تنبه أهل القرية لهبوب الرياح الشديد وخرجوا ليستعدوا للعاصفة، فبعض عواصف البحر إن هاجت لا تهدأ حتى تدمر...
فأخذوا يغلقون النوافذ ويثبتون سفنهم بالحبال ، ويضيئون المنارة تحسبا لأي طارئ، وعندما اشتدت العاصفة دق جرس الإنذار من الخطر في القرية..وأثناء ذلك كانت مارلين تدخل الحيوانات إلى حظائرها وتوصد الأبواب جيدا، وأثناء صعودها لباب منزلهم على الدرج تريد الدخول والإحتماء من العاصفة، أحست بأن طرف الشاطئ البعيد ينقصه شيئ ما، ولكنها أوصدت الباب بسرعه، وساعدت والدها في إشعال الموقد ثم تجمدت فجأة :-
يا إلهي !..
والدها فيليب متخوفا :
" ماذا هناك؟ هل نسيتي إغلاق الحظائر، ستطير الدجاجات!.. سيرى أهل كديمياس الدجاج يطير لأول مرة في حياتهم! "
تجاهلت مارلين كلام والدها وهي تتجه بسرعة للنافذة المطلة على الشاطئ،
فصاحت:
"أوه .. أبي !، هل انتبهت لهذا؟ سفينة جبر ليست على الشاطئ، ونوافذ بيته مفتوحة تطرقها الرياح وقد تكسر زجاجها..سمعتها والدتها ولقد ضاقت ذرعا بتعلق ابنتها بجبر فقالت لها :
" لعل الرياح حملت سفينته فذهب للبحث عنها، على كل حال، لا نستطيع فعل أي شيئ حتى تهدأ العاصفة، فمن الجنون أن نخرج في هذه الظروف، ثم إن جبر رجل قوي يتدبر أموره بنفسه، لا تحشري أنفك في حياته هكذا وعلى الدوام"
ثم أكملت حديثها الباقي مع نفسها وهي تخيط ثوبا أنيقا لزوجها لا يعلم أحد لما بدأت خياطته منذ مدة قصيرة، بصوت منخفض :
"يا إلهي كيف لها أن تلاحظ كل ذلك في هذه الظروف الصعبة.. "فيليب ذا الرقعة :
" فعلا يا ابنتي والدتك على حق، عندما تهدأ العاصفة نتدبر أمره إن كان يريد مساعدتنا في شيئ ما.."لم ترتح مارلين لهذا الوضع، صعدت إلى غرفتها في الطابق العلوي، واستمرت في مراقبة البحر والشاطئ علها ترى جبرا أو تطمئن عليه، فكانت الرياح قد حملت بتلات الورد الأحمر الذي قدمه جبر لآريس ليلة أمس ونثرتها على عتبة نافذة مارلين ٬ وتطاير بعضها الآخر في أنحاء قرية كيديماس..
أخذت مارلين تنظر إليها وهي تحدث نفسها قائلة:
" يا ترى ما الذي جرى ل جبر..؟! أين هو الآن؟!.. "
كانت سفينة جبر كالورقة تتقاذفها الأمواج وترمي بها وكأن البحر وحش كبير يلهو بها قبل أن يلتهمها، ولكن جبر لم ينتبه لكل ما يدور حوله، كانت فكرة فقدان آريس بعدما امسك بها تكاد تدفعه للجنون، كان يبحث عنها غير مدرك لمدى الخطر الذي يداهمه، كانت أخشاب السفينة التي تكسرت جراء ارتطام الأمواج، تتطاير مع الريح القوية وكأن السفينه تتلاشى في العاصفة، وجبر يمسك بالدفة في يد ويراقب البحر بمنظاره يبحث بإصرار، ولم يلحظ تلك الموجة الكبيرة التي ارتفعت فوق السفينة٬
لعله لم يدرك أنها ابتلعت سفينته..
لعله لم يدرك أنه يغرق.. !"كانت عاصفة هوجاء" قالت زوجة عمدة البلدة لوالدة مارلين زوجة السيد فيليب..
"نعم كانت كذلك لقد اقتلعت شجر الحديقة الخلفية للمنزل وتكسرت كثير من أسقف المنازل.."
أجابتها السيدة فيليب.." هل سمعت آخر الأخبار هذا الصباح؟.."
" عن ماذا؟! "
" لقد وجد البحارة بعض حطام سفينة جبر على الشاطئ، ولم يجدوا أثرا له في أي مكان..يقال أنه تبع حوريته، فغرق، لقد حذره البحارون من خطر الحوريات ولكنه لم يستجب.."
"يا إلهي! .. كم هو مسكين، عاش يتيما و وحيدا ومات وحيدا.. لعل هذا أفضل له.. "كانت مارلين تستمع لذلك وقد انقبض قلبها وخارت قواها، فصعدت باكية إلى غرفتها تضع يدها على فمها حتى لا يعلو صوت بكائها الحاد المرير.. حلم حياتها ابتلعته أمواج العاصفة..!
أكملت السيدة زوجة العمدة كلامها بأنه وكما اتفقتا سيخبران أزواجهما عن رغبة داني ابنها بالزواج من مارلين، بعد أن تهدأ الأمور، ولعل زوجة السيد فيليب انتهت من خياطة الملابس اللازمة لهذه المناسبة، وانتهت زوجة العمدة من ترتيب مراسم الزواج..
لن تضيع والدة مارلين هذه الفرصة الذهبية بالنسبة لها، فكان اختفاء جبر حدثا سعيدا سيساعدها في اقناع ابنتها بالقبول ب داني زوجا لها..في هذه الأثناء كان العم جوسيا يقف على شاطئ البحر، يتلاعب هوائه القوي ببنيته الضعيفة وكأنه قطعة قماش، يجلس بهدوء، يمسك بتلة ورد حائرة هدأت على سطح الماء، يرفعها إليه ويبتسم، ثم يأخذ نفسا عميقا ويدير ظهره عائدا لكرسيه ومكتبته..
ينظر إليه بعض البحارة باستغراب :" ألم تحزن على جبر، ما بك تبتسم..! "
فيقول باستهزاء :
"هه وما الذي حدث لجبر؟!. "و يخفض صوته قائلا :
" إنه بأحسن حال!.. "فيتجاهل البحارون كلماته، و يحزنون على حاله أكثر، لعله لم يستوعب هذه الصدمة، فقد كان جبر عزيزا عليه بمثابة ابنه، تولى رعايته مدة من الزمن بعد وفاة والديه، لعله لن يعرف الدموع قبل أن يشعر بفقده مع الزمن..
أقام أهل البلدة جنازة غيابية ل جبر، ارتدى جميعهم اللون الأسود فيها ورفعت أعلام سوداء على جميع السفن اللتي بناها لهم..
ما عدا العم جوسيا الذي كان غير مقتنع لما يقومون به ٬ بل استمر بركوب قاربه ليجمع حطام السفينة ويبحث عنها ٬حتى ذات يوم أعادها البحر على الشاطئ ٬ ليمضي هو أياما في إصلاح ما تلف منها ..كانت مارلين تبكي بحرقة ولم يتوقف حزنها حتى مع مرور الوقت.. حتى أصابها الضعف وتعبت ..
وبعد مرور أسبوع على هذه الحادثة..
يتبـــــــــــــــــــــع
آرائكم الجميلة 🌸 وتصويتكم 💛
أنت تقرأ
آريس الحورية الهاربة
Fantastikدائما ما كان يحدث نفسه بها إنها شغفه كانت ولم تزل حتى إذا اعتادت مطاردته لها شعرت بالحنين وما بينه وبين البحر احتارت حتى اختارت العودة للهروب ولكنها ارتبطت في الغربة بشيء من نوع آخر فهل تعود؟