عرس وحرب (3)

714 63 16
                                    

لا بد للأحداث الكبيرة أن يسبقها هدوء ممل ، هدوء يجعلك تظن أنه لن ينتهي ، هواء لا يشتد فلا يمكن أن تتوقع  حدوث عاصفة  ..

وأخيرا يوم الزفاف ! ، ذلك اليوم الذي قلب المدينة الساحلية رأسا على عقب ، امتنع القلة القليلة من البحارة بالإضافة لجوسيا وبارتو وفيليب ورجاله عن الحضور ، فقد تقرر إقامة الحفل في دار الأوبرا الجديدة كافتتاح لها ، وتزيّنت ساحتها ذات المساحة الشاسعه بالقماش الأحمر وزهور القرنفل الأبيض التي تزين الأعراس بها  كرمز للوفاء ، تقترب أمواج البحر على طول تلك المساحة تلامسها وتتراجع لتضفي على زينة المكان رونقا أزرقا وصفاء ممزوجا بعبث النوارس التي تطير فوقه تارة وتقف  على أعمدة الإنارة تارة أخرى ..

وفيما تمسك ماري رباط الخصر لفستان زفاف روز وتشده لتربطه ،وسط مجموعة من الفتيات المدعوات لتجهيز العروس ، وجميع الخادمات اللاتي تجمّعن حولها يهذبن أظافرها ، أطراف فستانها ، يسرّحن شعرها ، يحملن مجوهراتها ،وبابتسامة انتصار تنظر روز لعيني ماري على انعكاس المرآة لتشاركها تلك السعادة إثر كلمات إعجاب من الفتيات تطايرت لسمعهما لتبتسما معا ، وتقف بهيبة الفستان الرائع وأحجاره الثمينة الذي خاطته مارلين ، تنتظر وصول الموكب ..

كانت مارلين تحضر مفاجأة لروز ، لتقلب فيها حفل زفافها كما حصل لحفلها القديم تلك هي خطتها ، وهذا الانتقام في نظرها ليس بدافع الغيرة ولكنه رد اعتبار لا أكثر، تسلية ، وكسر لغرور تلك الروز وصديقتها المتذاكية ماري ..
ولكنها لم تنس إخاطة فستان لها من قماش مميّز بلون زمرّدي أهدته مارجريت كمكافأة لها على عملها المذهل لفستان الزفاف ، وكذلك باقي العاملات خطن لهن فساتين جميلة استعدادا للحفل ..

أما عائلة العمدة وداني ، فقد فرضت روز مارتن نوعا معيّنا من البدل ليرتديه داني ، تلافيا لتركه لذوقه الرديء في الملابس ، كتلك البدلة التي ارتداها عندما تزوج المرة الأولى ، كانت والدته أيضا تقلّد بدقة والدة روز ، إلا أن حجمها كان لا يناسب نوعية هذه الملابس ،ولكنها أصرت على ارتدائها لتبدو وكأنها حشرت فيها عنوة ، وبدا مظهرها مبالغا فيه للغاية ومضحكا أيضا ، فيما بقي العمدة على حاله لم يغيّر في طريقته شيئا ..

كان الطريق البري للمدينة مهملا حتى قلت الملاحة ، فاضطر العمدة لتمهيده ، وهكذا استطاع المدعوون من الأشخاص المهمين في المدن البعيدة الوصول بعربات خيولهم لمكان الحفل ، دار الأوبرا ، وعندما اكتظ الحضور بدأ العزف لموسيقى الزفاف ، حتى وصلت عربة العرس الفارهة الملونة بالأبيض والذهبي ، والمزيّنة بالورود والقماش ، تجرّها ستة خيول بيضاء ..

اصطف جميع الحضور على ضفتين استعدادا لنزول العروس ، كان نزولها يتطلب تكتيكا ما ، بحيث تستطيع حشر قفص الفستان الدائري في باب العربة للخروج ، دون أن يرتفع للأعلى فتتعرض للإحراج ، وعندها نزلت والدتها وماري والخادمات لمساعدتها ولفرد باقي القماش الطويل الذي تجره بالخلف حتى لايعلق و يتمزق ، وما إن خرجت حتى نكز العمدة ولده داني ليتحرك ليستقبل عروسه للرقص ، تحرك داني وأمسك بيدها ، كانت قد شعرت بالغرور من فخامة فستانها الرائع ، وأخذت تؤدي رقصتها مع داني وهي تفكر فقط في إغاظة الجميع وخاصة مارلين ، وهي ترمقها بنظرات احتقار ، فعليا تجاهلت داني بشدة ، حتى أنه أخذ يبالغ بحركاته يحاول أن يجذب انتباهها ، فبديا كالديوك في ساحة قتال ..

آريس الحورية الهاربةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن