدة عليها..

وهذا ما نبّه أهلها، فاتجهت مارجريت نحو مشغلها تاركة طفلها الصغير لدى الجدة، لتخبئ أقمشة الصوف والحرير والمعدات في مخزن تحت الأرض حتى لا يقوم الأعداء بإتلافه..

بينما كانت مارلين تتجه للكوخ لترى آريس، لمحت  جبرا فيه، فتراجعت وعزمت على العودة أو ربما التلصص على خيام الأعداء بالرغم من المطر الشديد، وبينما هي تتنقل بين البيوت، تصل للمشغل فتحس فيه بحركة لتدخل على الفور، لتتفاجأ بالسيّدة مارجريت توجّه إليها سلاحا وتصرخ بها :

" من أنت؟!،. ولماذا أنت هنا؟!"

فتزيح مارلين اللثام عن وجهها قائلة :

آريس الحورية الهاربةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن